على وقع الخلافات العميقة والتجاذبات بين تياراته المتصارعة منذ إعفاء عبد الإله بن كيران من رئاسة الحكومة وتعيين سعد الدين العثماني مكانه، يعيش حزب العدالة والتنمية على فوهة بركان لم تنجح بعض جولات الحوار الداخلي التي تم تنظيمها هذه السنة في إخماد الحرائق التي بدأت تشتعل هنا وهناك، وتنذر بشق الصف وضرب وحدة أعضاء الحزب في الصميم. هذه الوضعية التنطيمية والسياسية غير المسبوقة التي يجتازها المصباح سترخي بظلالها على الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني التي ستنعقد السبت المقبل بالصخيرات، للتداول في الشأن الداخلي للحزب وتقييم أداء حكومة العثماني من خلال التقرير السياسي الذي سيعرضه هذا الأخير بصفته رئيسا للحكومة. وحسب تأكيدات مصدر من حزب المصباح ل”برلمان.كوم” فإن سعد الدين العثماني ووزراء الحزب سيكونون محط انتقادات حادة داخل برلمان “البيجيدي”، لوجود قناعة مشتركة بين أعضائه مفادها أن صورة العدالة والتنمية قد تراجعت بشكل كبير يفوق التوقعات، بسبب سوء تدبير الأمين العام الحالي وما يسمى ب”تيار الاستوزار” لمرحلة ما بعد إعفاء ابن كيران وتقديم تنازلات قاتلة ل”قوى التحكم”، حسب توصيف المصدر. وسيجد العثماني نفسه من جهة أخرى محاصرا بأسئلة أعضاء المجلس الوطني، بخصوص مسؤوليته المباشرة في حذف كتابة الدولة المكلفة بالماء من التشكيل الحكومي، وإعفاء المشرفة عليها وهي المنتمية إلى حزب التقدم والاشتراكية الذي يعتبره “البيجيديون” الحليف الأقرب لحزبهم، على أساس أن ما أقدم عليه العثماني يعد رضوخا لمطلب أحزاب أخرى في التحالف كانت تضغط عليه من أجل تقليص عدد حقائب حزب علي يعته لتتناسب مع حجم تمثيليته بالبرلمان. نقطة أخرى، يضيف المصدر، ستلهب النقاشات في الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني، ويتعلق الأمر بالهزائم المتتالية لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات الجزئية التي تم تنظيمها بعدد من الدوائر الانتخابية التشريعية، والتي تراجعت فيها نسبة الأصوات التي حصل عليها “المصباح” بشكل فضيع. مشيرا إلى أنه سيتم تحميل المسؤولية في ذلك للعثماني وأعضاء “تيار الاستوزار” الذين أخرسوا صوت الحزب، وأخرجوه من معادلة التفاعل والتجاوب مع الحركات الاحتجاجية وحملة المقاطعة، وغيرها من الأحداث والوقائع التي أفقدت الشارع ثقته في حزب العدالة والتنمية. ويرى متتبعون أنه من الطبيعي أن يتمخض عن الوضع المأزوم الذي يمر منه “البيجيدي” ارتفاع أصوات تطالب بإعادة التوهج ل”المصباح” ولو اقتضى الأمر عقد مؤتمر استثنائي لإصلاح الأعطاب وتدارك الأمور قبل فوات الأوان، ومن بين تلك الأصوات بلال التليدي عضو المجلس الوطني الذي أدلى بتصريح جريء لوكالة “الأناضول” التركية؛ اختزل فيه آراء زملائه في تيار ابن كيران حيث قال “لا مخرج للأزمة التي يعيشها حزب العدالة والتنمية، إلا بتغيير قيادته، والمجيء بقيادة تعرف كيف تناور لتحافظ على تموقعها الديمقراطي وانحيازها للشعب”. فهل سينجح أعضاء حزب “المصباح” في استثمار محطة الدورة الاستثنائية من أجل لملمة جراحهم، والتوافق على معالم خارطة طريق تخرج حزب العدالة والتنمية من أزمته الداخلية، وتعيد ثقة أعضائه ومناصريه في استمراره على نفس النهج الإصلاحي، أم ستؤسس هذه المحطة لانفجار الوضع الداخلي بعد أن استنفذت كل مساعي التوفيق بين التيارين المتصارعين؟