مرة أخرى، وبسبب المعلومات الخاطئة التي يتم ترويجها بالمغرب وخارجه، أصدرت منظمة “هيومان رايتس ووتش” تقريرا حول محاكمة معتقلي “حراك” منطقة الحسيمة. وإذا كان تقرير المنظمة الدولية يتضمن ادعاءات مجحفة ومبالغ فيها، فإن الحقيقة التي لا يمكن حجبها هي أن أسباب التغليط الذي وقعت فيه المنظمة المذكورة ناتج بالأساس عن سبات المنظمات الحقوقية في المغرب، وعن جمود وتواطؤ المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي يترأسه إدريس اليزمي. وكان اليزمي قد أصدر في صيف 2017 تقريرا مشابها لتقرير منظمة “هيومان رايتس ووتش” يتضمن مغالطات كثيرة حول الأوضاع الجسدية والنفسية لبعض معتقلي «الحراك»، إلا أن النيابة العامة رفضته وقدمت الدلائل الكاملة بأن الآثار الجسدية لا صلة لها بمرحلة التحقيق التي خضع لها المعتقلون. ووصف آنذاك اليزمي تقريره بغير النهائي وأعطى وعدا للمغاربة بإصدار تقرير نهائي، إلا أنه وبعد مرور حوالي سنة ونصف، لم يف إدريس اليزمي بوعده، وصارت المنظمات الدولية وبعض الدول الغربية ترتكز على تقريره المغلوط لتصدر أحكاما بدورها مغلوطة بخصوص حراك الريف ووضعية حقوق الإنسان بالمغرب. أما التقرير السنوي لمجلس اليزمي فقد التزم الصمت حيال هذه النقطة بالذات، قبل أن يخرج إدريس اليزمي بوعد عرقوبي لإنجاز تقرير مفصل حول ما سماه المسلسل القضائي لمحاكمة معتقلي الريف، إلا أن هذا التقرير دخل مرحلة شابها تماطل كبير إلى أن لفه النسيان الذي يبدو متعمدا، في وقت يخيم الصمت المطبق على بناية المجلس الذي يحصل على تمويله من ميزانية الدولة. فتقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش” يقول إن معتقلي الريف تعرضوا للتعذيب حسب تصريحاتهم، وإن أي تحقيق لم يفتح حول هذا الموضوع، علما أن مجلس اليزمي هو المعني الأول بهذه النقطة. ويتابع تقرير “هيومان رايتس” ادعاءاته ومنها أن ما يفوق خمسين معتقلا أدلوا باعترافاتهم داخل مصلحة الشرطة القضائية، تحت الضغط وبدون قراءة المحاضر. كما يقول هذا التقرير إن 21 معتقلا ذكروا في تصريحاتهم لأعضاء المنظمة بأنهم تعرضوا لتهديدات باغتصابهم أو اغتصاب زوجاتهم أو بناتهم القاصرات، وأن الذي وجه إليهم هذه التهديدات هم رجال الشرطة. كما يضيف التقرير بأن 17 معتقلا كشفوا بأنهم تعرضوا للتعنيف الجسدي أثناء مرحلة التحقيق، وبأن المحكمة تجاهلت فحوصات الأطباء المعينين من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والتي أثبتت وجود آثار للتعذيب على 9 معتقلين بما سبب لهم تداعيات وضغوطات نفسية حادة.ويستنتج تقرير المنظمة الدولية بأن عدة ممارسات لوحظت أثناء المحاكمة، أفقدتها الضمانات بأن تكون محاكمة منصفة. الغريب أن قائد حراك الريف ناصر الزفزافي، الذي أصبح علامة تجارية لعائلته ولبعض تجار حقوق الإنسان، كان قد صرح أنه لم يخضع لأي نوع من التعذيب ولا سوء المعاملة أثناء التحقيق، قبل أن يتراجع عن أقواله تحت تأثير المتاجرين في حقوق الإنسان. والأغرب أن ما تقوله المنظمة بشأن تهديد الشرطة ل21 من المعتقلين باغتصاب زوجاتهم وبناتهم القاصرات هو دليل صارخ على كون تقريرها مليء بالمزاعم والكذب، ذلك أن معتقلا واحدا فقط هو أب لفتاتين صغيرتين، أما باقي المصرحين فكلهم تتراوح أعمارهم بين 21 و27 سنة، وغير متزوجين أو ليس لهم أبناء، فمن أين فرخت منظمة “هيومن رايتس ووتش” هذه الفتيات القاصرات والزوجات المحتملات، هل أغدق عليهم أحمد بنشمسي أو