بعد إعلان نتائج انتخابات 7 أكتوبر، التي حملت بشرى سيئة لحزب الاتحاد الاشتراكي، لم يكن أحد يتوقع أن يتحول هذا الحزب الذي اعتبر أكبر الخاسرين في ثاني انتخابات تجري في ظل دستور 2011، بعد خسارته ل19 مقعدا، إذ لم يحقق سوى 20 مقعدًا، بينما حقق في انتخابات 2011، 39 مقعدًا، محتلا بذلك المركز الخامس أن يتحول إلى عائق أمام خروج حكومة بنكيران إلى حيز الوجود. في البدء كان الوعد! نتائج انتخابات 7 أكتوبر أحدثت صدمة في وسط الاتحاديين، وكشفت أن إدريس لشكر، الكاتب الأول للحزب، الذي شكك اتحاديون كثيرون في طريقة وصوله لقيادة الوردة لم يحقق شيئا يذكر لهذا الحزب، مما يستدعي رحيله، وهو ما ظهر جليا في الرسائل التي توصل بها لشكر شخصيا من اتحاديين كثيرين من مختلف المدن والأقاليم، والتي تطالبه بالرحيل. بعد خيبة الأمل التي أصابت الجسم الاتحادي، دعا إدريس لشكر الكاتب الأول ل"الوردة" المكتب السياسي لعقد اجتماع في 10 من أكتوبر الماضي من أجل تقييم ما حصل، واستخلاص الدروس من نتائج الانتخابات، ولأن الأجواء كانت مشوبة بالغضب، فقد ذهبت جل مداخلات المكتب السياسي إلى ضرورة تشكيل لجنة تحضيرية وعقد مؤتمر للحزب في أقرب فرصة، وهو ما وافق عليه لشكر شخصيا، إلا أنه قبيل إنهاء الاجتماع، بحسب ما كشف أكثر من مصدر اتحادي لموقع "اليوم 24" تلقى إدريس لشكر اتصالا هاتفيا، يعتقد أنه من "جهات عليا". أجاب لشكر على المكالمة الهاتفية بمعزل عن أعضاء المكتب السياسي، وبعدها عاد لمواصلة الاجتماع، حيث أخبر قيادة الحزب أن شخصا مقربا من محيط القصر طلب منه عدم إعلان تموقعه في المعارضة، ووعده بالمشاركة في الحكومة. ودعا لشكر أعضاء المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي إلى التراجع عن فكرة المؤتمر، وإصدار بلاغ سياسي يبرر فيه تقهقره الانتخابي إلى الأجواء التي مرت فيها الانتخابات، وتحميل المسؤولية لحكومة بنكيران، كما قرر رفع مذكرة للملك محمد السادس، لم يعلن لحد الآن عن مضامينها، وقبل ذلك، هل رفعت أم لم ترفع؟ تموقع في المنطقة الرمادية بعد تعيين عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية رئيسا للحكومة من قبل الملك محمد السادس في العاشر من أكتوبر من العام الماضي، باشر مشاورات تشكيل الحكومة ابتداء من 17 أكتوبر بلقاء حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، واستقبل لشكر في 18 من أكتوبر. في هذا اللقاء الذي حضره الحبيب المالكي، رئيس اللجنة الإدارية لحزب الاتحاد الاشتراكي، وسعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية أنداك، دعا لشكر عبد الإله بنكيران إلى إعلان تشكيل الحكومة من أربعة أحزاب هي العدالة والتنمية والاستقلال، والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية، إلا أن بنكيران طلب التريث إلى حين لقاء ممثل عن حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي كان يستعد لعقد مؤتمره الوطني، بعد اضطرار رئيسه صلاح الدين مزوار لتقديم استقالته، وتنصيب أخنوش بدلا منه. انتظر عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين إلى حين تنصيب أخنوش على رأس التجمعيين في 29 من أكتوبر، وبعد لقائه يوم الأحد 30 أكتوبر فوجئ بنكيران بتغير لهجة أخنوش اتجاهه، ومواجهته بعدد من الاشتراطات من أجل المشاركة في حكومته من بينها إبعاد حزب الاستقلال، وإيقاف الدعم الموجه للفقراء، وإعادة النظر في إصلاح صندوق المقاصة، والفصل بين موقعه كأمين عام للبجيدي وكرئيس للحكومة. لم يتقبل بنكيران هذه الشروط التي عرضها عليه أخنوش، وخرج يندد بذلك، داعيا إلى إحترام الديمقراطية ونتائج انتخابات 7 أكتوبر. وأمام هذا الوضع دعا عبد الإله بنكيران، إدريس لشكر إلى إعلان مشاركته في الحكومة إلى جانب العدالة والتنمية والاستقلال والتقدم والاشتراكية، وهو ما كان سيسهل مهمته ويضع أخنوش في زاوية ضيقة، إلا أن لشكر ظل يتماطل، ورفض حضور اجتماع عقده كل من بنكيران وبن عبد الله، وحميد شباط. ظل الأمر على ما هو عليه إلى غاية 24 من نونبر، حيث استقبل بنكيران إدريس لشكر في بيته بالرباط. وبحسب الموقع الإلكتروني فإن