منذ أن أكد الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب لهذه السنة، على قضية تشغيل الشباب، وتركيز جلالته على ضرورة معالجة إشكالية الملاءمة بين التكوين المهني والشغل، لم تحرك الحكومة ساكنا وكأن الأمر لا يعنيها في شيء. والحقيقة أن الملك وجه الحكومة إلى مباشرة ما طلبه منها بشكل لا يقبل التأجيل، غير أنها تقاعست واختارت التماطل، ولم تبادر إلى وضع مخطط لتطوير مناهج التكوين المهني وملاءمته مع متطلبات سوق الشغل؛ ما جعل الملك يتدخل بشكل مباشر، ويرأس جلسة عمل خصصت لتأهيل عرض التكوين المهني، وتنويع وتثمين المهن، وتحديث المناهج البيداغوجية، وذلك يوم فاتح أكتوبر الماضي. ولأن الملك يقدر أهمية الزمن، وقيمته في التعامل مع القضايا التي تهم المواطنين، فقد حدد الملك لرئيس الحكومة واللجنة التي أوكل إليها مهمة إعداد المشروع أجلا لا يتعدى 3 أسابيع، وهي مهلة كافية لتنجز المطلوب منها، لأن الحكومة من المفروض أن تكون لديها رؤية واضحة في هذا الشأن، سيما وهي تتوفر على قطاع مشرف على التكوين المهني، إلى جانب المكتب الوطني للتكوين المهني وإنعاش الشغل. الطامة الكبرى، هي أن اللجنة لم تنجز ما دعاها الملك إلى إنجازه في الوقت المحدد، ليتقدم رئيس الحكومة بالتماس يطلب من خلاله مهلة إضافية، علما أن مهلة ال3 أسابيع تم الأخذ بعين الاعتبار في تحديدها الفترة الفاصلة بين 29 يوليوز وفاتح أكتوبر من السنة الجارية. ورغم هذا الخرق للمهلة، فقد استجاب الملك لملتمس رئيس الحكومة، الذي طلب فيه مهلة قصيرة من أجل استكمال المهمة المنوطة باللجنة. والحالة هذه فإن المهلة القصيرة ينبغي أن تخضع في القياس الزمني ل3 أسابيع التي منحت في المهلة الأولى، وهو ما يعني أن لا تتعدى أسبوعا أو أسبوعين على أكبر تقدير. الآن، وبعد أن تجاوزت اللجنة الشهر عن المهلة الثانية التي منحت لها، فهل للحكومة أن تخرج عن صمتها وتوضح أسباب فشلها في إنجاز ما طلبه منها الملك، بعد أن أبانت عن تقاعسها، وعدم تقديرها لأهمية الزمن الذي ينبغي أن تكون أكثر حرصا على تدبيره؟ وهل يتعلق الأمر بضعف الوزير سعيد أمزازي وكاتب الدولة محمد الغراس المشرفين على القطاع، وعدم قدرتهما على إعداد خطة النهوض بالتكوين المهني وفق ما طلبه الملك؟ أم أن الأمر يرجع إلى ضعف شخصية رئيس الحكومة وافتقاده للكاريزما المطلوبة؟ أم أن غياب التنسيق بين الوزارات المعنية بالخطة، وبين القطاع الحكومي المعني والمكتب الوطني للتكوين المهني وإنعاش الشغل الذي تشرف عليه لبنى اطريشة هو الذي أوصلهم إلى هذه النتيجة؟ ومهما تكن الأسباب الكامنة وراء هذا التأخير المرفوض والمخل بالالتزام أمام الملك، وأمام المواطنين، فإن النتيجة هي ما ينبغي أن يعتد بها في هذه الحالة. والأكيد أن ما أبانت عنه الحكومة هنا من اللامبالاة واللامسؤولية سيكون له ما قبله وبعده.