الخط : إستمع للمقال لم تمض سوى أيام قليلة بين انعقاد قمة الاتحاد الإفريقي، في أديس ابابا، وقبلها المجلس التنفيذي للاتحاد، أيام 17 و18 فبراير الجاري، حتى دعا المغرب إلى انعقاد المنتدى الثاني لرؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية. ولا يمكن للمتتبع كما لصاحب القرار في القارة وفي غيرها ألا يلاحظ تكامل الموقف المغربي في كلتا المناسبتين. وإذا كان من المسلم به أن الموقف المغربي إزاء القارة السمراء وقضاياها محكوم بالعقيدة الديبلوماسية المغربية كما وضعها جلالة الملك، وتحرك على ضوئها في كامل التراب الإفريقي قبل الإعلان عنها في خطاب العودة إلى العائلة المؤسساتية سنة 2017، فإن للسياق الحالي بصمته في تحديد التصريحات والمواقف المعرب عنها في كل مناسبة من المناسبتين على حدا... في أديس أبابا، شدد رئيس ديبلوماسِّيتنا على ما يلي: = المغرب لا يسعى إلى أن تكون له الريادة الإفريقية، وإنما تسعى المملكة أن تكون الريادة للقارة الإفريقية. = المشاركة في المنافسة في قيادة الموسسة الإفريقية (المفوضية والمجالس) لا تنبع من رغبة في الهيمنة بل من مبدأ خدمة القارة.. = العمل على «وجود قيادة قوية وحازمة على رأس المنظمة الإفريقية»، وإلا «فإن الأهداف المنشودة قد تظل مجرد أماني». ولعل المغرب اعتبر أن وصول الجيبوتي محمود علي يوسف إلى قمة المفوضية، يوفر شرط الزعامة المطلوبة، كما يتضح من خلال رسالة التهنئة التي أرسلها ملك البلاد إلى رئيسها الجديد، وقد كان مضمون رسالة الملك واضحا من حيث التأكيد على أن ملك المغرب لديه «كامل اليقين بأن مفوضية الاتحاد الإفريقي ستجد في شخصكم نعم القائد المحنك الحريص والملتزم بالدفاع عن قضايا التنمية والسلم والأمن في قارتنا الإفريقية»، كما كان المغرب واضحا بخصوص السير في الطريق الذي عمل من أجله، حيث التزم عاهله بالدعم المطلق للمملكة لكل المبادرات التي تذهب بالاتجاه الذي يروم خدمة هذه القضايا... لقد أكدت القمة ما ظل المغرب يطالب به، وهو إخراج القضية الوطنية للمغرب أي قضية وحدته الترابية من معادلات التنظيم القاري، وإخراجها من المزايدات التي دأبت عليه الجزائر وجنوب إفريقيا والقلة القليلة من دول القارة التي ما زالت تسايرهما. ولو كانت غايته هو الانتهازية من وراء ربح هاته المعركة، لاعتبر الموضوع منتهيا، لكنه شدد على مواصلة المعركة للنجاح في القضايا القارية كما تأكدت إرادته في إصلاح مؤسساتي قوي ومنتج لآليات عمل المؤسسة القارية، وذلك بحد ذاته مثَّل تحولا في الأسلوب المتبع في معالجة القضايا الحيوية للقارة. وبالرغم من ذلك، لم يقف المغرب عند لحظة القمة، أو الاكتفاء بما تمخَّضت عنه، من انتخابات ومواقف، بالرغم من أنها رسخت وزْن المغرب في الاتحاد الإفريقي، بعد أقل من ثمان سنوات على عودته، بل سارع إلى تفعيل رؤيته من خلال المنتدى الثاني لرؤساء لجان الشؤون الخارجية بالبرلمانات الإفريقية.. ولعل جدول الأعمال الذي يريده المغرب، هو الذي تحكمه الإرادة في السعي نحو إيجاد حلول، لما سبق ذكره، في إطار أوسع، وهنا تأتي كلمة المغرب أمام هذا المنتدى الذي انعقد بالرباط، لتضع مقومات المرحلة من حيث «النهوض بالسلم واستتباب الأمن، وتشجيع التنمية، واحترام الوحدة الترابية للدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والحث على مبادئ حسن الجوار، والدعوة إلى تجنب إيواء أو تحريض الجماعات الإرهابية والانفصالية التي تهدد استقرار إفريقيا». لهذا كذلك سنجد أن لما قاله المغرب في العاصمة الإثيوبية عن كون «المغرب لا يسعى إلى أن تكون له الريادة الإفريقية، وإنما تسعى المملكة أن تكون الريادة للقارة الإفريقية» امتدادا واضحا في كلمة المنتدى البرلماني في الرباط. حيث سجل المغرب «التزامه الإفريقي بما هو التزام بالعمل لصالح إفريقيا، وليس التزاما بالشعارات الجوفاء». لن يفوتَ المتتبعَ أن يسجل ما ساقه المغرب أمام البرلمانيين الأفارقة، من أمثلة حية وملموسة. ومن ذلك قيام «جلالة الملك في 2000، بإلغاء ديون البلدان الإفريقية الأقل نموا، والرفع الكامل للرسوم الجمركية على منتجاتها وعقد القمة الإفريقية للعمل، في عام 6102، وإنشاء 3 لجان مناخية، واستجاب جلالته لمبادرة (A3)، التي تعد اليوم مبادرة مرجعية في هذا المجال» دون أن ننسى المشاريع ذات الصيت الدولي ، من قبيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي ومبادرة جلالته مع رئيس نيجيريا بإطلاق مشروع أنبوب الغاز المشترك. وفي السياق ذاته قدم المغرب المثال الحي على الترابط العضوي، الذي دعا إليه في القمة الإفريقية، بين السلم والأمن والتنمية، وذلك باحتضانه للمعهد الإفريقي للتنمية يوم الثلاثاء الماضي الذي تم تدشينه بحضور أمينه العام إيمانويل كامديم.. في مدينة الداخلة! لم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث أن المعهد، وهو منظمة دولية تأسست سنة 1964 وحاضرة في 5 بلدان (الكاميرون، وزامبيا، وبوركينا فاسو، وساو تومي والمغرب) والذي ظل متمركزا في سويسرا، طلب مجلس إدارته «إبرام اتفاق مقر رسمي في المغرب لتطوير برامجه الإفريقية». ويبقى هذا آخر مثال على العمل الدؤوب الذي يقوم به المغرب لتفعيل دوره في مؤسسات القارة. ولا يمكن أن نبني تقييمنا للمجهود البلاد الديبلوماسي. على أساس أداء نقطة أو نقطتين في معركة طويلة النفس! الوسوم الجزائر المغرب الملك محمد السادس فرنسا