قبل خمس سنوات عن إصداره لكتاب “المغرب-الجزائر: الحذر المتبادل” في طبعته الفرنسية عن دار النشر الفرنسية “لارماتون”، قال الطيب دكار، مدير الإعلام سابقا لوكالة المغرب العربي للأنباء والخبير في الشؤون المغاربية، “أعتقد وأنا أتابع منذ ذلك التاريخ وكعادتي، تطور العلاقات المغربية-الجزائرية، أنه يبقى في صلب الأحداث الراهنة، وأن جميع التحاليل التي أدليت بها في النسخة الفرنسية، تبقى من جهتها قائمة”. وأضاف الطيب دكار “سبق لي أن قلت بأن تطبيع العلاقات بين المغرب والجزائر يبقى رهينا بتسوية جميع النزاعات بين البلدين بدءا بالتطبيق الدقيق لاتفاقية ترسيم الحدود وتصفية جميع المشاكل العالقة”، مشيرا إلى أن تاريخ العلاقات بين البلدين عرف عدة أزمات كادت أكثر من مرة، أن تعصف بالآمال الضئيلة في التطبيع، الذي لم يستمر إلا أربع سنوات تزامنت مع نهاية عهدة الرئيس الشاذلي من جديد. فكل الآمال التي كان بعض المغاربة يعقدونها في انتخاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، يضيف المتحدث، تبخرت واندثرت. بعد أن كان المغاربة ينظرون إليه كشاهد على مسؤولية بلده الكاملة في المأساة التي تعرفها العلاقات بين البلدين منذ زمن بعيد. وذكر دكار أن “بوتفليقة هو من وقع جميع الاتفاقيات بين البلدين وهو من صرح لوكالة المغرب العربي للأنباء في يوليوز 1975 في مطار الرباط بأن الجزائر لا ناقة ولا جمل لها في الصحراء”. أين نحن من هذا التصريح؟”. واعتبر أن هذا التطبيع لا يعني بالضرورة، من وجهة نظره، بناء صرح اتحاد مغاربي متين ومتماسك، لأن تحقيق هذا المبتغى يظل بالنسبة له مشروطا ومرتبطا بل ولصيقا بمدى التزام الدول المغاربية باحترام مبادئ حقوق الإنسان في منظورها العالمي، وتطبيق الديمقراطية في بعدها الكلي والكامل، وكذا احترام حرية التعبير والرأي. وأكد دكار “عندما تنخرط دول المغرب الكبير في هذا المسار والتوجه، سيكون آنذاك سهلا إعادة بناء صرح مغاربي على أسس ولبنات صلبة تضمن له الاستمرارية والبقاء”. مشددا على أن النهج الذي اتبعه الاتحاد المغاربي في شكله وصيغته وتركيبته الحالية، كان سيؤدى حتما إلى فشل ذريع. وأرجع ذلك إلى “تشبث الجزائر وإلى غاية الوقت الراهن، بمواقف تعود إلى سبعينيات القرن الماضي في ما يخص قضية الصحراء، انصياعا ل”النيف الجزائري” أي الأنفة أكثر منه للواقعية السياسية، علما أن أنانيتها ومواصلة تمسكها بمبدإ تقرير مصير ما يسمى ب”الشعب الصحراوي” لم يعد ليقتنع به أحد بمن في ذلك المسؤولون الجزائريون أنفسهم”. وأعلن دكار أن “مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يمنح فرصة للجزائر للتخلص من هذا الإرث الثقيل للنظام الجزائري السابق، الذي يتحمل مسؤولية خطيرة وقصوى، يجب شجبها علانية، في التفرقة والعداء والكراهية بين بلدينا، في ظل التغيرات السياسية والإيديولوجية الجهوية والدولية الشاملة”. ولذلك، فالوضع في الصحراء يقول دكار “سيبقى متوترا وسوف يعرف تصعيدا خطيرا قد يشكل سابقة منذ 1975، إذا ما أقدمت الجزائر على نقل اللاجئين المتواجدين في ضواحي تندوف إلى ما وراء جدار الدفاع المغربي، للتخلص من هذا الإرث الثقيل للنظام الجزائري القديم، الذي لم يكن لديه في البداية تصور أو رؤيا واضحة للحلول المحتملة إذا ما استمر الأمر لعدة عقود”. وخلص الكاتب إلى أنه سيكون من الصعب على المغرب أن يقبل هذا الأمر الواقع دون المس الخطير بمستقبل أقاليمه الصحراوية ووحدته وتضحياته وأمنه. وقد تلجأ الجزائر إلى هذه الفرضية لتغطي على انتكاساتها الدبلوماسية في هذا المضمار، بعد خمسين عاما من الحرب ضد المغرب على جميع الأصعدة، ولإرغام المنتظم الدولي للتكفل المباشر بهذا النزاع.