عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان        المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يتأهل لنهائيات كأس أمم إفريقيا بعد تعادله مع نظيره الجزائري    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    المغرب التطواني يفوز على مضيفه اتحاد طنجة (2-1)    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    الوزير بنسعيد يترأس بتطوان لقاء تواصليا مع منتخبي الأصالة والمعاصرة    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الشراكة الاستراتيجية بين الصين والمغرب: تعزيز التعاون من أجل مستقبل مشترك    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي        اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور    وسط حضور بارز..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تخلد الذكرى الستين لتشييد المسجد الكبير بالعاصمة السنغالية داكار    مكتب "بنخضرة" يتوقع إنشاء السلطة العليا لمشروع أنبوب الغاز نيجيريا- المغرب في سنة 2025    استغلال النفوذ يجر شرطيا إلى التحقيق    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    "مرتفع جوي بكتل هواء جافة نحو المغرب" يرفع درجات الحرارة الموسمية    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    انخفاض مفرغات الصيد البحري بميناء الناظور    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    اختفاء غامض لشاب بلجيكي في المغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    الوزير برّادة يراجع منهجية ومعايير اختيار مؤسسات الريادة ال2500 في الابتدائي والإعدادي لسنة 2025    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإثبات الضريبي
نشر في برلمان يوم 02 - 05 - 2014

إن أساس تشكل قناعة القاضي تأتي من الإثبات لأنه لا يوجد حق دون أن يكون هناك إثبات له، غير أنه ” قد يكون للحق وجود قانوني حتى لو لم يقم عليه الدليل القضائي” و ينتج كذلك بعض الآثار القانونية و لكن هذا من الندرة بحيث لا يقام له وازن و لا يحسب له حساب[1]، هو كالعدم إذ لا فرق بين عدم امتلاك حق و بين عدم امتلاك حق و بين عدم التمكن من إثباته من حيث النتيجة التي هي واحدة في الحالتين.
فالإثبات من الموضوعات المهمة جدا التي لا يستطيع أي قاض مدني كان أو جنائيا أو إداري الاستغناء عنه لأنه هو المفرق بين الحق والباطل والحاجز الحقيقي و المانع من استمرار الدعاوى الكيدية الكاذبة وعلى هذا قال الفقهاء منذ القدم، “فالحق مجردا من الإثبات يصبح هو و العدم سواء”
و القاعدة العامة تقول : لا دعوى بدون دليل فحيث لا حق لا إثبات.
و الإثبات لغة هو من اثبت بثبت إثباتا للحق أكده بالبينة، الأمر حققه و صححه، و اصطلاحا إقامة الدليل لدى القضاء على وجود حق و نسبته لصاحبه لذلك فإن مسألة الإثبات تفترض حتما وجود نزاع قضائي يجمع بين طرفين لكل واحد منهما مصلحة خاصة ينفي تبوثها قيام مصلحة الأخر و هو من الناحية القانونية إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية متنازع عليها يؤكدها أحد أطراف الخصومة و ينكرها الطرف الآخر .
و قد أثارت مسألة الإثبات في النزاعات الضريبية عدة مسائل صعبة و خطيرة في نفس الوقت لما لها من تأثير مباشر على نجاح الدعوى الضريبية أو فشلها و هو ما يؤثر على حقوق المطالبين بالأداء و مصلحة الخزينة العامة للدولة[2].
يخضع الإثبات في الدعوى الضريبية إلى القواعد العامة المنصوص عليها في قواعد الالتزام و العقود في فصوله من 399 إلى 460 النظرية العامة للإلتزام، وهكذا فبالرغم من أن النزاعات الضريبية تنتمي إلى القانون الإداري فإن القواعد المسطرية المطبقة عليه هي نفسها المنصوص عليها في القانون الخاص وخاصة قواعد المسطرة رغم بعض الخصوصيات، و لقد تم التأكيد على أن عبء الإثبات يقع على مدعيه و قاعدة “لا يجبر شخص على تقديم دليل ضد نفسه لصالح الغير ” و هو ما يصعب تطبيقه في المنازعة الجبائية بسبب عدم تكافؤ الأطراف الإدارة مع الملزم خصوصا أن القانون الضريبي معقد و تقني، و الواقع أن أغلب الدعاوى الضريبية يرفعها الأفراد في مواجهة الإدارة الضريبية، قد شكل تحديد المتحمل لعبء الإثبات في الدعوى الضريبية تحديا كبيرا لدارسي القانون الضريبي، نظرا لعزوف المشرع عن وضع قواعد قانونية دقيقة في تحديد هذه المسألة رغم مجموعة الإصلاحات القانونية في هذا المجال، فقد ظلت عامة لأنه لم يتمتوضيحها وتنظيمها من طرف المشرع الضريبي خلافا لنظيره الفرنسي الذي افرد لهحيزا خاصا في قوانينه.
و باعتبار أن الدعوى الضريبية هي عبارة عن معركة سلاحها الإثبات الذي يكتسي أهمية خاصة في النزاع القضائي لأن هذا النزاع في مفهومه الضيق، هو خلاف بين طرفين، هما الإدارة والملزم، يدفع فيه كل طرف بموقف متعارض مع موقف الطرف الآخر أمام جهاز قضائي يفصل بينهما بإصدار حكم تنفيذي وملزم، وفي مفهومه الواسع يعرف بأنه ” مجموعة الأساليب القانونية التي يتم بمقتضاها فض النزاعات التي تنشأ عن تطبيق قانون الضريبة من طرف الإدارة الجبائية على الملزم”[3]،و إذا ما علمنا أن أحد طرفي القضية هو الإدارة أي الدولة صاحبة السيادة و غايته بالنسبة لها تكمن في إعطاءها صلاحيات و إمكانيات و شروط إعمال النص الضريبي فيما يتعلق بإثبات الواقعة المنشئة للضريبة و الإجراءات المرتبطة بفرضها و تصحيحها و إثبات المخالفة للنظام الضريبي، أما بالنسبة للملزم الهدف من الإثبات هو تمكينه من إثبات دخله أو رقم أعماله الحقيقي أو عدم توفر الواقعة المنشئة للضريبة أو تحقيق دخل أو ربح أقل و استفادة من ربح ضريبي[4]، و هو ما يزيد من تعميق الهوة الموجودة في جميع الدعاوى القضائية بين المدعي و المدعى عليه لانعدام التوازن بين الإدارة و الإمكانيات التي تتوفر عليها و بين الملزم الطرف الضعيف في العلاقة، لأن عدم التوازن الناتج عن مركزي الطرفين في الإثبات في القضية العادية تميل في الكفة ناحية الطالب على حساب المطلوب، و يضاف إلى ذلك ثقل أخر للمدعي في الإثبات إذا ما وجد نفسه في مجابهة الدولة صاحبة السيادة.
