لا يجد الكوبل “أبو ندى” والجزار مول الشيكات بدون رصيد حسن لطيف أو سعيد السالمي حسب هويته المستعارة أي حرج ولا تأفف وهما يرددان نفس التقييمات الانطباعية المغلوطة، ويروجان لذات الأكاذيب والافتراءات الموحى بها همسًا في الكواليس والصالونات المخملية، وكأنهما “كورال إعلامي” ينشد بلسان واحد، ويعزف على إيقاع متماثل، مقطوعة وأهازيج مبتذلة تتغنى بالجنيه الإسترليني مقابل تصريف حروب بالوكالة ضد مؤسسات الدولة وموظفيها. فليس اعتباطًا ولا من قبيل الصدفة أن يكتب “أبو ندى” في موقعه الإخباري مقالة متحاملة عن واقعة سرقة ساعات ملكية، ويكتب بالتزامن مع ذلك حسن لطيف على حائطه الفايسبوكي تعليقا مماثلا بنفس الحمولة المتحاملة، وبنفس الاستيهامات والانطباعات المغرضة. وحتى إن افترضنا جدلا بأن عبث الصدفة بمقدوره أن يخلق تقاربا عرضيا في السياق الزمني بين المقالة الأولى والتدوينة الثانية، فإنه من المستبعد، إن لم يكن مستحيلا، أن تدفع الصدفة هذا الكورال الإعلامي المذكور لارتكاب نفس الأخطاء وذات الانزلاقات المتعمدة، ما لم يكونا “ينقلان”، بالمدلول العامي للكلمة، أو ينهلان من محبرة واحدة هي حتما محبرة “المداد الأزرق القاتم”. فالزميل “أبو ندى” جزم في مقالته الاتهامية (وليس الإخبارية) بأن قضية سرقة المنقولات الملكية عرفت تواطؤ رجال أمن برتبة ضباط للشرطة، مستعملا صيغة الجمع، مع تحميل إدارتهم المسؤولية المرفقية عن الخطأ الشخصي المرتكب، قبل أن يرجع له رنين الصدى “الجزار” حسن لطيف، الذي زعم بأن هؤلاء الثلة من الضباط ليسوا مسؤولين فقط عن فعل السرقة موضوع التدوينة، بل اعتبرهم إفرازا أو نتيجة حتمية لما اعتبرها ظاهرة “بولسة” المغرب. والحقيقة أن الركن المادي لفعل السرقة موضوع هذه الهجمة المتزامنة والمؤدى عنها لم يتورط في اقترافه أو المشاركة في اقترافه أي موظف أو ضباط للأمن، يشرح مصدر قريب من سير التحقيقات، إذ أن الضابط الموقوف على ذمة هذه القضية تمت متابعته من أجل جنحة إفشاء السر المهني وليس من أجل المساهمة أو المشاركة في التنفيذ المادي للسرقة كما يزعم بذلك الكوبل المحسوب على الأمير الأزرق. كما أن سجلات القضية والتقارير الإعلامية تتحدث عن متابعة ضابط بصيغة المفرد وليس الجمع، كما يدعي ذلك –تهويلا-فريق الكورال الإعلامي. ولم تكن هذه هي الزلات الوحيدة المقترفة على مذبح المهنية الصحفية المفترى عليها، بل انبرى الصحفي أبو ندى ومن خلفه “المأموم المأجور” يرددان معًا مزاعم جديدة مؤداها بأن تورط هؤلاء “الضباط” في فعل السرقة يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى فعالية المراقبة الأمنية بالإقامات الملكية؟ ومبدئيا، هذه التساؤلات غير البريئة لا تحتاج لكثير من النباهة والحدس لتعرف بأنها نابعة من تحامل ثابت وراسخ، ومن إيعاز مبطن من وراء الكواليس، ضد الشرطة والشرطيين. ولعلّ هذا ما جعل الكورال الإعلامي ينساق بسرعة ولا يكترث لمعطى مهم في القضية! وهو أن الضابط الموقوف لا يشتغل نهائيا في منظومة الحماية المقربة، ولا يتبع إداريا لمصالح الأمن بالرباط القريبة من مكان اقتراف السرقة المصرح بها، وإنما يشتغل بمصلحة إدارية بالجنوب المغربي، وأن مستوى وحجم تورطه في القضية راجع لإفشائه