كشف رأي المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري بشأن البرامج التي تتخذمن الجريمة موضوعا لها أن الهيأة لم تصدر أي قرار بمنع بث هذه البرامج على قنوات القطب العمومي كما ادعى ذلك وزير الاتصال مصطفى الخلفي في معرض جوابه على سؤال شفوي تقدم به الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين، حول "ظاهرة الإجرام في البرامج التلفزيونية". الخلفي قال إنه تم إلى حد الآن إيقاف بث أحد هذه البرامج، مؤكدا أنه سيتم تعويضه ببرنامج آخر يجري إعداده حاليا، ويتطرق لإعادة إدماج السجناء، كما سيتم إعداد برامج أخرى تركز، بالأساس، على النماذج الناجحة في المجتمع وكذا على الأشخاص الذين أبدوا خصالا بطولية ولاسيما في مجال إنقاذ الناس. وبإلقاء نظرة على نص رأي المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري الذي يتوفرموقع “برلمان.كوم” على نسخة منه، يتضح أن نص الرأي لم يتضمن أي تلميح إلى أن المجلس الأعلى أصدر قرارا بمنع بث هذه البرامج . نص الرأي الموجه لرئيس الحكومة بتاريخ 17 دجنبر من السنة الماضية كجواب على رسالة منه يكشف أن الهيئة سجلت مجموعة من الملاحظات بخصوص حماية الجمهور الناشئ واحترام الحياة الشخصية والحق في الصورة واحترام قرينة البراءة في مضمون هذه البرامج ونبهت المسؤولين في قنوات القطب العمومي وهو ما تفاعلوا معه فأدخلوا تعديلات سواء في المضمون أو في الحيز الزمني أو توقيت البرمجة. فبخصوص حماية الجمهور الناشئ، سجل رأي المجلس بهذا الصدد “بث بعض حلقات البرامج التي تتخذ من الجريمة موضوعا لها في وقت غير مناسب، خاصة منها البرامج التي خضعت لنظام إعادة البث في وقت غير ملائم خلافا للمقتضيات التنظيمية بالرغم من استعمال نظام الشارات، مشيرا إلى أن المتعهدون عملوا على التغلب على هذا الإشكال بعذ إنذارهم من طرف المجلس الأعلى حيث مثلا أن القناة الثانية صنفت برنامج “أخطر المجرمين” ضمن الفئة 3 وأرفقت كل حلقاته بالشارة 12- مع تحذير صوتي، كما أن البرنامج لا يبث في أوقات الذروة بالنسبة للجمهور الناشئ. أما فيما يخص احترام الحياة الخاصة والحق في الصورة، أكد المجلس الأعلى”أن الصيغة الحالية للبرامج التي تعنى بتشخيص الوقائع عرفت مجموعة منالتعديلات على مستوى شكلها ومضمونها كنتيجة للاستيعاب التدريجي من طرف متعهدي الاتصال السمعي البصري”. وأضاف المجلس أنه بعد “مرور تسع سنوات على صدور قانون الاتصال السمعي البصري نجد أن هذا النوع من البرامج لم يعد يطرح مشاكل على مستوى احترام الحياة الخاصة وفق الإطار القانوني والتنظيمي الجاري بهالعمل”. وبخصوص احترام قرينة البراءة في هذه البرامج، أكد نص رأي المجلس أن “الهياة العليا للاتصال السمعي البصري سجلت مجموعة من الخروقات المتعلقة باحترام قرينة البراءة في قضايا لا زالت المسطرة القضائية مستمرة فيها وكانت وقائعها موضوع حلقات برامج، حيث إن الخدمات التلفزية لم تحترم هذا المبدأ، فأثناء هذه البرامج وعند بث مشاهد إعادة تمثيل وقائع الجريمة يستعمل المتعهدون عبارات تدين المشتبه فيهم دون أن تترك مجالا للشك أو الاحتمال”. وزجرا لهذه الاختلالات أصدر المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري ثلاثة قرارات بهذا ضد متعهدي السمعي البصري”. الأول منها متعلق بعدم احترام مقتضيات قرينة البراءة من قبل الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة خاصة بالنسبة للبرامج الإخبارية والثاني متعلق بعدم احترام قرينة البراءة في البرامج وعند تغطية الإجراءات القضائية من قبل شكرة صورياد-القناة الثانية والقرار الثالث متعلق بعدم احترام مقتضيات قرينة البراءة من طرف شركة ميدي 1 سات مع الإشارة إلى ما سبق من مراسلات لفت انتباه موجهة إلى هؤلاء المتعهدين وغيرهم. وخلص المجلس في رأيه جوابا على رسالة رئيس الحكومة بالتأكيد على أن الدور المنوط بالمجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري يتمثل في مراقبة مدى احترام المتعهدين السمعيين البصريين للمقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل وخاصة منها احترام الحياة الخاصة والكرامة الإنسانية ويولي أهمية بالغة لتتبع البرامج التي تتخذ من الجريمة موضوعا لها، مضيفا أن الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري تبقى على استعداد من موقعها المؤسساتي ووفق اختصاصاتها للإسهام في دراسة شاملة ومتعددة الاختصاصات للإلمام الدقيق بكل الإشكاليات المحيطة.