يحتل عنصر الإثبات مكانة مرموقة في كافة العلاقات والمجالات الشخصية والمدنية والتجارية، وهو الوسيلة الأساسية للحصول على الحقوق ولإلزامالآخرين بالواجبات، ومن الناحية العملية ليس للحق أية قيمة عندما يعجز صاحبه عن إثباته.
لقد لعب القضاء الفرنسي دورا كبيرا في خلق و إرساء قواعد القانون الجبائي و المساهمة في وضع مبادئه و أسسه و ترك المجال للمشرع الخوض في مسألة إعماله كنظرية عامة، و باعتبار أن مسألة تنظيم الإثبات في المادة الجبائية يجب أن يحكمه هاجس سام هو التوفيق بين المصالح ظاهريا لطرفي القضية الجبائية. المشرع عندما منح الإدارة السلطة و الوسائل و الحرية في مجال الإثبات من اجل تمكينها من محاربة التهرب الضريبي حفاظا على حقوق المطالبين بالأداء، فإلى أي جهة يميل ميزان الإثبات جهة المطالب بالأداء أم جهة الإدارة؟
و هل يمكن أن يشكل الإثبات وسيلة ناجعة لحماية حقوق المطالب بأداء الضريبة في مجابهة تعسف الإدارة أحيانا؟
المبحث الأول: واقع عبء الإثبات الضريبي
لقد نص الفصل 399 من قانون الالتزام و العقود على أن القاعدة في توزيع عبء الإثبات هو أن ” إثبات الالتزام يقع على مدعيه” أي الطرف الذي يبادر إلى رفع دعوى قضائية و يدعي خلاف الأصل، و يختلف عبء الإثبات في المادة الجبائية عنه في المواد الأخرى المدنية و التجارية، ذلك أن الطرف الذي يتحمل عبء الإثبات يمكن أن يكون مدعيا كما أنه يمكن أن يكون مدعى عليه.
إلا أن الملاحظة التي يمكن تسجيلها في هذا المجال أن الإثبات الجبائي دائما يتعلق بإثبات الواقعة المنشئة للضريبة و هو يقع دائما على عاتق الإدارة في معظم الحالات و هو ما يتقل كاهلها و يعرقل مهمتها في القيام بوظائفها و يحول دون إثبات المادة الضريبية، وبالتالي الحؤول دون تطبيق العدالة الضريبية، فيؤدي إلى زيادة التهرب الجبائي باعتباره داء مختلف الأنظمة الجبائية في العالم، و الذي تكون خطورته مضاعفة في البلدان التي تمثل فيها الجباية أهم مورد للخزينة العامة للدولة، لذلك سعى المشرع إلى إيجاد دواء ناجع و فعال لهذا الداء بغية محاربته، موظفا في ذلك جميع الوسائل المتوفرة لديه لأجل ذلك ومن بينها الإثبات. فعمل على إثقال كاهل المطالب بالإثبات بعبء الإثبات، وحدد له مجموعة من المبادئ الأساسية التي لا يقع الإثبات إلا بها و تتحكم في توزيع عبء الإثبات في المادة الجبائية؟ كما أنه حصر وسائل الإثبات ؟
المطلب الأول: إثقال كاهل المطالب بالأداء بعبء الإثبات الضريبي
شكل النزاع الضريبي أحد أهم القضايا المطروحة أمام القضاء في السنوات الأخيرة، حيث لوحظ لاتوازن واختلال على مستوى ميزان تكافئ القوى بين طرف أول الذي هو الإدارة الضريبية باعتبارها من أقوى الإدارات بالمغرب نظرا لمواردها البشرية المادية و المالية، المعرفة التقنية و التكنولوجية، و بين طرف ثان الذي هو الملزم الضعيف في هذه المعادلة، و إذا كان الفصل 399 من ق.ل.ع قد نص على أن إثبات الإلتزام على مدعيه فإن تطبيق هذه القاعدة في مجال المنازعة الضريبية قد زاد من لاتوازن المعادلة، فقد وضع المشرع وضع جملة من المبادئ التي تحكم توزيع الإثبات في المجال الجبائي[5] إلا أن المشاكل ما زالت مطروحة ومن أولاها:
* أن من يتحمل عبء الإثبات هو من يدعي خلاف الأصل
الأصل في الأشياء براءة الذمة و خلافه الخضوع للضريبة، و بما أن الإدارة هي من تدعي وجود الواقعة المنشئة للضريبة فهي من يتحمل عبء إثبات هذه الواقعة لأنها هي من يدعي وجودها و ادعاؤها هذا يخالف الأصل، ذلك حيث أن الاتجاه الفقهي و القضائي كرسا هذا الأمر، حيث أشادوا بضرورة تحميل الإدارة عبء الإثبات في المادة الجبائية رغم كونها دائما المدعى عليها في القضية، و يستند هذا إلى أسس فلسفية هامة و هي قرينة الصحة و المصداقية التي من المفترض أن يتمتع بها تصريح المطالب بالأداء و سحب هذه القرينة يؤدي حتما إلى تدمير شامل للنظام الجبائي القائم على واجب التصريح التلقائي و نفور المطالبين بالأداء من هذا الواجب و اللجوء إلى وسائل الغش و التهرب الجبائي.
و من هذا المنطلق فإن تحمل المطالب بالأداء بعبء الإثبات بإجراء لازم للتحقق من قيام الواقعة المنشئة للضريبة أو نفيها أو وقوعها على الشاكلة التي يدعيها الملزم لا على ما تدعيه مصلحة الضرائب، وقد اعتبرت المحكمة الإدارية بوجدة أن عبء الإثبات يقع على الملزم لأنه رغم اعترافه بشرائه للأصل التجاري ورسم التسجيل المطلوب منه، فإنه لم يثبت أداءه للرسم المطلوب من طرف إدارة التسجيل عن العقد المذكور بأية وسيلة من وسائل الإثبات مما جعل تعرضه لبيان تصفية غير مؤسس[6].
