ساهمت سياسة الدعايات الكاذبة، التي كانت وراء صناعة البوليساريو، والتي أنفق عليها حكام الجزائر أكثر من 300 مليار دولار طيلة 40 سنة، في تأزيم الأوضاع الاجتماعية للشعب الجزائري، وخير مثال على ذلك، استمرار أزمة ندرة الحليب المجفف. فمنذ أسابيع، والجزائريون يكابدون المعاناة لأجل الحصول على مسحوق الحليب المدعم من الدولة، وبات اصطفاف الجزائريين أمام بعض المجمعات الاستهلاكية للظفر بالحليب أمرا مألوفا، إذ لا تزيد الحصة التي يوفرها الباعة عن عبوتي لتر على الأكثر لكل زبون. وكانت الجزائر، في السنوات الأخيرة، قد خفضت الكميات المستوردة من مسحوق الحليب، في إطار إجراءات تقشفية اتخذتها الحكومة الجزائرية للتقليل من نسبة الواردات. ولاتزال قوانين الميزانيات، التي تخرج كل سنة، تتضمن بنودا خاصة بنفقات البوليساريو، بل إن ما ينفق على البوليساريو في الخفاء أكثر بكثير مما تتضمنه بنود الميزانيات المكشوفة، فقد أصبح البوليساريو كالنبات الطفيلي الذي يمتص دماء أحفاد الأمير عبد القادر، وكلما سئل بيادق الحكام في الجزائر عن هذا التبذير الأخرق، إلا وكرروا أسطوانة دعم حق الشعوب في تقرير مصائرها، أما مصير الشعب الجزائري فلايزال مجهولا. سياسة التقشف التي انتهجتها الجزائر، منذ تراجع أسعار النفط، جعلها تعلن في وقت سابق، عن عزمها خفض المساعدات الاقتصادية والعسكرية لبعض الدول الإفريقية المساندة لها في دعمها اللامشروط للانفصاليين. وتعتمد الجزائر على هذه المساعدات المالية لاستمالة المواقف ضد مبادرة الحكم الذاتي والطرح المغربي لقضية الصحراء، ونتيجة للأزمة الاقتصادية والسياسية التي تتخبط فيها، أصبحت عاجزة لتنفق بسخاء على انفصاليي تندوف. وكانت الجزائر قد رصدت مبلغ 10 ملايين أورو من عائدات النفط والغاز، نهاية العام المنصرم، بهدف تمويل تنقلات وفد “البوليساريو” إلى الدول الاسكندنافية، وعلى رأسها السويد والنرويج من أجل كسب تعاطفها وانتزاع اعترافها بالكيان الوهمي، وكل هذا على حساب تطور البلاد واحتياجات الشعب الجزائري. الاختناق الاقتصادي بسبب المخططات الاقتصادية الفاشلة والإنفاق المتهور على البوليساريو، على حساب كل مشاريع التنمية، إضافة لما سيخلفه انهيار أسعار النفط وارتفاع قيمة الدولار من كوارث على اقتصاد الجزائر ستكون، بلا شك، الضربة القاضية لاقتصاد الريع الذي انتهجته الجزائر منذ استقلالها المفترض. ومن هذا المنطلق، فإن الجزائر تخسر الكثير من الثروات الطائلة لأجل جبهة البوليساريو على حساب الجزائريين، لكن تبقى الظروف الاقتصادية للمغرب أفضل بكثير على كل المستويات في حين ظروف الجزائر سيئة وأي تصعيد في الصحراء سيزيد من حجم الخسائر الجزائرية أكثر.