نظمت الجماعة القروية محاميد الغزلان، نهاية الأسبوع، أمسية فنية غنائية تراثية على إيقاعات الموسيقى الإفريقية، في إطار فعاليات المهرجان الدولي للرحل، المنظم من 4 إلى 6 أبريل الجاري. وأمتع فنانون دوليون مرموقون قدموا من الجزائروالكونغو، إلى جانب فنانين مبدعين من أبناء امحاميد الغزلان، جل المواظبين على هذا الموعد الموسيقي الدولي، من خلال تقديم توليفة جمعت بين الأغاني المستمدة من القائمة الغنية للموسيقى الأمازيغية والإفريقية الممزوجة بالتأثيرات الحسانية، وبإيقاعات موسيقى البلوز والطوارق. وكانت الكلمة الأولى لمجموعات أولاد امحاميد المحلية “أجيال امحاميد الغزلان”، التي اهتزت لها المنصة الكبرى، بالقرب من إعدادية امحاميد الغزلان، حيث أدت أروع القطع الموسيقية وأبهى أبيات الشعر الحساني، وذلك من خلال الجمع بين الآلات الموسيقية التقليدية والحديثة، مرفوقة برقصات صحراوية أدتها المجموعة ببراعة، مرتدية لباسا تقليديا مزينا بالمجوهرات المميزة لهذه الربوع من المملكة. من جهتها، استطاعت مجموعة باليه ليزيبا، ذات الإيقاعات المفعمة بالحيوية، التي قدمت من الكونغو للمشاركة في هذه التظاهرة الفنية، أن تحول برودة الأجواء الليلية التي تطبع بوابة الصحراء، خلال هذه الأيام، إلى لهب وشعلة متقدة، بعدما دفعت مئات النساء والرجال والشباب الحاضرين، إلى تحريك أجسادهم والرقص على أنغام وترانيم موسيقية بديعة إفريقية. وكانت هذه المنصة، أيضا، على موعد مع المغني الملتزم الأمازيغي، ملال، الذي شارك في إحياء حفل اليوم الثاني من فعاليات المهرجان، حيث تمكن من انتزاع عشرات الزغاريد من النساء الأمازيغيات الصحراويات وتصفيقات الجماهير التي حجت من مختلف أنحاء العالم، بفضل أدائه لعدة أغاني أمازيغية تراثية تعد طبقا ومادة رئيسية لا يخلو منها عرس أمازيغي. بعد ذلك، استلمت المشعل الأيقونة حسنة البشارية، أو سيزاريا إيفورا الجزائرية كما يسميها محيبيها، أسطورة الديفا الحافية، ذات الصوت العميق والهادئ، التي تعد أول امرأة ولجت مجال الموسيقى الكناوية التي تتسم بكونها حكرا على الرجال، حيث أدت، مرتدية اللباس التقليدي الصحراوي، باقة منتقاة بعناية ألهبت بها حماس الجمهور خلال ليلة “كناوية” صحراوية حسانية. وإذا كانت المنصات قد خصصت للاستمتاع بسحر الأنغام الموسيقية المتلاقحة، فإن فضاءات المحاميد قد احتضنت معارض للمنتوجات المحلية والصناعة التقليدية المغربية والأنشطة التقليدية لرحل الصحراء، بما في ذلك فقرات لتحضير خبز الرمال الذي يطلق عليه تسمية “ميلا” إلى جانب عرض لكيفية نصب خيام الرحل. من جهة ثانية، لا تزال ساكنة امحاميد الغزلان وزوارها الأوفياء على موعد، خلال اليوم الأخير من المهرجان، مع عدة أنشطة فنية وثقافية وتقليدية، تنظمها إدارة كل من المهرجان الدولي للرحل والموسم السنوي للولي الشيخ سيدي ناجي، مثل فنون الخشبة وسباق الإبل وهوكي الرمال، علاوة على أطباق موسيقية عالمية بنكهات مختلفة، تفتح أمام الجمهور نوافذ لاكتشاف تقاليد وعادات الأجداد وفنونهم الغنية. ويعد المهرجان الدولي للرحل، المنظم بتعاون مع المجلس الإقليمي لزاكورة ووزارة الثقافة من رابع إلى سادس أبريل الجاري، الأول من نوعه في الجنوب المغربي، ويشكل منذ 16 سنة مرجعا دوليا في مجال التنوع الثقافي والانفتاح على العالم.