في حالة وجود الإخلال الصريح الملزم لإحدى المساطر و الالتزامات التي أوجبها المشرع، فالقضاء الإداري نحى نحو إخضاعه لإثبات عكس ما تدعيه المصالح الجبائية كما هو الشأن بالنسبة للإخلال بقواعد المحاسبة، و قد جاء في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالبيضاء ما يلي: ” حيث خضعت الشركة المدعية لمراقبة محاسبية من طرف المفتش فيما يخص الضريبة على الشركات و الضريبة على القيمة المضافة برسم 90-91، و حيث أن المفتش وقف على تلك الإخلالات المسطرة بمقرر اللجنة الوطنية ومنها إخفاء بعض الأشرية و البيوع و عدم إدراج عمليات في المحاسبة بالرغم من إنجاز الشركة لها، و حيث أن المدعية لم تثبت خلاف ذلك سواء أثناء الطعن الإداري أو القضائي مما يتعين معه التصريح برفض الطلب.”[7]. إلا أن هناك مجموعة من الاجتهادات القضائية اتجهت إلى إلزام الإدارة أيضا بإثبات سند التضريب حيث جاء في حكم صادر عن ابتدائية سلا بتاريخ 07/12/1990:”.. و قد ذهب الفقه و القضاء إلى توزيع عبء الإثبات بين الإدارة الضريبية و الملزم بالضريبة، و لو كان ذلك يخالف من حيث الظاهر القاعدة القائلة بأن عبء الإثبات على المدعي…”، و جاء أيضا في حكم لإدارية الرباط بتاريخ 15/04/1997: “.. إن إدعاء المدعي عدم ملكيته للعقار موضوع ضريبة التضامن الوطني المتنازع بشأنها يجعل بعض الإثبات على الإدارة الضريبية…”[8].
الأصل في التضريب في حالة الواقعة المنشئة للضريبة هو الخضوع للضريبة و خلافه هو الاستفادة من إعفاء أو امتياز جبائي استثنائي[9]، و بما أن المدعي يدعي وجود هذا الإعفاء أو هذا الامتياز فهو ملزم بإثبات توفر شروط الاستفادة منه.
عموما فمن يدعي خلاف الأصل هو المكلف بالإثبات، و هذا ما ذهب إليه الإجتهاد القضائي الحالي حيثجاء في إحدى حيثيات الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ15 نونبر 2007 “وحيث بالرجوع إلى مقتضيات المادة 4 و 10 منالقانون المتعلق بالضريبة على القيمة المضافة يتضح آن الواقعة المنشئةللضريبة بالنسبة لما يسلمه الشخص لنفسه من أعمال عقارية وعمليات التجزئةوالاستثمار العقاري، تتحدد بوقت انتهاء العملية، مع العلم بان إثبات تلكالواقعة يقع على عاتق الإدارة الضريبية، حيثاكتفت هذه الأخيرة بالادعاء بان الطابق الثاني موضوع الفرض الضريبي تمبناءه من طرف مورث المدعيين دون آن تدلي بما يثبت تلك الواقعة ، في الوقتالذي يشير فيه عقد بيع المعني بالأمر للعقار على آن هذا الأخير يتكون منطابق سفلي فقط دون الطابق العلوي المفروضة عليه الضريبة من طرف الإدارة الأمر الذي تبقى معه الواقعة المنشئة للضريبة غير ثابتة”.
* أن يتحمل عبء الإثبات من كلفه المشرع باحترام الالتزام الإجرائي أو القاعدة الإجرائية
ويقصد به انه يجب تحميل عبء الإثبات للطرف الذي كلفهالمشرع باحترام إجراء أو مسطرةمعينة، و يكون ذلك حسب حالات محددة على الشكل التالي:
ü الإدارة تتحمل عبء الإثبات في حالة الفرض التلقائي[10]، فالإدارة هي من تباشر إجراءات الفرضالتلقائي وبالتالي فهي من تلتزم بإثبات مدى توفر موجبات إتباع هذه المسطرةالمنصوص عليها في المواد 228 و 229 من المدونة العامة للضرائب ، في حين يتحمل الملزم عبء إثبات وجود تعسف في التقدير
ü الإدارة و الملزم يتحملان عبء الإثبات في مسطرة التبليغ حسب من باشر المسطرة، إما الإدارة أو اللجن الضريبية في مواجهة الملزم أو الملزم في مواجهة الإدارة أو اللجن الضريبية،
ü الملزم في مسطرة المنازعة في الضريبة سواء في المرحلة الإدارية ( عبر طعن إداري لدى الإدارة أو اللجن)، أو المرحلة القضائية،
ü الإدارة في مسطرة الفحص بالإشعار قبل 15 يوم على الأقل من بدئ فحص المحاسبة و تنتهي بمحضر انتهاء التحقيق و مسطرة التصحيح التي تبتدئ بتبليغ الملزم برسالة التصحيح الأولى باعتبار أن الإدارة هي الجهة المبادرة بمباشرة المسطرة.

* من كانت القرينة لصالحه يعفى من عبء الإثبات
و مؤداه جعل عبء الإثبات على الطرف الذي لم تقرر القرينة لصالحه[11].
* من يدعي خلاف تقدير اللجن الضريبية هو من يتحمل عبء الإثبات
أي من خالفت ملتمساته أمام القضاء تقديرات اللجن الوطنية في الطعون المتعلقة بالضريبة في حالة مباشرة إجراءات المسطرة التواجهية التي أفضت إلى اللجوء إلى اللجن الضريبية[12]، أو في حالة الفرض التلقائي و الملزم يتحمل عبء إثبات وجود تعسف في التقدير و كذا عبء إثبات دخله الحقيقي.
* يجب ألا نحمل المتقاضي أكثر مما في وسعه
أي أن الواقعة يجب أن تكون جائزة القبول و غير مستحيلة الإثبات.
المطلب الثاني: حصر وسائل الإثبات في المادة الجبائية
إن المبدأ العام في النظام الجبائي مفاده أن المكلف بالضريبة ملزم بالإثبات بالوسيلة التي حددها المشرع[13]، في حين الإدارة حرة في اللجوء إلى أية وسيلة خاصة تراها مناسبة لإثبات المادة الضريبية[14]،
و إقرار هدا المبدأ جاء لاعتبارين أساسيين:
1- له ارتباط بوظيفة الإدارة الضريبية و التي حملها المشرع مسؤولية تطبيق النظام الضريبي و تقييد الإثبات بالنسبة لها قد يعرقل قيامها بوظيفته و بالتالي إهدار حقوق خزينة الدولة.
2- ناتج عن كون الإدارة تعتبر الطرف الذي يتحمل عبء الإثبات سواء أكانت طالبة أو مطلوبة[15]، و الملزم يدعي فقط عدم حدوث الواقعة المنشئة للضريبة أو عدم احترام الإدارة مسطرة فرض أو تصحيح الضريبة أو يدعي قيامه بالإلتزام الجبائي ليتحلل من عبء الإثبات[16].
و برغم أن المشرع قيد الإثبات بالنسبة للملزم إلا أنه وجدت بعض الاستثناءات بالنسبة له:
ما تتضمنه المادة 7 من كتاب المساطر الجبائية و التي تجيز للملزم إمكانية إثبات موارده بجميع وسائل الإثبات،
إمكانية شغور المحل الخاضع للضريبة الحضرية بجميع وسائل الإثبات المتوفرة لدى الخاضع للضريبة[17].
