قال محمد صالح التامك إن “اللقاء الوطني لفائدة السجينات” يروم تسليط الضوء على واقع مقاربة النوع داخل المؤسسات السجنية، وكذا استشراف السبل الكفيلة لتعزيز هذا الخيار الاستراتيجي الذي تبنته المندوبية العامة من خلال عقد جلستين، الأولى حول “دور السياسات العمومية في مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي”، والثانية ستحاول الإجابة على السؤال التالي: “أي خطة للارتقاء بواقع المرأة السجنية”. وأضاف التامك في كلمته باللقاء الذي عقد بالسجن المحلي عين السبع 2 بالدار البيضاء، اليوم الثلاثاء، أن هذا الملتقى يندرج بالإضافة إلى برامج تأهيلية إدماجيه أخرى ضمن مقاربة مندمجة أعدتها المندوبية العامة تروم تهييء نزيلات ونزلاء المؤسسات السجنية بجميع فئاتهم للإدماج بعد الإفراج من خلال تثمين قدراتهم المكتسبة وتمكينهم من مهارات نوعية تساعدهم على التفاعل بشكل إيجابي مع مستجدات الحياة اليومية. وأكد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أنه تماشيا مع السياسة الحكومية الرامية إلى إحلال المرأة المكانة التي تستحقها في المجتمع، أولت المندوبية العامة أهمية خاصة للنزيلات ضمن مخططها الاستراتيجي من خلال المحور المتعلق بالنوع والهشاشة، حيث راعت في برامجها وضعية النزيلة باعتبارها تندرج في إطار الفئات الهشة التي تستلزم عناية خاصة، ترتكز على رؤية مختلفة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات المرتبطة بها كامرأة أولا ووضعيتها رهن الاعتقال ثانيا؛ مما يستدعي اعتماد برامج نوعية تعد بما يكفي من الاحترافية والتخصص، سواء تعلق الأمر بالدعم النفسي والاجتماعي أو بالتهييء لإعادة الإدماج. وكشف التامك أن المندوبية عملت على وضع برامج نوعية تراعي خصوصية المرأة النزيلة وتنهل من باقي البرامج التي يستفيد منها باقي النزلاء، وهي على سبيل الذكر لا الحصر، رغم كون نسبة النزيلات من مجموع الساكنة السجنية لا تتجاوز 2.4%، كالبرنامج الوطني للمسابقات الثقافية والرياضية والدينية. خلال سنة 2018 شمل هذا البرنامج 16 مسابقة خاصة بالنزيلات كمسابقة الطبخ ومسابقة الأشغال الفنية اليدوية ومسابقة كرة اليد وكرة السلة والكرة الطائرة وكرة الطاولة، بالإضافة إلى مسابقات في الموسيقى والشعر والزجل وغيرها. وقد بلغ العدد التراكمي للنزيلات المشاركات 5356. وأوضح التامك، أن نزيلات السجن المحلي الأوداية بمراكش فزن بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للمسرح في نسخته الثانية الذي نظم بالسجن المحلي بطنجة خلال يومي 17 و18 أكتوبر 2018، وفازت نزيلة بالجائزة الوطنية للقصة القصيرة خلال فعاليات المسابقة الوطنية للكتابة الأدبية الذي نظم بالسجن المحلي بتطوان خلال يومي 25 و26 يوليوز 2018، وهما مسابقتان يتم تنظيمهما سنويا لفائدة الذكور والإناث على حد سواء. وتابع التامك، أن برنامج الجامعة في السجون، والذي عرفت دوراته الخمسة السابقة مشاركة وازنة للنزيلات المتابعات لدراستهن بالتعليم العالي واللواتي أظهرن عن علو كعبهن في الحوار والنقاش إلى جانب نظرائهن من الطلبة الذكور. وقد بلغت نسبة مشاركات النزيلات خلال