الخط : إستمع للمقال يبدو أن حصيلة التعاون الأمني المتميز بين المملكتين المغربية والإسبانية في الآونة الأخيرة، باتت تثير حفيظة الطابور الخامس من كلا البلدين، ودفعتهما للخروج للتشويش وإثارة الجعجعة في وسائط الاتصال الجماهيري. كما يبدو كذلك أن حضور عبد اللطيف حموشي في صلب العلاقات الودية بين المملكة المغربية الشريفة وجارتها الشمالية، يصيب كثير من أزلام الطابور الخامس في المغرب وإسبانيا بكثير من الحنق والإحباط وخيبة الأمل! ولعل المفارقة الغريبة، أنه في الوقت الذي تنزع فيه إسبانيا الرسمية إلى توطيد علاقاتها الأمنية مع المغرب، وتدعيم تقاربها مع الأجهزة الأمنية المغربية، يلاحظ أن هناك من يطمح لزرع التفرقة وبث القطيعة بين البلدين، مدفوعا في ذلك بخلفيات شخصية موغلة في التعصب أحيانا، وحسابات سياسوية ومآرب مدفوعة من الجزائر في أحيان أخرى. إشارات حضور حموشي في إسبانيا حرك حضور المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي الكثير من المياه الراكدة تحت أرجل "المعارضين" للتقارب المغربي الإسباني وتفاهمهما الاستراتيجي حول قضايا الأمن وتحديات الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية. فالحضور الوازن لعبد اللطيف حموشي في المنصة الشرفية بمناسبة الذكرى 200 لتأسيس جهاز الشرطة الوطنية الإسبانية، وكذلك حضوره المتفرد باعتباره المسؤول الإفريقي والعربي الوحيد الممثل في هذا الحفل التاريخي، حملا أكثر من رسالة، واختزلا العديد من الإشارات المهمة التي أصابت المتربصين بالعلاقات المغربية الإسبانية بالحسرة وخيبة الأمل. فالإشارة الأولى التي يبعثها حضور عبد اللطيف حموشي في المنصة الشرفية الإسبانية، هي اعتراف المسؤولين الأمنيين الإسبان بمكانة المدير العام للأمن المغربي ودوره في تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، وفي تحييد المخاطر والتهديدات المحدقة بالمحيط الإقليمي لكل من المغرب وإسبانيا. كما أن هذا الحضور يضرب في العمق، ويقوض من الأساس، كل المزاعم والإشاعات التي راهن عليها "أعداء" التقارب المغربي الإسباني، خصوصا مزاعم التجسس بواسطة برمجيات بيغاسوس، والتي استعملها البعض في حروبه الهجينة لضرب مصداقية الأجهزة الأمنية المغربية، ممثلة في شخص عبد اللطيف حموشي. وفي سياق متصل، ترسل زيارة عبد اللطيف حموشي إلى إسبانيا في هذا السياق الزمني، رسائل عديدة ومتعددة القصد، تتجاوز البعد الرمزي للزيارة. فحضور المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني بشبه الجزيرة الايبيرية، إلى جانب كبار المسؤولين الإسبان، يهدم إشاعة "مذكرات البحث الدولية"، التي طالما روّج لها مرتزقة الأنترنت بغرض المساس بسمعة هذا المسؤول الأمني. بيغاسوس.."غصة" الطابور الخامس لا زال بعض المتربصين بالعلاقات المغربية الإسبانية يراهنون على مزاعم بيغاسوس لاستهداف عبد اللطيف حموشي، رغم أن أعلى السلطات والمؤسسات الاستخباراتية الرسمية الإسبانية نشرت تقريرا سنويا برسم 2023 يدحض كل هذه المزاعم والاتهامات ويبرئ المغرب من التجسس على المسؤولين الإسبان. وفي طليعة هؤلاء المتربصين والناقمين عن التقارب المغربي الإسباني، نجد الصحافي عبد الحق إغناسيو سامبريرو وزميله فرانسيسكو كاريون، واللذان كانا يرتبطان بعلاقات مشبوهة مع النقيب السابق محمد زيان، ويتبنّيان وجهة نظر مؤيدة للطرح الانفصالي بالصحراء المغربية في تناقض تام مع الموقف الرسمي الإسباني. ولعل هذه الخلفية المعادية للمغرب هي التي جعلت أول المندفعين لمهاجمة الحضور الوازن لعبد اللطيف حموشي في إسبانيا، وفي مقدمة الضيوف، هما فرانسيسكو كاريون وعبد الحق إغناسيو سامبريرو، واللذان أعادا اجترار مزاعم بيغاسوس رغم ثبوت زيفها بمقتضى تقارير استخباراتية رسمية. وما من شك أن الاحتفاء الإسباني الرسمي بالمدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني بالمغرب سيزيد من عزلة هؤلاء المتربصين، وسيهدم ما تبقى من أجنداتهم الدعائية المغرضة، وهو ما قد يدفعهم مستقبلا للبحث عن بروباغندا جديدة، بعدما انتهى رصيدهم التضليلي المبني على مزاعم بيغاسوس. إسبانيا..الشريك الأمني الأول ما يحاول الصحافي الإسباني فرانسيسكو كاريون إنكاره أو تجاهله عمدا، هو أن إسبانيا هي أكبر مستفيد من التقارب الأمني المغربي الإسباني، سواء في مجال مكافحة الارهاب أو في التصدي لمختلف صور الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية. وتشير المؤشرات الاحصائية الرسمية التي نشرتها المديرية العامة للأمن الوطني خلال شهر دجنبر 2023 أن إسبانيا صارت هي الشريك الأول للمغرب في مجال التعاون الأمني، سواء في مجال التنسيق العملياتي أو في ميادين المساعدة التقنية. بل إن إسبانيا تجاوزت كل الدول الأجنبية في مؤشرات العمليات الأمنية المشتركة مع المغرب، خصوصا عمليات التسليم المراقب للمخدرات، وطلبات التعاون، وكذا التنسيق العملياتي في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف وقضايا المخدرات وشبكات الهجرة غير الشرعية. أكثر من ذلك، تتوفر إسبانيا والمغرب على مراكز مشتركة للأمن والشرطة والدرك والحرس الوطني في كل من ميناء طنجة المتوسط والجزيرة الخضراء، يشتغل فيها الضباط المغاربة والإسبان بشكل مشترك، وتتحدد مهمتهم في التنسيق الميداني والآني لتنشيط وتسريع عمليات التعاون الأمني لمواجهة كل المخاطر والتهديدات الأمنية. وعلى صعيد آخر، يتوفر المغرب على أكبر مكتب لضباط الاتصال بإسبانيا، يعملون بتنسيق مع السلطات الإسبانية في كل من ميناء الجزيرة الخضراء وجزر الكناري ومدريد وفالنسيا ومطار باراخاص، لمواجهة التهديدات الأمنية المشتركة. ونفس الشيء بالنسبة للسلطات الإسبانية، التي تتوفر بدورها على ضباط للاتصال بالمغرب يسهرون على تنسيق وتدبير التعاون الأمني بين البلدين. والسؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هنا بإلحاح: هل تغيب كل هذه المعطيات المهمة عن الصحافي فرانسيسكو كاريون وغيره ممن يتربصون بالعلاقات الأمنية المتميزة بين المغرب وإسبانيا؟ أم أن الاحتفاء الإسباني الرسمي بعبد اللطيف حموشي أصاب "الطابور الخامس المغربي الإسباني " بالسعار والهذيان وخيبة الأمل؟. الوسوم إسبانيا المغرب الأمن المغرب الحموشي التعاون الأمني