الخط : إستمع للمقال يُنسب إلى الإمام علي قوله "حين سكت أهل الحق عن الباطل توهم أهل الباطل أنهم على حق". وأهل الباطل في المغرب هم الطابور الخامس، أشخاص وكيانات وأجندات، تركب على الأحداث وتحاول تشويه الحقائق واستهداف مؤسسات الدولة ورموزها خدمة لمآرب أجنبية أو إيديولوجية أو شخصية ضيقة أحيانا. لا يُفوت هؤلاء الفرصة لشن حروبهم ضد الدولة/ النظام، تارة يختبؤون وراء خطابات الحريات وحقوق الإنسان وتارة وراء شعارات القضية الفلسطينية وفي بعض المواقف يختبؤون خلف العمل الصحافي لمهاجمة المؤسسات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال عملهم ك"خبارجية" يتخابرون مع مؤسسات إعلامية أجنبية ترتبط بأجندات معادية انكشفت حقيقتها في قضية ادعاءات "بيغاسوس" التي روجت لها بشكل متزامن ودون أن تقدم دليلا واحدا على تورط المغرب الذي ما يزال ينتظر جواب منظمة العفو الدولية على طلب موافاته بأدلة مادية تبث المزاعم. مرت أربعة سنوات ولم تقدم هذه المنظمة ما يفيد. وجدد المغرب طلبه في مارس 2022 ولم يتلق الرد، وتحسنت العلاقات الفرنسية المغربية وتم توشيح المدير العالم للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني كجزء من هذه المرحلة الجديدة، فيما يُشبه الاعتذار عن كل الاتهامات التي طالت المؤسسة الأمنية، وما يزال المغرب ينتظر أدلة وأجوبة منظمة العفو الدولية إلى يومنا... المسار الجديد لهذه الحروب، بدأ مع قرار العفو الملكي على عدد من المعتقلين بمناسبة عيد العرش، وكان مهما أن يشمل هذا القرار بعض الصحافيين. غير أن المثير في قضية العفو على هذه الفئة من سجناء الحق العام، أن إطلاق سراحهم أزعج المدافعين عنهم أنفسهم، وهذه ربما سابقة في تاريخ النضال الحقوقي في العالم، فحالة الارتباك التي تسبب فيها قرار العفو الملكي جعلتهم يتهجمون على كل من يدافع عن قرار العفو الملكي، وينزعون صفة الحقوقي عمن طلبه، وبهذا المعنى فمن طلب العفو ليس حقوقيا ولا مناضلا. ومن دافع عن رمزية العفو، كما فعل وزير العدل السابق مصطفى الرميد، فهو يقف ضد "المشروع الثوري" المتَخَيل ويعطل إسقاط النظام! تعددت محاولات تبخيس قرار العفو الملكي، تارة بإنكار التهم وادعاء المظلومية وتارة أخرى بالتهجم على كل من حاول تذكير هؤلاء أن العفو يعني العقوبة ولا يُسقط الفعل الجرمي. هذه الأفعال محركها الأساسي هو ترسيخ خطاب واحد ووحيد يلغي كل الوقائع والأحداث التي رُويت على لسان الضحايا في جلسات ومحاضر ومحاكمات شهدت حضور محامين وحقوقيين ومراقبي المجلس الوطني لحقوق الإنسان.. فعلا، يصير الإنسان إنسانا حين يحترم انفسه أولا وسلطة القانون عليه ثانيا، وحين يعترف بخطاياه وبفضل العفو الملكي عليه... لأن الاعتراف بالفضل هو الفطرة السليمة التي يولد عليها الناس جميعا. ومع ذلك، فبقدر ما أحدث قرار العفو الملكي ارتباكا وخلطا للأوراق في صفوف "المتناضلين"، فإنه خلق فئة جديدة تسمى "ضحايا العفو الملكي". خسروا كل الأوراق التي ظلوا يساومون بها الدولة ويبتزونها بها لدى منظمات حقوق الإنسان الدولية، هؤلاء "الضحايا" هم أنفسهم الذي صفقوا لتدخل البرلمان الأوربي في الأحكام القضائية الصادرة بمحاكم المملكة، وهم الذين نهجوا أسلوب تسريب أخبار عفو جديد على معتقلي أحداث الريف، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، وغايتهم في ذلك قطع الطريق عن قرار العفو لأن ذلك سيُفقدهم آخر الأوراق ويسقط عنهم جميعا ورقة التوت.. إن المتتبع لمسار الأحداث خلال الفترة الأخيرة يفهم جيدا أن أجندة واحدة توحد هذه الحروب التي تقودها كيانات وأشخاص ومدانين سابقين في قضايا هزت الرأي العام الوطني. حروب تقف وراءها أوهام الخلافة في تصعيد جماعة "العدل والإحسان" مثلا. فقد فعلت كل شيء لشيطنة النظام في أزمة الحرب على غزة، مسيرات ليلية ووقفات احتجاجية وخطابات تحريض ضد النظام، حتى أنها تجاوبت مع دعوات التأجيج التي أطلقها وكلاء إيران، خاصة قيادات حماس وأنصار الحوثي، ضد المغرب، بل إن مخططات الشيطنة شملت التواصل مع مصورين محسوبين على حماس لتصوير مقاطع فيديو لدعوات أطفال فلسطين لمقاطعة مهرجان "موازين"، صور ومقاطع أُرسلت تحت الطلب. بينما لم نشاهد هذه المقاطع تدعو لمقاطعة حفلات جرش وقرطاج وبيروت ولا حتى الجزائر التي يمنع العسكر التظاهر تضامنا مع غزة.. ملاحظة أخيرة: تفتقد مسيرات التضامن مع غزة للخيال والإبداع في الشعارات وتغرق في الابتذال والتقليد والاستغلال السياسي للأطفال في تجسيد وقائع تكبرهم سنا واستيعابا. الوسوم العفو الملكي المغرب الملك محمد السادس