قطاع الحمامات التقليدية قطاع اجتماعي محض يرجع إلى قدم التاريخ المغربي. وكانت أغلب الحمامات التقليدية تابعة لوزارة الأوقاف حيث لا تكاد تجد حماما إلا وبجانبه مسجدا، لتعلق المغاربة بالطهارة والنظافة ولارتباط الوضوء بالصلاة. والمعروف على أصحاب الحمامات أنهم يجمعون في الغالب بين الأجر والأجرة، حيث أن نسبة كبيرة من الفئة المعوزة وأئمة المساجد والمؤذنين والأطفال الصغار يلجون الحمام بدون مقابل. وكانت وزارة الأوقاف المغربية تساهم في هذا العمل الإحساني، حيث كانت تزود الحمامات بالحطب والماء، إلا أن هذه الأخيرة أقلعت عن هذه العادة وأبدلتها بزيادة في السومة الكرائية كل سنتين أو ثلاث سنوات. الحمامات في المغرب تنقسم إلى أقسام عدة، قسم تابع لوزارة الأوقاف وقسم مكترى من طرف الخواص وقسم آخر أصحابه استثمروا فيه استثمارات كبيرة، والجميع يعاني من تغير ثقافة الاستحمام أسبوعيا التي كانت اعتاد عليها المغاربة فأصبحت شهريا أو أكثر، وهذا في فصل الشتاء، أما في فصل الصيف والذي قد يمتد في بعض المناطق إلى أكثر من ستة شهور، فغالبا ما يفضل أصحاب الحمامات الإغلاق لقلة رواده ونذرة المستحمين. وانضافت إلى هذا الواقع المر لأرباب الحمامات، أزمة جائحة كورونا والتي امتثل فيها القطاع للقرار الحكومي بإغلاق الحمامات، والذي صادف فترة الشتاء التي تنتعش فيها شيئا ما حركة الحمامات، وانطلاقا من الدور الوطني والاجتماعي لأرباب الحمامات منذ القدم تعاملوا مع الحدث بصدر رحب وصبر، رغم كل الإكراهات التي يعاني منها القطاع بصمت وامتثال تام. لكن مع كامل الأسف فإننا نرى قطاعات أخرى تنادي بدعمها مع أن القطاع الأول في الوطن الذي يستحق الدعم هو قطاع الحمامات التقليدية. وباستثناء الاستجابة المولوية من صاحب الجلالة المنصور بالله والناظر الأول للأوقاف بإعفاء كل الأكرية التابعة للأوقاف في هذه الفترة ومن ضمنها الحمامات، يبقى المكتري من الخواص في حيرة وعجز كبيرين عن كيفية التعامل مع الملاك الخواص والضرائب والصوائر التي يتطلبها الحمام وهو مغلق، لذلك فرجاؤنا كبير في حكومة صاحب الجلالة أن تعطي اهتماما خاصا لهذا المرفق الحيوي حتى لا ينهار والسلام.