أسرارا مهنية ليس لها علاقة مباشرة بجسم الجريمة. ونبرة التحامل المؤدى عنه في كلام هذا الكورال الإعلامي لا تحتاج لميكروسكوب دقيق لرصدها، ولا لمنظار لتكبير الصورة أو لتطبيق معلوماتي لقراءة ما بين السطور أو خلف الأرقام، فقد تعمدا معا القيام بإسقاطات متطابقة بين وقائع بعيدة ومتباينة، تتقاطع في شيء واحد هو استهداف الشرطة والشرطيين. فالصحفي “أبو ندى” أصر على العودة لقضية سيارات الشرطيين بمعبر باب سبتة، متكلما عنها بصيغة الجزم، والحال أنها كانت مجرد اتهامات جاءت على لسان المهربين أنفسهم، وليست خلاصات اللجنة البرلمانية. كما أن مصدر أمني كان قد عقّب على هذه القضية بتصريحه “بأن عدد موظفي الشرطة العاملين بمعبر باب سبتة لم يسبق له أن ناهز أو وصل لعدد السيارات التي أوردها المهربون أو العاملون في مجال التهريب في تصريحاتهم خلال الزيارة البرلمانية”. ويبقى اللافت في كل المحتويات التي ينشرها هذا الكورال الإعلامي المأجور، الذي يقبل على نفسه الانخراط في عملية (الدبلجة) نيابة عمن يحركه من خلف الظهر ومن أسفل الخاصرة، هو فسح المجال لصحافة التنجيم والتكهن بما هو آت أو بما يدور خلف الأسوار البعيدة والمحروسة. فالجزار حسن لطيف يزعم هذه المرة بأنه ينتظر تقريرا طبيا مطبوعا بالسرية القصوى، وقبل ذلك ادعى أنه اطّلع على ما دار بين الجالس على العرش ومدير الاستخبارات الداخلية الفرنسية في لقاء خاص وفي مكان سري، وهو ما يجعلنا أمام مفارقتين: إما أن الأمر يتعلق بشخص واهم يتوهم قراءة الفناجين ومطالعة أكف العرافات، أو أننا أمام ” كاميكاز إعلامي” اختار خوض الحروب الخاطئة نيابة عن ذاك الذي يقدم نفسه دائما بأنه عليم خبير بالكواليس وبما يدور بين “المشاورية”. وكملاحظة أخيرة، ليست لها علاقة بصحافة التنجيم، وهي أن فرض تطبيق القانون والقطع مع حالات فوضى التدوين الافتراضي ونشر المحتويات المسيئة للأشخاص والمؤسسات لا تجعل من الشرطي عدوا للمجتمع، ولا تسجي المجتمع بوسم “الدولة البوليسية” كما يمعنون في الترويج. كما أن تقديم شرطي أمام العدالة بسبب انزلاق شخصي لا يرتب بأي شكل من الأشكال مسؤولية باقي الشرطيين والأمنيين، لسبب بسيط هو أن التشريع الإلهي والقانون الوضعي يتحدثان معا عن شخصية المسؤولية والعقوبة، فالأول قضى صراحة بأنه ” لا تزر وازرة وزر أخرى”، والثاني يقرر مسؤولية الشخص عن أفعاله إلا في حالات استثنائية ضيقة مثل حالة الفاعل المعنوي المنصوص عليها في المادة 131 من القانون الجنائي المغربي. وكنصيحة أخيرة لمول الشيكات سعيد السالمي أو حسن لطيف كما هو مضمن في الهوية الأصلية، فعندما تلتقط منشرحا صورة شخصية مع الأمير الأزرق في أفخم المطاعم، يستحسن عدم ترك فاتورة الأداء بالقرب من الداعم أو المحتضن الرسمي، لأن هذا يعطي انطباعا بأن “لحم أكتافك أو أردافك من خيرو”، وبأنه هو الذي يتولى أداء فواتير الإعاشة وتسديد نفقات الحروب الإعلامية بالوكالة. أما الزميل أبو ندى فلا يحتاج منا للنصيحة، لأنها لن تجد معه نفعا، لأنه كلما نظر في كراسات ابنته وفي مراسلات الجامعة إلا وظهر له جليا طيف الأمير الأزرق، باعتباره الداعم الرئيسي والمحتكر الوحيد لعقد التمويل الدراسي. ولنا عودة مسهبة لهذا الموضوع.