تتظافر مجموعة من العوامل الاقتصادية والاجتماعية، التي يمكن أن تكون سببا مباشرا في استمرار الحكومة، كما قد تكون عاملا محوريا في التعجيل برخيها، واللجوء لآلية الاستقالة، كحل و سط لوقف نزيف سخط المواطنين واحتقان الشارع المغربي. كان الجميع ينتظر من هذه الحكومة، بأن تبلور سياسة اقتصادية ناجعة تساهم في تعزيز النمو الاقتصادي، لكن الذي حدث هو إرجاع الاقتصاد المغربي إلى نفس مستوى نهاية التسعينات، بسبب غياب الرؤى والبرامج العلمية وسوء التخطيط، حيث يرى مجموعة من الخبراء أن الحكومة الحالية والتي سبقتها اشتغلت وتشتغل وفق منهجية تقليدية، وهو ما فوت على المغرب العديد من الفرص الاقتصادية والاستثمارية الكبرى. لقد تسببت حكومة “البيجيدي” في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال تطبيق مجموعة من الزيادات غير المعقولة، ورفع الدعم عن أثمنة بعض المواد الأساسية، واللجوء المفرط إلى جيوب المواطنين لدفع كلفة الحفاظ على التوازنات المالية، بما يعمق جراح الفئات الفقيرة والمتوسطة، في غياب أي زيادة في الأجور. لم نعد نرى سوى استمرار فشل كل الاستراتيجيات التنموية واختناق الاقتصاد، بسبب عجز ميزان الأداءات وانكماش القروض الذي ينتج عن ذلك كله عوامل ساهمت، ولأول مرة منذ 12 سنة، في قلب منحنى البطالة بشكل واضح، مما تسبب في عودة مؤشر البطالة على الصعيدين الحضري والوطني إلى الارتفاع. وفي تصريح خص به الأستاذ عبد العزيز الرماني، الخبير في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني ، ل”برلمان.كوم“، أكد أنه من الضروري أن نعرف أن الوضع الاقتصادي بالمغرب مستقر، بالنظر للحركة النشيطة للاستثمارات، التي يصاحبها استقرار الناتج الداخلي الخام، بالإضافة إلى تعدد الأوراش والبرامج التنموية، فضلا عن تحويلات الجالية المغربية التي تلعب دورا محوريا في إنعاش الاقتصاد الوطني. في السياق نفسه، يضيف الرماني أن المغرب يجني مجموعة من الأرباح الملموسة، والمرتبطة أساسا بتحويلات مغاربة العالم، خصوصا وأن المغرب يتبنى سياسة الترحيب بالمهاجرين المغاربة، في أفق تشجيعهم على الاستثمارات الداخلية، التي تنعكس بالشكل الإيجابي المطلوب في المغرب. بناء على المعطيات السالفة، يخلص المتخل إلى التأكيد على أنه من الناحية الاقتصادية لا يشكو المغرب من التحديات الكبرى، التي قد تحول دون الدفع بالعجلة الاقتصادية نحو الأمام، إنما على العكس تماما، فالمؤشرات الدالة على انتعاش الوضع الاقتصادي متعددة. أما بخصوص الرؤية الاجتماعية، فالموضوع مختلف تماما، بالنظر إلى وجود مجموعة من التحديات التي تساهم في تأجيج الوضع الاجتماعي، واحتقان ظروف العيش بالمغرب، وهو الأمر الذي عبر عنه الرماني في تصريحه، من خلال تأكيده أن على تعدد المؤشرات الدالة على هذا المعطى وهي المتمثلة في ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة. وأشار أن اللجوء إلى تحرير الأسعار هي الخطوة المغلوطة التي تنعكس بشكل سلبي على المواطن المغربي، الأمر الذي يحتم على الحكومة نهج سياسات جديدة، تخدم بالدرجة الأولى المصالح الأولية للمواطن المغربي، مع مراعاتها لقدرته الشرائية. وشدد في الصدد نفسه، على أن ارتفاع فواتي الكهرباء والماء، إلى جانب المنتجات الغذائية هو الأمر الذي يكون سببا مباشرا في احتقان الشارع المغربي والخروج في الاحتجاجات التي تنتفض ضد الحكومة، الأمر الذي يقتضي تبني مجموعة من المقاربات الملموسة في أفق تجاوز هذه الإشكالات.كما أشار تأزم الاقتصادي هو الأمر الذي ينعكس بشكل مباشر على الجانب الاجتماعي. ” من خلال ما سبق، لا نقول أن الحكومة يتوجب عليها أن تقدم الاستقالة وتنسحب في أقرب وقت، خصوصا وأن تعاقب الحكومات السابقة لم يحدث تغييرا ملموسا، بالنظر لتورث هذه المشاكل التي تكرسها حكومة بعد أخرى” يقول عبد العزيز الكتاني. ويتابع قوله” يتوجب على الحكومة اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير الرشيدة، وهو الأمر الذي يجب ينطبق على حملة المقاطعة التي شملت مجموعة من المنتجات الغذائية، الأمر الذي يحتم على الحكومة نهج أسلوب التفاعل والتواصل مع المواطنين المغاربة”. وأوضح أن محاربة المحسوبية والزبونية، في مقابل تشجيع التنافسية على مستوى مختلف الأصعدة في المجتمع المغربي هو المبدأ الأساسي الذي يتوجب على الحكومة التسلح به، في أفق تجاوز الاحتقان الاجتماعي الناتج عن ارتفاع أسعار وتكاليف المعيش اليومي الأمر الذي يمكن أن يعجل من فشل أو استقالة الحكومة الحالية.