و لقد حدد القضاء الفرنسي عبئ الإثبات في الحالات التالية:
1- بالنسبة للملزم:
* حالة التقدير الجزافي للضريبة يتحمل فيه الملزم عبء الإثبات غلو التقدير،
* حالات تحديد الأساس الضريبي على إثر مسطرة التصحيح،
* حالات خروقات التي تشوب المحاسبة[18].
2- بالنسبة للإدارة:
* حالات الخروقات المسطرية التي ارتكبتها أثناء اتخاذها الإجراءات أمام اللجن الضريبية،
* إثبات سوء نية الملزم و الأعمال الاحتيالية،
* وقوع التبليغ الصحيح،
* إثبات عدم انتظام محاسبة الملزم[19].
و نظرا للمسطرة الكتابية للدعوى الضريبية فإن ذلك جعلها ذات خصوصية حيث لا يمكن مثلا الإثبات باليمين[20] و الشهود[21] فعلى سبيل المثال تنص المادة 28 من مدونة التسجيل على ما يلي: ” لا يمكن للقاضي في الدعاوى المتعلقة بتطبيق واجبات التسجيل و خلافا للمادة 404 من قانون الالتزامات و العقود، أن يقضي باليمين و لا تقبل شهادة الشهود إلا إذا كانت مصحوبة ببداية حجة كتابية و ذلك كيفما كانت أهمية النزاع”، و هو هنا قد شاطر المشرع التونسي الرأي الذي استبعد هو أيضا صراحة في فصل يتيم و هو الفصل 64 من مجلة الحقوق و الإجراءات الجبائية اليمين و البينة بالشهادة من وسائل الإثبات الممكن اعتمادها من طرفي القضية الجبائية لإثبات دفوعاتهما، حيث جاءناصاعلىمايلي “لايمكنللمحكمةاعتماد طرقالإثباتالواردةبالفصل427 ثالثاوخامسامنمجلةالالتزاماتوالعقودلإثباتإدعاءاتالأطرافالمتعلقةبالقضية”، و السبب في ذلك خصوصية المادة الجبائية و طبيعة الأطراف المتنازعة و الوقائع المراد إثباتها، فاستبعاد اليمين من مجال الإثبات الجبائي متلائم و أحكام النظام العام الذييقتضيأنلايقعتوجيهاليمينعلى الدولةسواءكانتيميناإستيفائيةأوحاسمة[22]، و استبعاد البينة بالشهادة تبرره طبيعة الموضوع المراد إثباته في النزاعات الجبائية و الذي هو في الغالب تصرف قانوني تفوق قيمته ألف دينار، و الخوف من أن تفتح البينة بالشهادة الباب الواسع للتهرب الجبائي و ذلك بإعطاء شهادات كاذبة[23].
و المشرع عندما استبعد هاتين الوسيلتين فقط من وسائل الإثبات المدنية ترك لنا المجال لاعتماد بقية الوسائل سواء أكانت مدنية أو تجارية و بالتالي أكد لنا هو المبدأ القائل بأنه يعد حائزا كل ما لم يمنعه القانون بنص صريح.
و يمكن إجمال وسائل الإثبات في:
ü التصريح بالضريبة،
ü الإثبات بالوثائق المحاسبية التي تبقى أهم وسائل الإثبات و إن كان للأطراف حرية الإثبات[24]،
ü الحجة الكتابية،
ü و قد عمل القضاء المغربي على قبول الإثبات بواسطة القرائن[25]و بواسطة الاعتراف[26]،
ü الإقرار و الاعتراف،
ü القرائن.
عموما تبقى حرية الإثبات هي الأصل في ظل القواعد العامة و في ظل عدم التخصيص في القانون الضريبي على وسيلة معينة للإثبات، فإن الوثائق المحاسبية تبقى هي أهم وسائل الإثبات، أما الوسائل الخارجة عن المحاسبة فلا يتم اعتمادها إلا استثناءا حسب قرار صادر عن مجلس الدولة الفرنسي بتاريخ 19/12/1973 [27]، و سنتناول كل نقطة على حدا:

1- إثبات من داخل النظام الضريبي ( الوسائل الخاصة):
أ التصريح بالضريبة :
التصريح أو الإقرار هو مبادرة إجبارية وضرورة من قبل الملزم في العملية الضريبية تستهدف الإخبار بواقعة معينة لها أثار جبائية، وعليه فالمكلف بالضريبة ملزم بالبيانات والمعلومات التي يتضمنها تصريحه طبقا للفصول 148 المتعلق بالتصريح بالتأسيس والفصل 149 المتعلق بتحويل المقر الاجتماعي والفصل 150 المتعلق بتوقف المنشأة عن مزاولة نشاطها و الفصول 152، 153، 154، المتعلقين بالإقرار بالحصيلة الخاضعة للضريبة من المدونة العامة للضرائب، بمعنى لا يجب أن يكون الإقرار ناقصا في بياناته[28].
و يفترض فيه أنه صادق إذا قدم مستوفيا للبيانات القانونية وداخل الأجل القانوني وبالتالي على الإدارة إثبات العكس أي ينتقل هنا عبء الإثبات على الإدارة .ولكن هذه القاعدة لا تعفي الملزم من التعاون مع الإدارة في الحالة التي تريد فيها مناقشة مضمون التصريح في إطار المسطرة التواجهية وإلا انتقل عبء الإثبات ضده. و حسب المشرع التونسي فإنالمطالببالأداءيكونالمتحملالأصليلعبءالإثباتفيصورةتوظيفالأداءعليهجبرابسببعدموفائه بواجبمسكمحاسبةقانونيةأوإغفالهالكليعنالتصريحبالأداء، ففيهذينالصورتينتكتفيالإدارةبإقرارعدم الوفاءبأحدالواجبينالمذكورينلتوظيفالأداءجبراعلىالمطالببالأداءالذينهوفيحالةإخلال،معتمدةعلى مظاهرنموالثروة لديهأوعلىالاستقصاءاتلدىالمزودينوالحرفاء، وهومبدأأكدتهالمحكمةالإداريةفيعدد من قراراتها ومنهاالقرارين عدد 31614 في 12 أكتوبر1999 [29]و عدد 32332 في 19 فيفري 2001[30]، و هكذا يجد المطالببالأداءنفسهأمامعبءثقيلهوعبءإثباتصحةتصاريحهوحقيقةمواردهأوشططماوظفعليهجبرا.
و الإشكالية التي يطرحها التصريح من هذا المنبر هي أن تحميل المطالب بالأداء عبء الإثبات عدم امتلاكه لموارد غير تلك التي يتضمنها تصريحه يبدو أمرا صعبا إن لم نقل مستحيلا، و هنا يمكن الاستشهاد بالمشرع الفرنسي الذي كان يتبنى نفس هذا المبدأ و هو ما دفعه إلى القيام بتنقيح هام في مادة الإثبات الجبائي خلال سنة 1955، حيث اقتصر على مطالبة المطالب بالأداء بإثبات شطط ما وظف عليه من طرف الإدارة لا غير لتمتع بالإعفاء من الأداء أو التخفيض منه.

