قالت أمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إننا “اليوم نفتح أفقا جديدا بالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، جديدا من حيث نمط اختيار الأعضاء، جديدا من حيث ما يوكله القانون إلى المجلس من اختصاصات أوسع وما يطرحه عليه من تحديات كبرى ومتجددة، جديدا كذلك بالنظر إلى مستجدات وأدوات تسيير مالي وإداري ومحاسباتي خاضع للمراقبة من المؤسسات التشريعية والدستورية”. وأضافت بوعياش في كلمة لها بمناسبة افتتاح الدورة الأولى للجمعية العامة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمس السبت، إننا “نطلق إذن مرحلة تأسيسية حاسمة بجدول أعمال مكثف، ونتطلع صادقين إلى أن تحدث منهجية التأسيس، كما سنقدمها ونساهم فيها جميعا، ومنعطفا نوعيا، داعما لاستراتيجية عملنا، ومنهجية تعتمد على مفهوم فعلية حقوق الإنسان أي على ترجمة مبادئ حقوق الإنسان وقيمها إلى واقع عملي”. وأكدت بوعياش أنه “لقد جاء اعتماد فعلية الحقوق effectivité de droit بناءا على اختيار استراتيجي واع لذاته ولغايته، ففعلية الحقوق والحريات لا يقتصر على مساءلة القوانين وتقييم قدرتها على تغيير الواقع وتيسير ولوج المواطنين إلى الحقوق والحريات الأساسية وحسب، بل أن يولي كذلك العوامل الغير القانونية extra juridique وخاصة منها العوامل المرتبطة بالشروط السوسيو اقتصادية والثقافية والبيئية المتعلقة بخلق الثروة وتوزيعها”. فالأمر يتعلق، والحق يقال، تضيف ذات المتحدثة، ب”مسؤولية مشتركة في إعمال مقاربتنا الخليقة بمؤسستنا الوطنية هذه، والتي تتوخى الانكباب على قضايا حقوق الإنسان ودراستها ومعالجتها، ضمن مقاربة قائمة أساسا على استقلالية الرأي، المهنية والموضوعية في تكييف الانتهاكات والحياد والنزاهة في التعبير عن المواقف، مع التزام واجب التحفظ والحفاظ على السر المهني”، مشيرة إلى أن هذه “القواعد يتضمنها ميثاق أخلاقيات المجلس، الملحق بمشروع النظام الداخلي”. وشدد بوعياش على أن “سبع سنوات إذن، بعد تصويت المغاربة على دستورهم، الذي ارتقى بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى مؤسسة دستورية، تم اعتماد القانون الجديد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان من قبل البرلمان في فبراير 2018، قانون منح للمؤسسة صلاحيات جديدة ووسع مجال اشتغالها وأحدث لديها آليات وطنية”. وزادت رئيسة المجلس أن “التحدي الرئيسي، الذي يجب أن يرفعه المجلس، يقع في قلب التحديات التي تواجه بلادنا،في مجال تفعيل الديمقراطية ودولة القانون، ويتجلى في إحداث آليات فعالة تتفاعل مع جميع المتدخلين،بما تتيح إعمال الحقوق وتجسيدها على أرض الواقع بحيث ينعكس تفعيلها على حياة كل مواطنة ومواطن”. مؤكدة على أن “ضمان هذه الفعلية يحتم علينا العمل، بشكل موازي ومتوازن، على ملاءمة القوانين مع المقتضيات الدستورية والاتفاقيات الدولية، بما يؤمن فعلية الحقوق بالمجال العام كما هو الشأن بالنسبة لتدبير الحق في التظاهر مثلا، وفي المجال الخاص، عندما يتعلق الأمر مثلا بالحريات الفردية وما يتصل بها”. مشيرة إلى أن “الأمر يحتاج بالضرورة إلى التأكيد، من جديد وفي كل حين، على أن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة، فليست هناك حقوق فردية وأخرى جماعية، بل هناك حقوق الإنسان وحسب”. والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، باعتباره مؤسسة مستقلة ذات ولاية شاملة في مجال حقوق الإنسان ببلدنا، تقول بوعياش، مدعو الأداء دور كبير ومحوري في البحث عن الحلول المبتكرة لقضايا المجتمع المغربي، ونؤكد على الدور الكبير والمحوري للمجلس، لأن الفجوة بين الجهود المبذولة والنتائج الملموسة لا تزال كبيرة، وأسبابها متعددة ومتنوعة، لكن من الواضح أن ضعف التفاعل والتواصل والتنسيق بين مختلف المتدخلين أدى إلى تدبير غير متماسك وغير متناغم وغير فعال. ويعتزم المجلس الوطني لحقوق الإنسان المساهمة بفعالية في هذا النقاش والدفاع، كما أعلنت عن ذلك في 12 يوليوز، تؤكد بوعياش، عن مقاربة تشاركية تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المجالية لكل منطقة وتضع المواطنات والمواطنين في قلب دينامية مبتكرة ومثمرة تقود إلى تعاقد اجتماعي جديد؛ يعتمد مبادئ توجيهية ثلاثة: تعزيز الحريات بما لا يخل بالمساواة والعدالة، سواء كان ذلك في مجال الاستثمار، أو النقاش أو الرأي، أو تقديم الملتمسات أو تأسيس الجمعيات أوالانتماء إليها؛ واحترام سيادة القانون، وتعزيز بالتالي ثقافة حقوق الإنسان؛ وترسيخ قواعد الحكامة الجيدة، باعتبارها مرتكز لتعزيز فعلية الحقوق والنهوض بالتنمية الإنسانية المندمجة،وضمانة للإنصاف والعدالة والاستدامة ولكونها تستند على الحقوق لا على الحاجيات”. وأوضح المتحدثة ذاتها، أن “المجلس سيعمل لا سيما من خلال لجانه الجهوية لحقوق الإنسان على تعزيز العمل مع المواطنات والمواطنين وتوفير فضاء لهم لممارسة حقوقهم، فمهامنا المتعلقة بالوقاية من الانتهاكات وحماية حقوق الإنسان والنهوض بها تملي علينا من دون شك العمل بكل مسؤولية،وبشكل يراعي التنوع الذي تنعم به بلادنا والسياق الفريد الذي يميزه، مع الوعي التام بمتطلبات توطيد دولة والقانون”. واختتمت بوعياش كلمتها بالقول “إننا، نسعى إلى أفق حقوقي جديد، أساسه التزام أخلاقي ومسؤولية قانونية ومحركه فعل يومي لدعم ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان… بكلمة، نسعى إلى وبأن يكون المجلس ضمير دولة الحق والقانون”.