الدورة الأخيرة من برنامج الجامع بالسجون 7% من المجموع العام لفئة النساء. هذا، فضلا عن انخراطهن في برامج التعليم والتكوين ومحو الأمية بشكل فعال، مما مكنهن من الانتقال من وضع كن فيه قلة إلى وضع التساوي مع النزلاء الذكور، بل وإلى التفوق العددي عليهم، إذ انتقلت نسبة استفادتهن من هاته البرامج إلى %70 من مجموع النزيلات خلال الثلاث السنوات الأخيرة. وأشار التامك إلى أن المؤسسات السجنية تأوي معتقلات مرفقات بأطفالهن، بلغ عددهن 74 إلى غاية متم شهر شتنبر 2018. اعتبارا لذلك، بادرت المندوبية العامة إلى إحداث دارين للأمهات بكل من السجن المحلي عين السبع 2 بالدارالبيضاء والسجن المحلي الأوداية بمراكش، روعي في تصميمهما المصلحة الفضلى للطفل والتخفيف من وطأة ومظاهر السجن، بحيث تشملان مرافق تضمن السلامة والصحة لفائدة النزيلات الحوامل والمرفقات بأطفالهن. كما أن الغرف الخاصة بالإيواء بهما مجهزة بأسرة خاصة بالأم وأخرى خاصة بالطفل، بالإضافة إلى مرفق صحي مخصص للاستحمام اليومي يستجيب للحاجيات الخاصة للطفل والأم. ولكي تتمكن هذه الفئة من النزيلات من الحصول على وجبات بمواصفات خاصة، فإن دار الأمهات تتوفر على غرفة لتسخين الأكل ومتطلبات الرضاعة وثلاجة لحفظ الطعام وعلى روض خاص بالأطفال مجهز بلعب للصغار إلى غاية الخمس سنوات المقررة قانونا لبقاء الطفل إلى جانب أمه النزيلة، يضيف التامك. كما تحرص المندوبية العامة على إحاطة الأطفال المرافقين لأمهاتهم بالرعاية الواجبة والملائمة لحاجياتهم التربوية والنفسية. أما فيما يتعلق بالرعاية الصحية؛ فقد عملت المندوبية العامة إلى غاية 30 أكتوبر 2018، يشير المتحدث، على تنظيم أزيد من 360 حملة طبية في تخصصات متعددة بلغ عدد المستفيدات منها 5078، منها التخصصات الخاصة كداء السل وسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم وداء فقدان المناعة المكتسبة، بالإضافة إلى حملات تحسيسية من أجل محاربة التدخين والوقاية من الأمراض الجلدية المعدية وغيرها. وشدد التامك على أن هاته المنجزات والنتائج ما كانت لتتحقق لولا الجهود التي تبذلها موظفات المؤسسات السجنية من أجل الحفاظ على سلامة وأمن النزيلات وعلى حسن تنزيل برامج التأهيل للإدماج وعلى عنايتهن بوضعية النزيلات الحوامل والمرفقات بأطفالهن خلال فترة الاعتقال. وخلص ذات المتحدث، إلى أن مقاربة النوع ظلت حاضرة ضمن برامج المندوبية العامة واستراتيجيتها، لذلك عملت على إعداد دراسة علمية هذه السنة حول وضعية المرأة داخل المؤسسات السجنية، من أجل إجراء تشخيص موضوعي حول راهنية منظور النوع بالمنظومة السجنية بالمغرب. وقد اتضح بناء على نتائج وخلاصات هذه الدراسة ضرورة وضع وبلورة المحاور الاستراتيجية للإدماج الأفقي لمقاربة النوع الاجتماعي داخل المؤسسات السجنية، ووضع خطة عمل لمواكبة تعزيز الإنصاف بين الجنسين بغاية مأسسة مقاربة النوع ضمن التدبير الإداري للمندوبية العامة على جميع المستويات، وتعزيز قدرات الموظفات والنزيلات؛ وإعطاء الأولوية للمقاربة المبنية على حقوق الإنسان من خلال الحد من جميع أنواع العنف التي تمس النزيلات وأطفالهن والموظفات.