الخط : إستمع للمقال انعقد الجمع العام الانتخابي للاتحاد العام لمقاولات المغرب – فرع سوس ماسة، أمس الإثنين 10 مارس الجاري بأحد فنادق مدينة أكادير، في مشهد غابت عنه النّدّية وروح التنافس، ، ليُعيد إنتاج نفس الوجوه ويؤكد حالة الجمود التي أصبحت تطبع هذا التكتل الاقتصادي. فكما كان متوقعًا، انتهت الانتخابات بتنصيب إدريس بوتي أحد الوجوه المعروفة داخل حزب التجمع الوطني للأحرار بأكادير، رئيسًا لولاية جديدة، دون أدنى مفاجأة، في ظل غياب أي مرشح منافس، ما يعكس أزمة ثقة حقيقية داخل الأوساط المقاولاتية الجهوية. اتحاد بلا جاذبية.. رجال الأعمال يفقدون الثقة وحسب المعطيات التي توصل بها "برلمان.كوم"، فإن حالة العزوف عن الترشح والمشاركة الفاعلة داخل "CGEM" سوس ماسة لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة تراكمات جعلت العديد من رجال الأعمال والمستثمرين يقتنعون بأن هذا الاتحاد فقد دوره الفعلي في الدفاع عن مصالحهم، وبات مجرد هيكل بروتوكولي يكرر نفس السيناريوهات دون تقديم أي قيمة مضافة. ففي وقت سابق، كان يُنظر إلى "CGEM" كقوة اقتراحية تدافع عن المقاولات وتضغط لتحسين مناخ الأعمال، إلا أن أداءه في السنوات الأخيرة كشف عن تراجع خطير، إذ أصبح يقتصر على لقاءات شكلية وتعيينات محسومة سلفًا، في ظل غياب استراتيجيات جريئة لمواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة في الجهة. انتخابات بتقنيات "الإنزال".. مشهد يكرر نفسه ما زاد من حدة الانتقادات، وفق مصادر مطلعة، هو الطريقة التي جرى بها الجمع العام، حيث لاحظ الحاضرون امتلاء القاعة بوجوه غير مألوفة، وهو ما أثار الشكوك حول ما إذا كان الأمر يتعلق ب"إنزال" لضمان حد أدنى من الحضور وإضفاء شرعية شكلية على الانتخابات. هذا السيناريو، الذي يشبه ما يحدث في بعض الأحزاب السياسية عند مواجهة العزوف، يعكس أزمة عميقة يعيشها الاتحاد، حيث أصبح أقرب إلى كيان مغلق يخدم مصالح فئة معينة بدل أن يكون فضاءً مفتوحًا للحوار والتجديد. لم يكن فوز إدريس بوتي بولاية جديدة على رأس "CGEM" سوس ماسة مجرد صدفة أو نتيجة دعم طبيعي من الفاعلين الاقتصاديين، بل جاء نتيجة تحركات مكثفة في الكواليس، قادها رئيس مجلس الجهة والمنسق الجهوي لحزب الأحرار كريم أشنكلي، الذي يُعتبر العرّاب الحقيقي لهذا التوجه، وهو الذي استنفر كل إمكانيته لمساعد زميله في الحزب للاستمرار في منصبه لولاية أخرى. فمنذ أسابيع، بدأت اتصالات مباشرة وغير مباشرة برجال الأعمال والمستثمرين لحثهم على حضور الجمع العام، وسط مخاوف من أن يتحول إلى محطة باهتة تعكس العزوف الكبير عن الاتحاد. هذه التحركات لم تقتصر على دعوات ودية، بل شملت ضغوطًا وتطمينات بوعود مستقبلية، لضمان مشاركة شكلية تعطي الحدث مظهرًا من الشرعية، رغم أنه كان محسوما مسبقًا. ورغم هذه الجهود، فإن الحضور لم يرقَ إلى مستوى الطموحات، حيث اختار العديد من رجال الأعمال البارزين عدم الحضور والمشاركة في هذه المهزلة، إدراكًا منهم بأن إعادة انتخاب بوتي ليست سوى إعادة إنتاج لنفس الوضع، دون أي آفاق حقيقية للتغيير. فالاعتماد على دعم سياسي مباشر بدل إقناع الفاعلين الاقتصاديين ببرامج واضحة، لا يزيد إلا من تكريس صورة "CGEM" كهيئة تدور في فلك الحسابات السياسية، بدل أن تكون قوة مستقلة تدافع عن المقاولات ومناخ الأعمال في الجهة. غياب المستثمرين الكبار.. رسالة عدم اعتراف ب "CGEM" سوس ماسة، ومؤشر على فقدان الثقة في الاتحاد في ظل احتكاره من طرف جهة معينة ووفق ذات المصادر، فإن