سلط المركز المغربي لحقوق الإنسان الضوء على حالة التجاذب والتنافر التي تعيشها وضعية حقوق الانسان بالمغرب، بين مسار يسعى للاستثمار على تطوير منظومة حقوق الانسان، ومسار آخر يتسم باشتداد منهج التضييق في حق بعض الخصوم السياسيين والحقوقيين والنزوح نحو السلوك القمعي تجاه بعض الاحتجاجات. ورصد المركز في تقريره السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب، وحصيلة عمله برسم سنة 2015، تم تقديمه اليوم الخميس بالرباط، مجموعة اختلالات شابت حقوق الانسان السنة الماضية، تجلت في استمرار الافلات من العقاب في عدد كبير من الانتهاكات القانونية، وتلك التي تمس كرامة الفرد، ونهب المال العام، إضافة لعجز القضاء والحكومة عن محاربة الفساد، ناهيك عن التضييق الممنهج الذي أصبحت تتعرض له الجمعيات الحقوقية والناشطين والسياسيين والصحفيين المستقلين، ووقف التقرير على تعنيف الأجهزة الأمنية للمتظاهرين والمحتجين وبشكل خاص أولئك المنتمين للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين وناشطي حركة 20 فبراير وباقي الحركات الاحتجاجية القطاعية، والتضييق في حق المبلغين عن الفساد. وسجل التقرير ما أسماه بمعدل “الأداء الانتخابي النظيف للأحزاب والحياد لدى السلطة”، حيث أوضح أنه رغم كل الجهود التي قامت بها الدولة لضمان انتخابات جماعية وجهوية “جيدة”، الا أنه تم تسجيل عدد من الاختلالات تركز بالأساس في تبوئ المال السياسي لمكانة كبيرة في العملية لاانتخابية، واستعمال الأحزاب للعنف اللفظي في خطابها السياسي. وكشف التقرير زيادة طفيفة في نسبة الاحتجاجات نددت أغلبيتها ببعض القوانين وتردي الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية وأخرى خصت الحركات الحقوقية والسياسية، سمح بتنظيم أغلبيتها فيما تمت مواجهة عدد آخر بالقمع والاعتقال والمتابعة في حق الداعين لها ومنظميها، في انتهاك سافر لحق التظاهر السلمي المنصوص عليه في الفصل 29 من الدستور المغربي. وأشار المركز إلى تراجع وضعية الاعلام وحرية الصحافة، مسجلا عددا مهما من الاعتداءات والتضييقات على الصحفيين والمتابعات القضائية في حق آخرين. وفيما يخص استقلالية القضاء واشكالية المحاكمة العادلة، اعتبر التقرير أن المنظومة القضائية المغربية، مازالت تشوبها مجموعة ثغرات بنيوية، تساهم في عدد من الحالات في افقاد الأحكام مبدأ المحاكمة العادلة، وتكرس الظلم، من قبيل اقتصار القضاء على مضامين محاضر الضابطة القضائية، رغم الطعن في بعضها، وكشف فبركة التهم وتغيير الحقائق، في ظل انعدام وسائل المراقبة والتدقيق. وأقر التقرير، فيما يخص قانون مكافحة الارهاب، أن القضاء مازال يعتمد على التصريحات المنتزعة بالقوة خاصة في ظل انعدام المحجوزات وغياب دلائل وحجج دامغة لتوجيه تهمة الارهاب، مما يفضي إلى انتهاكات وضياع حقوق أبرياء بسبب اعتقالات ومحاكمات على خلفية مواقف وأفكار. كما رصد المركز، توقف حقوق المرأة في مكانها، وعدم مراوحة واقع المرأة المغربية لمكانه، واتسامه بالهشاشة والحيف البنيوي بشكل كبير، سواء تعلق الأمر بالمشاركة السياسية والحق في التشغيل والصحة، ناهيك عن ارتفاع حالات الاغتصاب والاعتداء وانتهاك حقوق المرأة بشكل عام، مثلها مثل واقع حقوق الطفل، التي أكد المركز أنه مازال يسجل ظاهرة زواج القاصرات، وتعرض الفتيات لسوء المعاملة وانتهاك حقوقهن في النمو والتطور، ناهيك عن تنامي ظاهرة اغتصاب الأطفال والقتل وتشغيل الأطفال، في ظال غياب تشريع ديميقراطي يهتم بحقوق الطفل بصفة حصرية.