ب الوثائق المحاسبية :
تعتبر الوثائق المحاسبية أيضا من الإثبات الجاهز إذا كانت ممسوكة بانتظام أي وفق القانون المحاسبي[31].
ما يلاحظ في هذا الإطار أن الاجتهاد القضائي المغربي جعل عاتق عبء إثبات الإخلال بقواعد المحاسبة على عاتق الملزم وتارة أخرى على عاتق الإدارة، ففي حكم صادر عن المحكمة الإدارية بفاس[32]حيث جعلت عبء الإثبات على الملزم حينما قضت بأنه “حيث يجب على كل شخص خاضع للضريبة على القيمة المضافة مسك محاسبة منتظمة تمكن من تحديد رقم المعاملات وتقدير مبلغ الضريبة الذي يخصه أو يطالب باسترجاعه.
وحيث انه من الثابت من أوراق الملف أن المدعين لا يتوفران على وثائق محاسبة تتعلق بمداخيل المقلع،وكذا بالمبالغ الموردة بحسابها المفتوح لدى البنك التجاري….وحيث إن ما عابه للطاعن عن اللجنة الوطنية من عدم مراعاة ما توصلت إليه اللجنة المحلية،ظل عاريا من أي حجة تعضده لاسيما وأن المدعي عجز في سائر مراحل التقاضي عن الاستدلال بالمؤيدات المحاسبية التي تمكن من ضبط حساباته بشكل سليم وفقا للضوابط المقررة قانونا، علما بأنه إذا شابت حسابات الملزم لسنة محاسبية أو لفترة من فترات فرض الضريبة اخلالات خطيرة من شأنها أن تشكك في قيمة الإثبات التي تكتسيها المحاسبة، جاز للإدارة تحديد أساس فرض الضريبة أو مراجعتها باعتبار العناصر المتوفرة لديها…”
وانتهت المحكمة إلى الحكم برفض الطلب لعجز المدعي عن إثبات ادعاءاته[33].
ونفس الاتجاه سارت عليه المحكمة الإدارية بالدار البيضاء[34]حيث جعلت كذلك عبء الإثبات على الملزم حيث جاء في بعض حيثياته ما يلي “…حيث خضعت الشركة المدعية لمراقبة محاسبتها من طرف المفتش فيما يخص الضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة برسم موسم 90/91 وحيث أعطى المشرع للإدارة بمقتضى المادة 35 من قانون الشركات والمادة 38 من قانون الضريبة على القيمة المضافة، الحق في استعمال سلطتها التقديرية في تحديد أساس الضريبة إذا أثبتت اختلالات محاسبة خطيرة من شأنها أن تشكك في قيمة الإثباتات التي تكتسبها المحاسبة.
وحيث أن المفتش وقف على تلك الإخلالات المسطرية بمقرر اللجنة الوطنية ومنها :إخفاء بعض المشتريات والبيوع ، عدم إدراج عمليات في المحاسبة بالرغم من انجاز الشركة لها، وحيث أن المدعية لم تثبت خلاف ذلك سواء أثناء الطعن الإداري أو القضائي مما يتعين معه التصريح برفض الطلب[35].
وهكذا ورد في قانون الضريبة على الشركات بأن الإدارة الضريبية لا يمكن أن تشك في محاسبة المقاولة الممسوكة بانتظام والتي لا تشوبها اخلالات جسيمة إذا أثبتت نقصان الأرقام المصرح بها، بمعنى أن المحاسبة الممسوكة من طرف الملزم بصورة منتظمة وفقا للقانون المحاسبي تعتبر وسيلة إثبات لفائدة الملزم وإذا قامت الإدارة برفضها يقع عليها عبء إثبات عدم صحتها أو قيمتها الثبوتية[36].


2- إثبات من خارج النظام الضريبي ( الوسائل العامة) فهناك :
3- وهي الوسائل التي نصت عليها المادة 404 من قانون الالتزامات والعقود كالكتابة والإقرار والقرائن باستثناء شهادة الشهود واليمين التي لا يمكن اعتبارهما وسيلتين للإثبات في المادة الجبائية.
أ‌- الحجة الكتابية :
ونقصد بها الإثبات بالمحاضر والشواهد الإدارية.
فالمحاضر المحررة بمناسبة المخالفات المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب تعتبر وسيلة إثبات متى استجمعت الشروط القانونية وهي أن تكون مكتوبة، محررة من طرف مفتش على الأقل، متضمنة للواقعة محل المعاينة وأن يكون مؤرخا من طرف المحرر.
أما الشواهد الإدارية فهي وسيلة يتم اللجوء إليها من طرف الملزم في حالة إثبات مجموعة من الوقائع الأساسية في تحديد الضريبة (التوقف من مزاولة النشاط ،إغلاق المحل، السكنى الرئيسية …).
وهذه الوسيلة تم تكريسها من طرف القضاء الإداري المغربي بدليل ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بوجدة إلى القول…وحيث لما كانت إثبات الواقعة المنشئة للضريبة العامة على الدخل يقع على عاتق الإدارة باعتبار هاته الواقعة غير مثبتة في النازلة واستدل الطاعن في سبيل إثبات نفيها خلال سنة المنازعة، بشهادة إدارية صادرة عن مكتب الصرف تحت عدد 22.02551 تاريخ 1995/8/23 تفيد أنه لم يسجل أية عملية تتعلق بالتصدير والاستراد برسم سنتي 93/94 ،وهي لم تكن محل جدل ولا مناقشة من طرف الإدارة الجبائية ،باعتبار أن هاته الأخيرة لا تنسب أي دخل آخر للطاعن سوى الناتج عن ممارسة نشاط التصدير والاستراد أعلاه مما تبق معه الضريبة المفروضة في حقه مرتكزة على أساس”، فبعض المحاكم كالمحكمة الإدارية بالبيضاء اعتبرت الشواهد المسلمة من طرف السلطة المحلية مرجحة على باقي الوثائق الأخرى وخاصة محضر التحري المنجز من طرف المفتشين.
ب‌- الإقرار:
ونقصد به الإقرار القضائي والقبول الضمني.
فالإقرار القضائي نصت عليه المادة 406 من ق.ل.ع[37]، والذي بموجبه تقرر بعض الأحكام أن عدم جواب الإدارة على مقال أو مذكرة الملزم هو إقرار من قبل الإدارة بما ورد فيها[38].