اللقاء الذي دام زهاء ساعة، مر في أجواء إيجابية، وتوج بتسجيل تقدم مهم في مواقف الطرفين حيث أصبحت اليوم أكثر تقاربا، كما أن الوضعية بخصوص المشاركة في الحكومة تحسنت عن السابق". وبحسب المعطيات التي حصل عليها "اليوم 24" فإن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران عرض على إدريس لشكر في هذا اللقاء تولي رئاسة مجلس النواب، وإسناد حقيبتين وزاريتين لحزبه مقابل المشاركة في الحكومة وفك عقدة "البلوكاج". ورغم أن إدريس لشكر وعد بنكيران بالاستجابة لعرضه، إلا أنه غادر المغرب متجها إلى مدينة رام الله الفلسطينية، للمشاركة في حفل تنصيب محمود عباس رئيسا لحركة فتح لولاية ثانية. مصدر مطلع من حزب العدالة والتنمية، أوضح لموقع "اليوم 24" أن إدريس لشكر ذهب إلى رام الله، وقطع أي اتصال مع بنكيران، ولم يجب منذ ذلك الوقت عن عرضه، إلى حين إعلان بنكيران عن قراره بتشكيل الحكومة من أحزاب الأغلبية السابقة، بعد استبعاد حزب الاستقلال من الأغلبية الحكومية بسبب تصريحات أمينه العام حميد شباط إزاء موريتانيا. تصحيح مسار المشاورات كان لافتا للنظر أن يصدر حزب الاتحاد الاشتراكي بلاغا يؤكد فيه أنه سيصحح مسار مشاورات تشكيل الحكومة، بعدما وجد نفسه مبعدا منها بقرار من رئيسها، وأنه سيفتح نقاشا مع الأحزاب التي طالتها المشاورات. ووفق إخراج دقيق ومعد سلفا، أصدر عزيز أخنوش بلاغا في 6 من يناير 2016 بلاغا أعلن فيه تلبيته لنداء لشكر، كما شكل تحالفا جديدا ضم إلى جانب التجمع الوطني للأحرار، كلا من الاتحاد الدستوري، والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية، وأصبح أخنوش يفاوض بنكيران باسم أربعة أحزاب. انتهى الكلام بنكيران أعلن رفضه لشروط أخنوش، التي اعتبرها تعجيزية، وأصدره بلاغه الشهير ببلاغ "انتهى الكلام"، الذي أعلن فيه انتهاء المشاورات مع أخنوش، والعنصر، إلا أنه رغم ذلك، حاول مرات أخرى تني أخنوش عن التشبث بالاتحاد الاشتراكي، دون جدوى، إلى أن تم إعفاؤه في الخامس عشر من الشهر الجاري،وتعيين سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب بدلا منه. دخول الاتحاد "قرار سيادي" مباشرة بعد إعفاء الملك محمد السادس لعبد الإله بنكيران من رئاسة الحكومة برأت فيه رئيس الحكومة من من مسؤولية التأخر في تشكيل الحكومة، واعتبرت في بلاغ لها أن مسؤولية تعثر تشكيل الحكومة ترجع إلى الاشتراطات المتلاحقة خلال المراحل المختلفة من المشاورات من قبل أطراف حزبية أخرى وشددت الأمانة العامة لحزب المصباح أن مثل تلك الاشتراطات في حالة استمرارها ستجعل تشكيل الحكومة متعذرا أيا كان رئيس الحكومة المعين، مغلقة بذلك الباب أمام دخول الاتحاد الاشتراكي. هذا الموقف الذي عبرت عنه الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية سيصبح في خبر كان، بعد أول لقاء عقدته عقب تعيين الملك محمد السادس لسعد الدين العثماني رئيسا للحكومة بديلا لعبد الإله بنكيران. قياديو حزب العدالة والتنمية، الذي تحدث إليهم موقع "اليوم 24" أكدوا أن سعد الدين العثماني أخبر أعضاء الأمانة العامة للحزب خلال اللقاء الذي عقد في 23 من مارس الجاري أنه لا حكومة بدون الاتحاد الاشتراكي، وأن الحزب أصبح مخيرا بضم الاتحاد أو الدخول في أزمة سياسية، مشيرين إلى أن قيادة البجيدي اضطرت أخيرا للتراجع عن "فيتو" بنكيران. وقبيل الإعلان عن التحالف السداسي يوم السبت 25 من الشهر الجاري، صرح سعد الدين العثماني أمام أعضاء لجنة الاستوزار بحزب العدالة أن قرار ضم الاتحاد للحكومة "قرار سيادي"، دون أن يعطي تفاصيل أخرى أمام دهشة الحاضرين، بحسب ما كشف أكثر من مصدر من حزب العدالة والتنمية لموقع "اليوم 24″، لكن لماذا أعلن أخنوش في لقائه الأول مع العثماني تخليه عن الاتحاد الاشتراكي، ولماذا أعلن لشكر أنه لا يقبل أن تتفاوض باسمه أي جهة؟ جوابا على هذا السؤال، أوضح مصدر مطلع لموقع "اليوم 24" أن أخنوش لم يعد مضطرا للدفاع عن لشكر، بعدما علم أن رسالة الذين وعدوا لشكر بالتواجد في الحكومة قد وصلت للعثماني مباشرة، وهو ما جعل لشكر يظهر أيضا كزعيم حزب حريص على استقلالية قراره الداخلي.