ظهر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي ادريس لشكر مساء أمس الثلاثاء، بأسلوب مهادن وآراء سلسة اتجاه رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بنكيران، محملا المحيطين ببنكيران من قيادات وأحزاب وجهات إعلامية تعثر المشاورات الحكومية، بسبب الإشاعات وكثرة الأحاديث الجانبية المغرضة، وذلك أثناء حلوله في برنامج ضيف الأولى. وابتدأ لشكر الذي بدى في موقف المدافع عن نفسه وعن الحزب ضد ما أسماها “هجمات الاستهداف وأساليب السب والقذف”، بالحديث عن التحركات الخارجية للمغرب، واصفا الفاعل السياسي المغربي “بعدم قدرته على معرفة حقيقة ما يجري في التحركات الخارجية والديبلوماسية للمغرب، خصوصا مع التحرك الأخير داخل العمق الإفريقي، وقضية العودة للاتحاد القاري، التي أظهرت عجز هذا الفاعل”. وتوسع ادريس لشكر في الحديث عن النتائج الانتخابية لاستحقاقات 7 أكتوبر 2016، وما أعقبها من تحركات سياسية بين الأحزاب، حيث أشار إلى أن من بين الأخطاء التي سقط فيها الحزب المتصدر (حزب العدالة والتنمية) عقب التعيين الملكي لبنكيران حسب مقتضى الدستور، هو “عدم الوعي بأن التعيين الملكي لا يعطي رئيس الحكومة الصفة الكاملة في تكوين الأغلبية الحكومية، في ظل غياب الثقة البرلمانية، لأن العدالة والتنمية حصلت فقط على جزء من أصوات المصوتين المغاربة”، كما أن قضية انتخاب الحبيب المالكي رئيسا لمجلس النواب لم تكن موضوع الساعة بل كانت مشروعا توافقيا بدأ التحضير له منذ 9 أكتوبر 2016، حسب لشكر. ورفض لشكر أن يتم وصف “البلوكاج الحكومي” بالفشل في تشكيل الحكومة، موضحا أن الأمر قد يكون متعلقا فقط “بتعثر في المشاورات”، موردا أن “بنكيران بنفسه غير مسؤول عن هذا التعثر، بقدر ما هي مسؤولية المحيطين به بدءا من الأمانة العام للحزب، ومرورا بالجهات الإعلامية التي باتت تروج سيناريوهات غير حقيقية لكواليس المشاورات، وكأنها تقدم الأمر اليومي الخاص بالأحزاب الفاشية”. وأضاف لشكر، “نفس الأمر أيضا تعلق بعدد من الإشاعات المروجة من طرف زعماء أحزاب، قالوا فيها أن البلوكاج وراءه مؤامرة قادها الاتحاد الاشتراكي، رفقة عدد من الأحزاب لعرقة عمل رئيس الحكومة المكلف منذ يوم 8 أكتوبر الماضي، وحث تلك الأطراف على عدم القبول بالتحالف مع بنكيران”، في إشارة مبطنة لتصريحات شباط الأخيرة حول هذا الموضوع، “ناهيك عن الموقع الذي اختاره حزب التقدم والاشتراكية بعد تمسك بنكيران به منذ البداية، ليصبح جهة رسمية تخاطب الأطراف السياسية المعنية بالمشاورات”، يضيف لشكر. في ذات السياق عاب لشكر على بنكيران، “السماح له بتدخل الأمانة العامة لحزب المصباح في مشاورات تشكيل الحكومة”، مشيرا إلى أن “الديمقراطية كانت تقتضي أن تعين الأمانة العامة للحزب، ممثلا عن الحزب يتفاوض مع رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بنكيران، مثلها مثل أي حزب آخر معني بالمشاورات”، رافضا “التداخل الذي حصل بين مهمة رئيس حكومة مكلف وأمين عام حزب المصباح، في شخص بنكيران”. وعن موقف الاتحاد الاشتراكي المتذبذب، من دخول الحكومة، قال لشكر أنه “ورغم التاريخ السياسي الذي يشهد بعدم تضامن العدالة والتنمية عام 2002 لتعيين الوزير الأول آنذاك من الاتحاد الاشتراكي، فإن حزبه ظل وفيا للمصلحة الوطنية بعد انتخابات 2016، حيث قدم موقفه الواضح والايجابي من دخول التشكيل الحكومي”، مؤكدا على “موافقة حزبه المبدئية كذلك لموقف الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار، على عدم قبول المشاركة في حكومة تضم حزب الاستقلال”. لشكر أوضح موقف حزبه بخصوص رغبة بنكيران الاقتصار على الأغلبية السابقة بالقول: إن “اللقاءات التي جمعته ببنكيران كانت تسير في هذا السياق، غير أن الااتحاد الاشتراكي كان من الرافضين لأن تكون الحكومة بأغلبية عددية هشة قد تتأثر داخل دواليب البرلمان بغياب النواب، بالإضافة إلى أنه لا يمكن وضع الثقة في حزب الاستقلال الذي وعد بالدعم البرلماني للحكومة”، لذلك فقد كان “الطرح الذي توجه له الأحرار والحركة الشعبية بتوسيع الأغلبية موافقا مع توجهات حزب الاتحاد الاشتراكي”، حسب لشكر. كما كشف الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي بعضا من فحوى لقاءاته ببنكيران، والتي كانا قد تعاهدا فيها على عدم اخراج مضامينها لوسائل الإعلام بعبارة “المجالس أمانات”، بالقول: إن “رئيس الحكومة وأثناء تدبيره للمشاورات مع الحزب الاشتراكي لم يطرح للنقاش نقط الخلاف التي قد تعيق أي تعاون حكومي مستقبلا، بقدر ما كان متمسكا بنوعية التشكيلة الحكومية، مستغربا في ذات الوقت من الخرجات الجانبية لقيادات حزب المصباح التي شككت في مصداقية حزبه، قبل أن يعود بنكيران نفسه للتأكيد على استمرار تواجد الاتحاد الاشتراكي ضمن الأغلبية المرتقبة، وهو ما خلق نوعا من الارتباك في العلاقة بين الحزبين والتي أثرت بدورها على استمرار المشاورات”. وعن التكتل الذي قادته الأحزاب الأربعة (الأحرار، الحركة، الاتحادين الاشتراكي والدستوري) كشرط لدخول التحالف مع الحكومي مع بنكيران، نفى لشكر أن يكون “البلاغ المشترك قد أشار إلى مفهوم “ندخل جميعنا للحكومة أو لا أحد”، موضحا أن الاجتماع في رأي واحد كان بغرض تنسيق المشاورات فقط”، متسائلا عن السبب “الذي جعل رئيس الحكومة ما بين أمس واليوم يغير رأيه في عزيز أخنوش رئيس التجمعيين، ما بين وصفه بالإطار الكفء والملاك، ووصفه بالشيطان المعرقل للعجلة السياسية”. لشكر أشار في الأخير إلى أن باب المشاورات ما زال مفتوحا مع بنكيران في أفق تشكيل حكومة قوية وأن على بنكيران “الله يعاونو” أن يشتغل بما يمليه عليه تفكيره دون الرجوع لأحد من المحيطين حوله، حتى يخرج من حالة البلوكاج الحكومي.