عرفت العلاقات المغربية الإيرانية فترات توتر عديدة، بدأت من لحظة إسقاط نظام صديق الملك الراحل الحسن الثاني، الشاه محمد رضا بهلوي سنة 1979، وصولا إلى قطع العلاقات الأخير بعد اتهام الرباطلطهران بدعم البوليساريو عبر حزب الله. إعلان المغرب الشهر المنصرم عن قطع علاقاته مع إيران، وتوجيهه اتهامات لطهران بدعم البوليساريو، يلزمنا بالعودة إلى تاريخ علاقات البلدين الممتد لأكثر من أربعين سنة. المغرب وإيران… صداقة الحسن الثاني والشاه كان الملك الراحل الحسن الثاني من أكثر حكام الدول جهرا بمعارضته لقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك بسبب العلاقة الجيدة التي كانت تجمعه بالشاه محمد رضا بهلوي، ما جعل البلدين يمران بأحسن فترات علاقاتهما في فترة الخمسينيات والستينيات والسبعينيات. الشاه، وبعد الثورة التي أسقطت حكمه سنة 1979، لم يتردد في زيارة المغرب لفترة قبل أن يشد الرحال نحو جزر الباهاماس، لتبدأ فترة القطيعة الرسمية بين المغرب وإيران سنة 1980 بسبب اعترافها ب”الجمهورية العربية الصحراوية” التي أعلنت البوليساريو قيامها في الجزائر سنة 1976. تعارض المذاهب وتكفير الخميني المرشد الإيراني آية الله الخميني بعد الحسابات السياسية واعتراف إيران ب”الجمهورية الصحراويه”، جاءت الاعتبارات الدينية لتزيد من عمق الهوة بين الرباطوطهران. فتعارض مذهبي البلدين بين الشيعي بإيران والسني بالمغرب كان من بين أسباب قطيعة النظامين. وكان الملك الحسن الثاني سنة 1982، قد أعلن عن تكفير المرشد الإيراني آية الله الخميني، بناء على فتوى استصدرها من فقهاء مغاربة، قبل أن يعود ليذكر بها سنة 1984 في خطاب على التلفزة المغربية، مشيرا إلى تحريض إيران على احتجاجات كانت قد هزت مجموعة من المدن المغربية بسبب زيادة الأسعار. معطف 1991 واستئناف العلاقات مباشرة عقب اعتراف إيران بالبوليساريو واستدعاء الرباط للدبلوماسيين المغاربة من إيران وقطع علاقاتها مع طهران في 30 يناير 1981 ودعم المغرب العراق في حربه مع إيران، ليأتي العام 1991 ليشكل منعطفا في علاقات البلدين وقتها، بعد استقبال الرئيس الإيراني هاشمي رفسنجاني في دجنبر 1991 لرئيس الوزراء المغربي، على هامش القمة الإسلامية في العاصمة السنغالية دكار. استقبال هاشمي رفسنجاني لرئيس الوزراء المغربي، كان نقطة بداية استئناف الرباطوطهران لعلاقاتهما، التي عادت بمستوى أفضل وأوثق، قبل أن يأتي عام 2009 لتقطع المغرب علاقاتها بإيران دعما للبحرين، بعد إعلان مسؤولين إيرانيين أن البحرين عبارة عن محافظة إيرانية، إلى جانب عوامل أخرى ساهمت في القطيعة الجديدة، وتجميد العلاقات إلى حدود عام 2014. 2014… استئناف العلاقات قطيعة إيران والمغرب دامت هذه المرة ست سنوات، قبل أن يتفق البلدان في ماي 2014 على تطبيع العلاقات، وتعيين طهران في يناير 2015 سفيرها في الرباط، وبعد فترة طويلة كلف المغرب في فبراير سفيره في جمهورية آذربايجان حسن حامي لبيدأ مهمته الجديدة كسفير للرباط في طهران وقدم أوراق اعتماده في أكتوبر 2016 إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني. 2018… ثالث القطيعات عادت بداية شهر ماي من العام 2018 العلاقات إلى نقطة الصفر من جديد، بعد إعلان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، قطعها بين البلدين وغلق السفارة، وطرد السفير, على خلفية اتهام حزب الله اللبناني القريب من إيران بتسليح وتدريب عناصر من جبهة البوليساريو، عبر دبلوماسي يعمل بالسفارة الإيرانية في الجزائر. هذا وكان بوريطة، قد علق على قرار قطع العلاقة، أنه عندما يتعلق الأمر بالوحدة الترابية للمملكة وبأمن وسلامة المواطنين، فلا يمكن للمغرب إلا أن يتخذ قرارات حازمة وواضحة. نفي طهران واستمرار القطيعة اتهامات الرباطلطهران بتمويل البوليساريو، ردت إيران بنفيها بشدة، حيث أعربت الدولة عن أسفها لأنها تشكل “ذريعة” لقطع العلاقات الدبلوماسية. وهو رد الفعل الذي اتفقت فيه مع حزب الله، الذي نفى بدوره “هذه المزاعم والاتهامات جملة وتفصيلاً”.