نشرت عضوة البرلمان الأوروبي “كاتي بيري” (Kati Piri)، هولندية الجنسية، على حسابها في تويتر، خبرا مفاده أن أحمد الزفزافي، والد ناصر الزفزافي المعتقل على خلفية حراك الريف، دعا في شريط فيديو باللهجة الريفية إلى التصويت بكثافة لفائدتها، خلال انتخابات البرلمان الأوروبي التي ستجري يوم 26 ماي الجاري. لا ندري ما هي علاقة أحمد الزفزافي بانتخابات البرلمان الأوروبي، ولا ما هي علاقته ببرلمانية ذات جنسية هولندية،ولا ما هو وزن هذا الرجل المتقاعد الذي قضى كل حياته في المملكة المغربية، ولا مدى تأثيره على الجالية المغربية وسكان هولندا المنحدرين من الريف. كما لم يكشف لنا أحمد الزفزافي عن سر اختياره “كاتي بيري” دون غيرها، ومن جهتها لم تكشف هذه الأخيرة بدورها عن سر هذا العشق الذي خرج فجأة للوجود عبر الشبكة العنكبوتية. لكن إذا ظهر السبب، بطل العجب! فالنائبة “كاتي بيري” هي “فران وقاد بحومة”،كما يقول المغاربة، وهي تعرف جيدا من أين تؤكل الكتف. فهي لم تبخل خلال الأشهر الاخيرة بمساندتها لمعتقلي حراك الريف، وعلى رأسهم ناصر الزفزافي. وعملت على تسهيل عملية جمع التبرعات المالية لفائدة أحمد الزفزافي، في أفق حصد استثمارها هذا خلال الانتخابات الأوروبية حيث تعول على أصوات الريفيين المقيمين بالديار الهولندية كي تحتفظ بمقعدها بستراسبورغ. إذن فلا شيء لوجه الله، ولا في سبيل حقوق الانسان. أما أحمد الزفزافي، فبعد أن ذاق حلاوة الأورو على حساب ابنه السجين ورفاقه، شعر بأن ساعة رد الدين للنائبة المحترمة قد دقت، وهب يحشر أنفه في انتخابات أوروبية لا تعنيه مبدئيا، اللهم إن كان إعادة انتخاب “كاتي بيري” سيضمن له جني المزيد من الإعانات والمساعدات الأوروبية. الخلاصة أن العلاقة بين أحمد و “كاتي” تحكمها مصالح شخصية متبادلة، ولا تمت لحقوق الانسان بصلة ولا هم يحزنون، يجزم أحد المراقبين المتتبعين لملف معتقلي الحسيمة. في يوم 4 ماي الجاري، انعقد في مدينة “أنفيرس” (Anvers) البلجيكية لقاء حول حراك الريف ومعتقليه، شاركت فيه فعاليات حقوقية، وبرلماني بلجيكي، وعضوة البرلمان الاوروبي “كاثلين فان بريمت”، ذات الجنسية البلجيكية، والمرشحة كذلك لانتخابات 26 ماي. وشارك في هذا النقاش عبر البث بالفيديو أحمد رضى بنشمسي، مدير التواصل لمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط لمنظمة “يومان رايتس واتش” التي يتواجد مقرها بالولايات المتحدةالامريكية. وعوض أن يتحلى بنشمسي بالموضوعية ويلتزم بالحياد الذي تتغنى به منظمته، زعم أن حراك الريف كان سلميا من ألفه حتى يائه، وأن رجال الأمن هم من زرعوا الفتنة واعتدوا على المتظاهرين السلميين، في حين أن عشرات أشرطة الفيديو التي لاتزال على اليوتوب والمواقع الاجتماعية تكذب ادعاءات مؤسس أسبوعية “تيل كيل” التي باعها بنشمسي بحوالي 800 مليون سنتيم ولم يظهر لها أثر في المغرب. ممثل يومان رايتس واتش زعم أن حراك الريف يدخل في إطار حركة “ارحل” التي عاشتها المنطقة منذ ثمانية أعوام، في حين أن معتقلي الريف أنفسهم وعائلاتهم يشددون على أن مطالبهم كانت اقتصادية واجتماعية ولا علاقة لها ب”ارحل”. وهنا يكمن بيت القصيد. لأن هدف مشاركة بنشمسي في النقاش ليس هو مصير معتقلي الريف الذي اتخذه فقط كمطية لتمرير مواقف سياسية نيابة عن ولي نعمته الأمير مولاي هشام، الذي لم يكف عن الحلم بخلافة ابن عمه الملك محمد السادس. فمع اقتراب احتفال المغاربة بعيد العرش، شرع مولاي هشام، كعادته، في “تسخين الطرح”، إذ صار يطل علينا منذ أيام عبر صفحته الفايسبوكية، مرتديا جلباب المثقف الكبير، والمحاضر في ندوات بجامعات أمريكية حول مستقبل المنطقة، جاهلا أن المغاربة يدركون أن المشاركة في هذه اللقاءات يؤدي فيها المشارك ثمنا باهضا لالقاء كلمته. نتنمنى أن تهدأ النفوس، ويعم المنطق، ويتصالح كل المغاربة فيما بينهم، لقطع الطريق عن مثل هؤلاء و عن كل الانتهازيين، الذين يتخذون من مآسي الآخرين، ومن النضال، مطية لتحقيق أهداف ذاتية سخيفة.