ولابد من الإشارة هنا أن القضاء الفرنسي لا يعتد بالإقرار القضائي الصادر عن الإدارة، لأنه لا يعتبر أنها تلتزم بتطبيق القانون ولا يجب أن تتقيد بما يصدر عنها من إقرارات مخالفة لهذا الالتزام، كما لا يمكنها أن تتخلى عن تطبيق القانون في أية مرحلة من المراحل.
في حين أن القبول الضمني فقد رتبه المشرع على أساس أنه المتمثل في عدم جواب أحد الطرفين على ملاحظات الطرف الآخر داخل الأجل الذي يحدده، يعد قبولا ضمنيا بهذه الملاحظات.
وأكثر الحالات إثارة في هذا الصدد تتعلق بعدم جواب الملزم على جميع ملاحظات الإدارة في إطار المسطرة التواجهية،وللإشارة اعتبر المشرع المغربي عدم تقديم طعن في المقرر الصادر عن اللجنة المحلية داخل الأجل القانوني قبولا ضمنيا بهذا المقرر، حيث ورد في البند ب من المادة 11 من كتاب المساطر الجبائية “يعد عدم تقديم الطعن داخل أجل 60 يوما المنصوص عليه قانونا قبولا ضمنيا لمقرر اللجنة المحلية لتقدير الضريبة”
ج– القرائن:
لقد عرفها المشرع التونسي في الفصل 479 من مجلة الالتزامات و العقود على أنها: ما يستدل به القانون أو الحاكم على أشياء مجهولة، أي أنها وسيلة يستنتج بها المشرع أو القاضي من معطيات معلومة أثار قانونية لواقعة مجهولة. فالقرائن الجبائية تكتسي أهمية كبرى في مجابهة كل عمليات التهرب الجبائي و التي تجد الإدارة صعوبة في إثباتها أحيانا، فتقتصر على التأكد فقط من وجود الأفعال التي تؤسس القرينة، و يحمل المطالب بالأداء عبء دحضها.
أما القرينة في التشريع المغربي فكان الهدف منها تيسير الإثبات على الإدارة، و القرينة أنواع هناك:
أ‌. القرينة القانونية القاطعة : هي التي تعفي من تقررت لمصلحته من كل إثبات، ولا يقبل أي إثبات يخالفها، و مجالها القرينة واسع، إذ غالبا ما تتعلق بالقواعد الموضوعية المنظمة لوعاء الضريبة و ربطها أو تحصيلها.
ب‌. القرينة القانونية البسيطة : تعفي الإدارة من عبء الإثبات، لكن بإمكان الملزم أن يثبت العكس مثل: أن يتقيد في السجل التجاري وفي قوائم الضريبة المهنية قرينة على بداية مزاولة النشاط المهني، وبالتالي بداية الخضوع للضريبة.
ج . القرينة القضائية : وهي القرينة التي يستمدها القاضي من واقع الحال أو من واقعة معلومة ليصل إلى واقعة غير معروفة، وقد أقر الاجتهاد القضائي بعض القرائن مثل :
ü دخول الملزم في حوار مع إدارة الضرائب ومباشرته لإجراءات لاحقة قرينة على علمه اليقيني بالإجراءات السابقة.
ü قرينة وجود إخفاء الأسس الضريبية ناجم عن التصرف غير العادي في التسيير مثل :
* التخلي عن قروض أو عن فوائد ،
* منح قرض بدون فائدة،
* وجود مصاريف مبالغ فيها،
* منح تعويضات تفوق قيمة العمل المنجز.
لكن في المقابل يبقى من حق الملزم إثبات عكس هذه القرينة سواء على مستوى المبدأ أو على مستوى المبلغ[39].
و يتضح إذن أن وسائل الإثبات في المادة الضريبية متعددة و متنوعة، و تبقى الحجة الكتابية من أهم الوثائق التي يعتد بها في الإثبات سواء من حيث الإدارة أو الملزم، لذلك ارتأينا تخصيص المبحث الثاني في فرعه الأول لحجية الإثبات بالشواهد الإدارية و المحاضر المنجزة من طرف مأموري الضرائب، و في الفرع الثاني مناقشة سلطات القاضي في تقدير وسائل الإثبات في المادة الجبائية.
المبحث الثاني: الإثبات بناءا على المحاضر و الشواهد الإدارية
لقد أثبتت الممارسة العملية في مجال الإصدار الضريبي أن إثبات الضريبة يكون دائما محل منازعة تتجاوز الإجراءات التمهيدية إلى طرحها أمام القضاء الإداري، الذي يعتبر الفيصل في هذا الموضوع، حيث يملك سلطة تقديرية في ميدان إثبات المادة الضريبية بناءا على الوقائع و الوثائق الإثباتية التي تعرض عليه، و بذلك يساهم في خلق قاعدة قانونية و يمارس صلاحياته كمصدر هام من مصادر القانون الجبائي.
إذا كانت المادة الجبائية حددت التزامات الخاضع للضريبة المنصوص عليها بموجب نصوص المدونة العامة للضرائب، أي وسائل الإثبات التي يبرر بها الخاضع للضريبة قانونية الأسس المصرح بها و التي تستند بالأساس إلى مشروعية العمليات المقيدة في إقراره و المقررة بالوثائق الإثباتية وفقا لما هو منصوص عليه في المادة 146من المدونة العامة للضرائب، و هكذا فالبحث في قانونية الوثائق المعروضة على المحكمة هي اختصاص طبيعي للقاضي الإداري[40].
و قد كان لجوء الملزم إلى الشواهد الإدارية الصادرة عن السلطة المحلية سواء لإثبات واقعة إما التوقف عن مزاولة النشاط أو لتبرير طلب إلغاء الضريبة أو لإثبات الإعفاء الكلي أو الجزئي منها، ثم لجوء الإدارة إلى إعداد المحاضر المحررة من طرف مأموري الإدارة لإثبات صحة عملية التبليغ و إثبات المادة الضريبية، فما مدى حجية الشواهد الإدارية و المحاضر في إثبات الواقعة الضريبية؟ و ماهي سلطات القاضي الجبائي في تقدير تلك الوسائل؟

المطلب الأول: القيمة الثبوتية للحجة الكتابية
إن الإثبات في المواد العادية يكون إما بالكتابة أو الإقرار أو القرائن[41]، باستثناء شهادة الشهود و اليمين كما بينا ذلك من قبل. و في فقرتنا هذه سنقتصر على مناقشة الحجة الكتابية من خلال وسيلتين الشواهد الإدارية و المحاضر فقط لما لمسناه من أهمية لهذه الوسيلة في إثبات المادة الضريبية.


1- حجية الإثبات بالشواهد الإدارية الصادرة عن السلطة المحلية:
يلجأ بعض الملزمين بالضريبة إلى الشواهد الإدارية الصادرة عن السلطة المحلية بعد عملية الإصدار الضريبي[42]، من أجل إثبات الوقائع المحددة للضريبة ( إما التوقف عن مزاولة النشاط، إغلاق المحل…).
