خاضت مجموعات نسائية ينتمين إلى ذوات حقوق الأراضي السلالية أمس الخميس أمام قبة البرلمان، وقفة احتجاجية تندرج في إطار مسارهن النضالي المطالب بإخراج قانون يضمن حقوقهن في الاستفادة من أراضي الجموع والعائدات الناتجة عنها، والتي يحرمن منها بسبب كونهن “نساء” كما ينص العرف الشعبي في عدد من مناطق المغرب، وهي قضية شائكة يصفها البعض “بأحد الوجوه الفاضحة للعنف الاقتصادي المبني على النوع بالمغرب”. العرف يتحدى القانون والشرع والتقطت كاميرا “برلمان.كوم” صرخات مؤثرة لنساء وأمهات بلغ بهن اليأس مبلغه وهن يطالبن بحقهن الضائع، في المظاهرة التي تدخل ضمن “الحركة المطلبية للنساء السلاليات من أجل المساواة في أراضي الجموع”، التي تتبناها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب منذ سنة 2007، بمساندة منتدى بدائل المغرب، من أجل بسط المشاكل التي تعيق وصول النساء لحقوقهم في أراضي الجموع. دكتورة القانون الخاص والموثقة بمدينة الرباط الأستاذة يسرى حجام قالت في اتصال هاتفي أجراه معها “برلمان.كوم” إن “واقع النساء السلاليات اليوم بالمغرب، يعتريه ما يعتريه من خلل حقوقي، بسبب تغليب عرف قديم يصر على حرمان المرأة من حقها في التعويض عن تلك الأراضي، في تناف تام مع مقتضيات الدستور المغربي الذي يضمن المساواة الكاملة بين النساء والرجال في كافة الحقوق والواجبات، بالإضافة لما تنص عليه مدونة الأسرة وكذا كل الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب في هذا السياق”. وأوضحت الخبيرة القانونية أن “العقلية الذكورية والقبلية السائدة في المجتمع والتي تشترك في حملها أيضا بعض النساء، تساهم بشكل كبير في استمرار هذا الوضع المجحف في حق النساء السلاليات، ومنعهن من الانتفاع من أراضي أجدادهم، رغم تعارض الأمر مع القوانين وكذا مبادئ الدين الإسلامي الذي يعتبر دينا للدولة، والتي عززتها سابقا فتوى للمجلس العلمي (فتوى قدمها المجلس العلمي بعد طلب من وزارة الداخلية في يناير 2010، تؤكد على الحق الشرعي لهؤلاء النساء في الاستفادة من تلك أراضي)”. ظهير ودوريات وحقوق ضائعة وأشارت الدكتورة يسرى إلى “الدوريات التي أصدرتها وزارة الداخلية في هذا الإطار والتي أضيفت للظهير الشريف الصادر عام 1919، تعتبر مشجعة على تطبيق القانون وخصوصا قانون الميراث في ظل غياب قانون صريح منظم الذي يعد مطلبا أساسيا لصيانة حقوق هؤلاء النساء”، غير أن “ما يجعل تلك الدوريات غير ذي منفعة كبرى، هو غياب وعي قانوني لدى فئات النساء المتضررات اللواتي لا يلجأن للقانون من أجل انتزاع حقوقهن”. مضيفة أن “توزيع ثمن البيع بالتراضي التي تتم غالبا في هذه المعاملات، نادرا ما تمكن النساء السلاليات من حقوقهن كما الرجال، علما أن القانون يحصر البيع بالتراضي في المبيعات التي تتم لفائدة الدولة”، لذلك فإن “القانون يجب أن يضمن توزيع ثمار حق الانتفاع والايجار بصفة تضمن التوزيع العادل”. ومن أجل ضمان حماية حقوقهن “يجب الاستعانة بالموثقين المختصين في هذا المجال، لتمرير صفقات الأراضي المسجلة عبر مكاتب الموثقين”، تضيف الخبيرة. التحديات القانونية والكوطة النسائية وعن الحلول المقترحة للخروج من أزمة النساء السلاليات قالت المتحدثة إن “ثقافة المطالبة بالحقوق ودفع المؤسسة التشريعية لإصدار قانون شامل وواضح في هذا الإطار، بالإضافة إلى تخصيص كوطة نسائية داخل المجالس السلالية التي يهيمن عليها الرجال، يعتبر الحل الأمثل لإيقاف ضياع هذه الحقوق، المستمر لما يقارب القرن من الزمن، والمتحكم فيها بعقلية ذكورية تحرم تلك النساء من أبسط حقوقهن”. وتشكل قضية النساء السلاليات أحد أهم المشاكل الكبرى في موضوع أراضي الجموع بالمغرب، في كل ما يتعلق بالحق في الملكية والانتفاع والتعويض في حالة تفويت هذه الأراضي، ورغم إصدار وزارة الداخلية لدوريتين، الأولى بتاريخ 25 أكتوبر 2010 بخصوص استفادة النساء السلاليات من التعويضات المادية الناتجة عن العمليات العقارية، والثانية بتاريخ 30 مارس 2012 الخاصة بإعطاء حق الانتفاع للنساء السلاليات في الأراضي الجماعية، إلا أن النساء السلاليات يعتبرن الدورية غير ملزمة لأنها لا ترقى إلى مستوى القانون. وتشتكي النساء السلاليات حاليا من تعقيدات في المساطر المؤدية للحصول على بعض الحقوق التي أقرتها الدوريات المذكورة، والتي تسهر على تنفيذها السلطات المحلية في شتى ربوع المملكة، حيث يتحول البحث عن الحق إلى خوض في متاهات العقبات الإدارية بين مكاتب السلطات المحلية ودهاليز التسويف والانتظار، دون نتائج حقيقية. الأمل في مستقبل يعيد حقوق السلاليات كما تقول الجهات المدافعة عن حقوق النساء السلاليات، بأن مجلس الوصاية التابع لوزارة الداخلية والمكلف بتدبير القطاع المقيد بنص الظهير الشريف الصادر عام 1919 والمعدل بظهير عام 1963، قام بتأويل للحق في الانتفاع غير القابل للتفويت أو التمليك لتلك الأراضي، بطرق شتى، جعلته يفوت لكبار الملاكين كما للقطاع العام، في مقابل ضياع حقوق تلك النساء. وكانت بعض النساء السلاليات في 7مارس من عام 2014 قد تمكّن من الظفر بمناصب 5 نائبات سلاليات بالجماعة السلالية بجماعة المهدية نواحي مدينة القنيطرة، وذلك في تجربة جديدة ترمي إلى الدفاع عن حقوق النساء السلاليات بالمنطقة وانتزاع أكبر قدر ممكن من حقوقهن الضائعة.