عبد العزيز النويضي بنساء وفتيات أثناء الزيارة التي قاما بها إليهم. إن هذه الملاحظات تؤكد أن تقرير المنظمة الدولية تافه ومردود عليه، بل إنه مجرد سفاهة وأضغات أحلام، إذ كيف لمنظمة أن تزعم أن محضر الاستماع لكل متهم يتكون من 200 صفحة، والحالة هذه أن بارون المخدرات الكولومبي بابلو إسكوبار، الذي قتل في ظرف سنتين أزيد من ألف شرطي وشخصية سياسية، لم يسجل له محضر مماثل، والأدهى من ذلك، أن من إجل إنجاز محضر بهذا العدد من الصفحات فهذا يستلزم شهرا تقريبا من الحراسة النظرية وليس أربعة أيّام فقط. وبعملية حسابية بسيطة، فإذا كان كل معتقل يتطلب محضرا من 200 صفحة، وأخذنا بعين الاعتبار عدد المعتقلين الذي يناهز 60 فردا كانوا في ضيافة الفرقة الوطنية، فإن عدد محاضر الاستماع سيصل في هذه الحالة إلى 12000 صفحة دون احتساب محاضر الحجز والتعرف والضحايا والانتقالات والمحجوزات، وغير ذلك، وهذا دليل قاطع أن ما تدعيه المنظمة الحقوقية مجرد هراء. وكخلاصة استنتاجية لكل ما أوردناه، فالمؤكد أن مثل هذه التقارير لا تتوفر على الضمانات الكاملة بأن تكون منصفة، لأنها مجرد تجميع لتصريحات أشخاص متحاملين، ومنهم على الخصوص النويضي ورضى بنشمسي المعروفين بالتطاول على وطنهم بمختلف الاتهامات والادعاءات. فكيف لمنظمة تدعي الموضوعية والحياد، أن تعتمد في تحقيقاتها على أشخاص همهم الوحيد هو تلفيق التهم للمغرب؟ لذا لم يكتبوا حرفا واحدا عن الاعتداءات التي تعرضت لها القوات العمومية، ولا عن تدمير الممتلكات الخاصة والعمومية التي ارتكبها المتظاهرون. وكان الأجدر ب”هيومن رايتس” إرسالهم إلى دول أخرى غير المغرب، واعتماد مبعوثين إلى المغرب معروفين بتحفظهم وموضوعيتهم. ولكن الخلاصة الحقيقية التي لن نمل من تأكيدها في كل دفاعاتنا عن الوطن وصورته وسمعته، هي أن خيانة الوطن تبدأ من أولئك الذين لا يقومون بمهامهم الكاملة، ويكتفون بالسفر عبر العالم في الدرجات الفخمة للطائرات، غير مكترثين بالإساءة التي تلحق بالوطن. وبالتالي، فنحن نؤكد أن هؤلاء الأشخاص يساهمون في تلطيخ صورة بلادهم بأموال الخزينة العامة للمملكة. إن الأقلام التي تكتب صباح مساء دفاعا عن الوطن، وأحيانا بدون الإشارة إلى أسماء كاتبيها، تؤكد تجرد هؤلاء الوطنيين من مشاعر الوصولية، وموقعنا الإلكتروني “برلمان.كوم” يبادر إلى نشرها إنصافا لهم، ودعما لوطنيتهم. ولكن هؤلاء المدافعين الذين ما فتئوا يؤكدون منذ أكثر من سنتين، على أن العبث بملفات حقوق الإنسان ينطلق من بوابة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومن بعض المنظمات الحقوقية المتطاولة، ومع ذلك فالدولة لم تحرك ساكنا تجاه المسؤول الأول داخل مؤسسة تتلقى ميزانيتها من أموال الدولة، وكأن المعنيين يقولون لهؤلاء المدافعين عن قضايا وطنهم، “ولمن تعاودوا زبوركم في وادي لا ماء ولا حياة فيه…عاودوا لراسكم”. بقي سؤال واحد هل الأمر يتعلق بمؤامرة مشتركة ضد صورة الوطن، تنخرط فيها جهات مغربية، تعمل لدى هذه المنظمات، بدعم من جهات عمومية، ولربما جهات أخرى؟ وحده الله يعلم، ولكننا لن نلوذ بالصمت أبدا. وبالدارجة المغربية: إدريس اليزمي طلع قافز؛ واكل شارب وسايح في العالم، جبهة وراحة وتبراع، باش يدير تقرير نقلاتو عليه منظمة “هيومن رايتس” باش تسوط المغرب. أما “هيومن راتس ووتش” ها حنا غا نشوفو التقارير اللي غا تديرها على البوليس والقضاء والسجن الفرنسي إثر ما حصل مع أصحاب السترات الصفر..