و قد شكك البعض في هذه الوسيلة كورقة لإثبات الواقعة الضريبية بدعوى[43]:
ü أن الشهادة التي يتم بها إثبات واقعة ما، قد تكون مرت عليها مدة طويلة من الزمن و بالتالي قد تختفي جل معالمها.
ü أنها تخالف قاعدة تقييد إثبات بعض الوقائع التي وضعها المشرع، مثلا التوقف عن مزاولة النشاط المهني يثبت بالتصريح عن التوقف و بالتشطيب من قوائم الضريبة المهنية و من السجل التجاري.
و قد تم التنصيص على الإجراءات التي يتعين على الملزم بالضريبة تتبعها إذا ما أراد التوقف عن مزاولة نشاط ما أو تغيير لملكية عقار سواء في الغرض المخصص له أو من حيث شغوره أو تغيير لشكله، في المواد 16 و30 و 31 و 38 من القانون رقم 06/47[44]، و المادتين 114 و 150 من المدونة العامة للضرائب و ألزمه بضرورة تبليغ الإدارة الضريبية بذلك داخل أجل قانوني محدد.
هدف المشرع هنا كان هو ضمان حقوق كل من الإدارة و الملزم بالضريبة من خلال الحفاظ على حق الإدارة في الإطلاع[45] و التأكد من الواقعة المنشئة للضريبة و كل الوثائق المرفقة بالطلب، و على حق الملزم من حيث تجميد عملية الإصدار الضريبي عن الفترة التي تلي تاريخ توقف أو تمتيعه بالإعفاء الكلي أو الجزئي حسب الحالة[46].
لقد أبانت التحريات على تهرب العديد من الملزمين بالضريبة من خلال تخلفهم عن التقيد بالاخد بالمقتضيات القانونية المشار إليها لأن حق الإدارة يتقادم مع المدة، و الحقائق و الأدلة تندثر هي أيضا.
لذلك هذه الوسيلة يجب إعادة النظر فيها و خصوصا تغليبها في الإثبات على الوسائل التي قد تتوفر عليها الإدارة و منها على الخصوص محاضر معاينة الوقائع، معاينة لجنة الإحصاء رغم أن حكم إداري البيضاء الصادر في 22/04/2004 أكد على أن العبرة في إثبات السكن و مدته هي بالشواهد الإدارية المسلمة من السلطات المحلية المختصة بذلك، و أن الشواهد المذكورة مرجحة على باقي الوثائق الأخرى التي تنفي الإقامة و مدتها كمحضر التحري المنجز من طرف المفتشين.
2- حجية الإثبات بالمحاضر المنجزة من طرف مأموري إدارة الضرائب:
تلجأ الإدارة غالبا إلى محاضر ينجزها مأمورو الإدارة الضريبية من أجل إثبات واقعة مادية، سواء لربط الضريبة أو لصحة مسطرة ربط الضريبة خاصة ما يتعلق بالمخالفات[47]، و هذا تأكيد لما قلناه سابقا على حرية الإدارة في إمكانية الإثبات بكل الوسائل المتاحة.
و يجب الاعتداد بالمحضر كوسيلة إثبات متى توفرت بعض الشروط، و لايمكن أن يطعن فيه إلا بالزور و هي:
* أن يكون محررا على الأٌقل من طرف مفتش محلف و أحيانا قد يكونان اثنين كما هو الشأن في المخالفات موضوع الجزاءات الجنائية،
* أن يتضمن الواقعة محل المعاينة،
* أن يكون مؤرخا من طرف المحرر.
و قد وجد خلاف بين المحاكم الإدارية الابتدائية و الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى حول مسألة حجية الإثبات بالمحاضر على مستويين:
على مستوى إثبات الوقائع:
– بالنسبة للمحاكم الإدارية: حيث نجد تعارض بين المحاكم الإدارية التي استبعدت في بعض أحكامها المحاضر المحررة من طرف مأموري الضرائب، بحجة أنها صادرة عن الإدارة باعتبارها خصما و طرفا في نفس الوقت مع الملزم.
– بالنسبة للمجلس الأعلى: اعتبر أن هذه المحاضر يمكن الاستناد عليها كحجة إثبات[48].
على مستوى إثبات صحة مسطرة ربط الضريبة:
– بالنسبة للمحاكم الإدارية: تعتبر أن مفتش الضرائب غير مؤهل لتحرير محضر برفض الملزم تسلم رسائل التبليغ.
– بالنسبة للمجلس الأعلى: فقد أقرت بقانونية المحضر سواء لإثبات عدم وجود أي شخص في العنوان الذي أدلى به الخاضع للضريبة في إقراره المدلى به إلى مفتش الضرائب، أو لإثبات واقعة الامتناع عن تسلم الرسالة، أو لإثبات تعذر لتبليغ بسبب وجود شخص أخر يقيم بالعنوان المدلى به من طرف الملزم.

المطلب الثاني: سلطات القاضي الإداري في تقدير وسائل الإثبات
لقد لعب القضاء الإداري ولازال دوراً كبيراً في تدعيم الضمانات التي يتمتع بها الخاضع للضريبة مند إحداث المحاكم الإدارية، مروراً بإحداث محاكم استئناف إدارية ولاشك أن هذا النهج سيستمر في انتظار إنشاء مجلس الدولة في إطار الإصلاحات التي يعرفها المغرب حالياً، وكذلك تعميم المحاكم الإدارية على مستوى كل جهة.
