ماريا.غ لا أحد كان يتوقع أن يسير في جنازة العالم والمفكر المغربي المهدي المنجرة إلا قلقة قليلة من أصدقائه وطلبته وعائلته، ففي الوقت الدي فضل بنكيران والداودي وأوريد وبلكوش وحرزني تسجيل الحضور ولو على هامش المسيرة، أختار بعض المثقفين ورجال السياسة الدين عاشروا المهدي الاستمتاع بقيلولة عنوانها العريض “دعه يسير دعه يرحل”. فوزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي مشغول بمعاركه الداخلية والخارجية، ليس له جزء من الثانية لتوديع من أشرف على الإذاعة الوطنية مند سنة1958، ووزير الثقافة لا يعترف بالمثقفين وبثقافتهم ولا يهم أن من يولد ومن يموت غدا، وزعماء الأحزاب منهمكة في التفكير بصراعاتها الداخلية. ومع دالك لا بد من الاعتراف أن الرجل مهما وصل درجة الاختلاف معه يبقى باحثا مفكرا وعالم المستقبليات المغربي، الذي ألقى محاضراته في أرقى الجامعات العالمية من اليابان وآسيا، مروراً عبر أوروبا ووصولاً إلى أمريكا، محاضراته بالمغرب تكتسي طابع الحدث حيث تستقطب الآلاف، رحل بعد معاناة طويلة مع مرض "البار كينسون”. رحل العالم الجليل، بعد مسيرة علمية مشرفة، ساهم خلالها في تأسيس أول أكاديمية لعلم المستقبليات، وترأس خلال أربعين سنة أكبر معهد للأبحاث المستقبلية والاستراتيجية في العالم، ويعتبر أكبر خبير مستقبليات على مستوى العالم، ما تولى عمادة الجامعات اليابانية في التسعينات، وتولى رئاسة لجان وضع مخططات تعليمية لعدة دول أوروبية. واشتهر بكونه المؤلف الذي نفذت طبعة كتاب له في اليوم الأول من صدورها، واعتبرت كتبه الأكثر مبيعا في فرنسا ما بين 1980 و1990. ألف الراحل المهدي المنجرة كتب في القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية، ويهتم بالخصوص بقضايا الحقوق والعولمة والقيم والاستراتيجيات والتنمية وثنائية التطور والتخلف. ألف بالعربية والفرنسية والإنجليزية واليابانية. وهو العالم الشهير الذي تنبأ بقدوم الربيع العربي في وقت كان يبدو فيه للكثيرين ضربا من الخيال. لم يحظ الراحل يوما بما يستحقه من تقدير، على الرغم من قيمته الفكرية وتوجهاته النضالية الشريفة التي جعلته مطلبا عزيزا لجامعات عالمية في فرنسا والولايات المتحدةواليابان وألمانيا، كما أن كتبه حققت ولوقت طويل أرقاما قياسية في المبيعات.