المثير في هذا الجمع العام لم يكن فقط غياب التنافسية، بل أيضًا غياب أبرز رجال الأعمال والمستثمرين الكبار بالجهة، ممن يُعدّون ركائز الاقتصاد المحلي، على غرار علي الرگيبي، الحسين مخلص، مولاي يوسف بلقايد، عزيز أبو المجد، الحاج وطاش، مجموعة بيشا، عزيز عباد، وأرزاز حسن. هؤلاء الأسماء تمثل قوى استثمارية حقيقية في قطاعات متعددة، من العقار والسياحة إلى الصناعة والتجارة، ورغم ذلك، لم يجدوا في هذا الحدث ما يستحق حضورهم، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مدى فقدان "CGEM" سوس ماسة لقدرته على استقطاب الفاعلين الحقيقيين في المشهد الاقتصادي الجهوي. هذا الغياب اللافت ليس مجرد تفصيل شكلي، بل يحمل دلالات عميقة تعكس الهوة المتزايدة بين الاتحاد والمقاولين الكبار، فهؤلاء المستثمرون، الذين يقودون مشاريع ضخمة ويوفرون آلاف مناصب الشغل، لم يعودوا يرون في "CGEM" بجهة سوس ماسة هيئة قادرة على تمثيل مصالحهم أو الدفع بأجندة اقتصادية تخدم تطلعاتهم. وإذا كان الاتحاد قد فقد بوصلته حتى بالنسبة لهذه الأسماء البارزة، فكيف له أن يقنع المقاولات الصغرى والمتوسطة بأنه شريك حقيقي في مواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة؟ تحديات اقتصادية كبرى.. واتحاد بلا حلول ومعلوم أن المرحلة القادمة تحمل تحديات اقتصادية جسيمة للجهة، من بينها ضعف تدفقات الاستثمار، وتعقيد الإجراءات الإدارية، وغياب تحفيزات حقيقية لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة. وبدل أن يكون "CGEM" سوس ماسة فاعلًا رئيسيًا في اقتراح حلول لهذه المعضلات، فإنه يبدو اليوم عاجزًا عن تجاوز أدواره الشكلية، مما يزيد من مخاوف المستثمرين بشأن مستقبله. وربما إذا استمر هذا النهج، فإن الاتحاد سيفقد ما تبقى من مصداقيته، وسيتحول إلى كيان هامشي لا يُؤخذ بجدية من قبل الفاعلين الاقتصاديين. فهل سيجرؤ الرئيس الجديد – القديم على تغيير هذا المسار، أم أن "CGEM" سوس ماسة سيبقى مجرد نادٍ مغلق يخدم مصالح فئة معينة، ولا يعكس تطلعات المقاولين الحقيقيين؟ تصريحات منتفخة للتغطية على واقع مأزوم.. بوتي يحتفل ب"انتصار وهمي" ويعد بمهام خارج صلاحياته سارع ادريس بوتي، في محاولة منه لتقديم صورة وردية عن إعادة تنصيبه، إلى إطلاق تصريحات منتفخة توحي بنصر كاسح، متجاهلًا السياق الحقيقي الذي جرت فيه هذه "الانتخابات". فبالرغم من كونه المرشح الوحيد، لم يتردد في الادعاء بأن فريقه حصل على 100% من الأصوات، متناسيًا أن غياب المنافسة لا يعني إجماعًا حقيقيًا، بل يعكس عزوفًا واضحًا من الفاعلين الاقتصاديين الذين فقدوا الثقة في هذا الاتحاد. فبدلًا من مواجهة حقيقة أن كبار رجال الأعمال لم يعيروا اهتمامًا لهذه المحطة الانتخابية، حاول بوتي تصوير الأمر على أنه انتصار مطلق، بينما في الواقع، كان مجرد تحصيل حاصل لسيناريو معد مسبقًا. والمثير في تصريحاته، أنه تجاوز حتى المهام الطبيعية للاتحاد، حين وعد بالاشتغال على الاقتصاد والثقافة والعمل الاجتماعي، وكأنه يقود جمعية تنموية بدل هيئة اقتصادية يُفترض أن تدافع عن مصالح المقاولات وتحسن مناخ الأعمال، متجاهلا الإشكالات الحقيقية التي تعاني منها المقاولات بسوس ماسة، بحيث لم يتحدث عن حلول ملموسة لتعزيز الاستثمار أو دعم الشركات الصغرى والمتوسطة، ما يؤكد أن ولايته الجديدة لن تكون سوى امتداد لمرحلة سابقة افتقدت للرؤية والتأثير الفعلي. الوسوم أخنوش عزيز أكادير التسيير الجماعي الاتحاد العام لمقاولات المغرب المغرب جهة سوس ماسة