و قد حمله المشرع المسؤولية من أجل تقدير القوة الثبوتية لوسائل الإثبات المدلى بها من الطرفين الإدارة و الملزم الذي الملزم يعد شريكا في تمويل النفقات العمومية، وهو بهذه الصفة يتمتع قانونا بضمانات جبائية مهمة، تاركا له أمر الأخذ بها من عدمه لسلطته التقديرية و اجتهاده في اختيار كل إجراءات التحقيق، التي يراها ضرورية للفصل في القضية باعتباره سلطة تقديرية للواقع و لجدية وسائل الإثبات الموكولة له في إطار ما يتمتع به من مطلق الإجتهاد في تقدير حجية الأدلة المعروضة عليه، و في اعتماد ما قدم له من حجج يجوز له إزاحتها كلما تبين له أنها غير جدية و مشكوك في صحتها. فله إذن صلاحيات هامة للفصل في المنازعات المعروضة عليه، و دوره أهم من خلال مستويات عدة منها تكريس مبدأ المشروعية ثم ترسيخ قواعد ثابتة تتقيد بها الإدارة الضريبية مشيرا إلى أنه من خلال ذلك يساهم القضاء مساهمة فعالة في استتباب الأمن القانوني والقضائي والعدالة الضريبية، وتكريس مبدأ المحافظة على المال العام، والتشجيع على الاستثمار، ودعم جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية.[49]
اعتبر القاضي الإداري بمثابة مفتش سام للضريبة نظرا لكونه هو الذي يقوم بالإعلام بمصادر استخلاص الضريبة، و قد كان هذا موضوع مداخلة للأستاذ عبد الرحيم أبليلا بمكناس و التي ناقش فيه دور القاضي في تسوية المنازعات الجبائية، أما الثاني تطرق من خلاله لدور العمل القضائي في تطوير المادة الجبائية، و أكد على 3 خصوصيات أساسية:
* الخاصية الأولى: هي كون القاضي له سلطة في مسطرة المنازعات الجبائية، باعتبار هذه الأخيرة تدخل في باب القضاء الشامل وهو ما يشكل ضمانة أساسية للملزم، وهنا تظهر عدة سلطات للقاضي ( تحديد مبلغ الضريبة، قبولها…)، غير أن هذه الصلاحيات هي سلطات سيادية للقاضي وحده دون غيره، حيت أكد الأستاذ أبليلا على فكرة السيادية للقاضي وحده، معتبرا أن دور الخبير في مجال المنازعة الجبائية هو دور غير طبيعي.
* الخاصية الثانية: هي كون القاضي الجبائي هو مفتش سام للضريبة، أي أنه يقوم بنفس العمليات التي يقوم بها مفتش الضرائب، غير أن القاضي يتميز عن المفتش بكونه له سلطة الاجتهاد لذا اعتبره الأستاذ المداخل مفتش سام للضريبة.

وقد أثارت هذين الخاصيتين حفيظة بعض المتدخلين من الحضور، اعتبروا أن القول بكون القاضي الجبائي مفتش سام للضريبية و كذا إضفاء طابع السيادية على سلطاته فيه حيف وإنقاص لمهمة الخبير وتجاوز للنصوص القانونية.

* الخاصية الثالثة: القاضي في المنازعة الجبائية هو قاض جبائي، وفي هذه الحالة يشير إلى أنه أحيانا الكثير من المقالات الافتتاحية لاتتم الإشارة فيها إلى نوع المنازعة[50].

فعليه القيام بدراسة الحجة المقدمة إليه في حد ذاتها من حيث حجيتها القانونية كدراسة مدى إثباتها للوقائع المتنازع في شأنها من عدمه و ترجيح إحداها عن الأخرى، مثلا ذهب القاضي الإداري إلى ترجيح الشواهد الإدارية الصادرة عن قائد مقاطعة على تقارير لجن الإحصاء، حيث جاء في قرار عدد 263 الصادر بتاريخ 14/03/2007 في الملف الإداري عدد 237/04/02/2005: “… لكن حيث إن المستأنف لم يدل بأية شهادة إدارية تتعلق بسنة 2003 التي فرضت فيها الضريبة لإثبات عكس ما ورد في تقرير لجنة الإحصاء..”
و في قرار أخر عدد 138 المؤرخ في 14/02/2007 في الملف الإداري عدد 1405/04/02/2004 تم فيه التأكيد مرة أخرى على هذا التوجه حيث جاء في القرار المذكور أن تاريخ انتهاء الأشغال الذي يمكن أن يستنتج من الشهادة الإدارية الصادرة عن قائد قيادة مديونة و أن تقرير لجنة الإحصاء التابعة لإدارة الضرائب لا يشكل دليلا قاطعا على انتهاء أشغال البناء..”[51].

فللقاضي الجبائي إذن دور محوري في تحقيق العدالة الضريبية، ودعم ثقة المتقاضين في القضاء الإداري، إلا إنه لابد أن يتمتع القاضي الجبائي بمستوى عال من التكوين في المادة الجبائية، بالإضافة إلى دور المشرع في تبسيط النصوص الجبائية و استقرارها، و الواقع أثبت ضعف تكوين القاضي الإداري في هذا المجال الذي أثر سلبيا على دراسة القضايا الجبائية المعروضة عليه، فأصبح يلجأ إلى الاستعانة بالخبير في الكثير من الحالات، حيث تحول أمر البث في المنازعة إلى جهة أخرى هي في الأصل استشارية فقط، فأخذ دوره يتعاظم و حجمه يكبر أكثر من دور القاضي، خاصة وأن الخبرة تنصب على جوهر النزاع في حين يقتصر دور القاضي على الجانب المسطري فقط[52]، ومن جهة أخرى بات اللجوء إلى الخبرة يشكل مدخلاً أساسياً للإفلات من الضريبة، ولاسيما في ظل عدم وجود قضاء متخصص[53].
و بالتالي فمعضلة الإثبات في المادة الضريبية هي تكريس لخصوصية القانون الجبائي، مما جعل اعتماد النظرية العامة للإثبات في ق.ل.ع دون ملائمتها مع هذا القانون تعسف على حقوق الطرف في القضية الجبائية و على القانون الضريبي و النظرية العامة للإثبات في الآن نفسه.
فخصوصية الدعوى الضريبية و طبيعة الخصوم فيها تجعل المساواة المطلقة بين الطرفين في مجال الإثبات أمرا مستحيلا، و لكن إيجاد مساواة نسبية بينهما هو أمر ممكن متى تحمل القاضي الإداري مسؤولياته كاملة و أعمل اجتهاده لملائمة قواعد الإثبات مع خصوصية المادة التي بين يديه و ليس ذلك بالعمل الصعب عليه.


خاتمة:
مما سبق نخلص أن دور القاضي قي توجيه الدعوى و توزيع عبء الإثبات بين طرفي النزاع ليس دورا سلبيا بل دور ايجابي و فعال بحسب تبريرات الطرفين ( الإدارة و الملزم) فمن ادعى شيئا يخالف الوضع الجبائي الثابت أصلا أو عرضا أو ظاهرا يكون هو المدعي الذي عليه الإثبات، لا فرق بين الملزم و الإدارة الجبائية فهما سواء.
هكذا يتبين أن نظام الإثبات هو جزء من العملية الجبائية، سواء تعلق الأمر بقواعد توزيعه و تحيد الجهة التي تتحمل عبئه أو تتعلق بوسائله الخاصة أو العامة.
و بالرغم من أن المشرع المغربي لم يخص بعد نظام الإثبات الجبائي بنصوص قانونية مستقلة تتعرض لأهم جوانبه، فإن القضاء مدعو لأن يستنبط قواعد هذا النظام من مختلف النصوص الجبائية و من طبيعة العملية الجبائية و خصوصية المعاملة بين الملزم و الإدارة الجبائية من اجل تحقيق العدالة الضريبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.