صدر مؤخرا كتاب للفيلسوف الكندي (ألان دونو) بعنوان «Mediocratie»، أو نظام التفاهة. كتاب طار حول العالم محمولاً بأقلام الغرب ونقاده، بحثاً عن الأسباب التي جعلت التافهين يمسكون بمواقع القرار في العالم، سياسياً، واقتصادياً. وفي هذا الكتاب يؤكد دونو أن “التافهين قد حسموا المعركة، من دون اجتياح “الباستيل”، في إشارة إلى الثورة الفرنسية، و”لا حريق الرايخشتاج (البرلمان الألمانى)”، في إشارة إلى صعود هتلر في ألمانيا حيث ربح التافهون الحرب وسيطروا على عالمنا وباتوا يحكمونه. ويذكر الكتاب “كيف يشجع نظامُ التفاهة على تمكين اللاعبين ذوي القدرات المتوسطة والمتواضعة والشعبوية على القبول بالعيش والانغماس في الاستهلاك والتكيف مع الأقانيم الكبرى للرأسمالية، نظام التفاهة يحض على أن تسلم بالفردانية والأنانية وأن تنسى حكاية الاستغلال والاستلاب، نظام التفاهة يجبرك أن تقيس كل شيء بالمال وأن تصرف القيم الإنسانية بالعملة، نظام التفاهة يرسخ في ذهن العامة أن تُسلم بالأسس الكبرى للاستغلال الرأسمالي وللاستلاب”. ويشير “دونو” في مؤلفه إلى أن “التفاهة هي مرحلة من مراحل تطور النظام الرأسمالي الاحتكاري؛ إذ تحولت فيه المهنة إلى وظيفة لتضمن لك البقاء فقط على وجه الأرض، ويسترسل أن “التفاهة هي أن يعمل العامل عشر ساعات في مصنع السيارات دون أن يستطيع إصلاح عطل بسيط في سيارته، وينتج العامل الزراعي غداء لا يستطيع شراءه، وتبيع كتبا ومجلات ولا تستطيع قراءة سطر واحد، إذ أصبح العمل تغريبيا وتشيئيا كما صورة الفكاهي الشهير “شارلي شابلن” في مجلة الأزمنة الحديثة”. ويرى الكاتب أن “الأمر يتعلق ب”ثورة تخديرية”، تدعو إلى الوسطية التي تعني التفكير برخاوة ورمي القناعات في القمامة لنصبح كائنات طيعة يسهل اقتيادها ومبادلتها أو ركنها جانبا، داعيا الناس أن يتخذوا دائما مواقف في الوسط، وأن يفكروا برخاوة، وأن يضعوا قناعاتهم في جيوبهم حتى يصيروا كائنات، مجرد قطع غيار يسهل جمعها في علب، كما ينبغي لهم وفق هذه الأيديولوجيا الليبرالية الجديدة، أن لا يغيروا شيئا من موضعه، ولا أن يبتكروا أدنى شيء قد يشكك في النظام الاقتصادي والاجتماعي القائم”.