الخط : إستمع للمقال يبدو أن تقرير جهاز الأمن الداخلي الإسباني برسم عام 2023، والذي صادق عليه المجلس الأعلى للأمن بالجارة الشمالية للمملكة، من شأنه أن يُفرمل نهائيا سلسلة الهجمات الدعائية الممنهجة التي خاضها ائتلاف من "الصحافيين الإسبان والمغاربة والأجانب" ضد مصالح المغرب وسمعته الدولية منذ سنة 2021. بل إن هذا التقرير الاستخباراتي سيُعرّي "المصداقية المزعومة" لبعض "الصحافيين واليوتيوبرز" الذين جعلوا من مهاجمة المغرب والمساس بمصالحه مهنة اعتيادية يمارسونها في حواراتهم الصحفية وموادهم الإخبارية التي كانوا ينشرونها على امتداد الثلاث سنوات الأخيرة. ولا تكمن أهمية هذا التقرير في كونه صادر عن جهة استخباراتية تقارب الأمور بمنظور أمني صرف، وإنما تبرز أهميته البالغة في كونه ثمرة تعاون وتنسيق بين أكثر من عشرين هيئة أمنية ووزارية في إسبانيا، من بينها الجهاز الوطني للاستخبارات، ووزارات الخارجية والدفاع والداخلية والانتقال الرقمي والوظيفة العمومية والنقل والاقتصاد والمالية العامة وغيرها. المغرب حاضر في التقرير.. بعيدا عن التجسس يتألف التقرير الإسباني من 286 صفحة مبوّبة بشكل موضوعاتي، تستعرض مختلف التحديات الجيو استراتيجية التي شهدتها أو واجهتها الحكومة الإسبانية خلال عام 2023، على جميع المستويات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وعلى كافة الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية. وبالبحث عن المغرب ضمن هذا التقرير، سيطالعك اسم المملكة المغربية الشريفة في خمس مناسبات، مذكور في سياقات مختلفة غير مرتبطة نهائيا بالتهديدات التجسسية والأعمال العدائية، سواء في شقها المتعلق بالاستخبار والاستعلام أو في الجوانب التآمرية. ففي المبحث الخاص بالتهديد التجسسي الخارجي، لم يذكر التقرير الإسباني نهائيا اسم المغرب، مما ينفي ويفند ممارسة هذا الأخير لأية أعمال عدائية فوق التراب الإسباني أو ضد المصالح الإسبانية. وفي المقابل، ذكر التقرير بَلدان هما روسيا والصين باعتبارهما مصدر التهديدات والأعمال التجسسية، مع التركيز بشكل أوفى على روسيا الاتحادية باعتبارها تشكل أكبر تهديد لأنها تستهدف مصالح رئاسة الحكومة ووزارات وازنة و كذا الدبلوماسيين الإسبان في الخارج. ولم تكتف روسيا، حسب التقرير ذاته، باستهداف السلطة التنفيذية والقطاعات الرسمية الإسبانية، بل يتهمها التقرير كذلك باستهداف مصالح الشركات الإسبانية ومحاولة التأثير في الانتخابات عن طريق توجيه الرأي العام عبر ممارسات وصفها ب"التضليلية". ضربة موجعة لاغناسيو (عبد الحق) سامبريرو يبدو أن صحافي "الكونفيدونسيال" عبد الحق إغناسيو سامبريرو هو أول المتجرعين لمرارة تقرير الاستخبارات الإسبانية الذي نفى تهمة التجسس على المغرب. فقد نشر هذا الصحافي، الذي يُقدم نفسه خبيرا في الشؤون المغاربية، تدوينة بطعم الخذلان واليأس والمرارة، هاجم فيها جهاز الاستخبارات الإسبانية وطعن في مصداقية تقريره السنوي، وذلك بعدما قوّض هذا الأخير المزاعم الكيدية والدعاية المغرضة التي انخرط فيها سامبريرو في حق المغرب في السنوات الماضية. فقد فنّد تقرير الاستخبارات الإسبانية الأخير تصريحات الصحفي عبد الحق إغناسيو سامبريرو التي كان قد أدلى بها أمام المدعي العام الإسباني عندما اتهم المغرب بالتجسس عليه، والتي قال فيها "لقد توصلت إلى استنتاج.. أن قوة أجنبية فقط، المغرب، هي التي يمكن أن تخترق هاتفي"، معتبرا نفسه بمثابة ضحية "مضايقات من المملكة المغربية". كما دحض هذا التقرير كذلك، وبشكل قاطع، الادعاءات الملفقة التي كان قد صرح بها عبد الحق إغناسيو سامبريرو في عدة مقابلات تلفيزيونية وحتى أمام لجنة البرلمان الأوروبي في نوفمبر 2023، والتي ادعى فيها بكثير من سوء النية "أنه مقتنع بأن السلطات المغربية مسؤولة عن الاختراق"، وإن أقر بأنه "ليس لديه دليل يعزز ذلك الاتهام ويعضده". أفول بروباغندا بيغاسوس كم هو مثير للشماتة والسخرية عندما يطالع علي لمرابط خلاصات تقرير الاستخبارات الإسبانية الذي يبرئ المغرب من تهمة التجسس، وهو يستحضر كل تلك الخرجات التلفزيونية والتصريحات المنشورة على اليوتيوب وفي مقالات الصحفي فرانسيسكو كاريون، والتي كان يحزم فيها بأن المغرب يمارس التجسس على إسبانيا ويمارس أعمالا عدائية فوق أراضيها. فهل سيذعن علي لمرابط لخلاصات التقرير الإسباني، أم أنه سينحو منحى صديقه عبد الحق إغناسيو سامبريرو ويهاجم بدوره رئاسة الحكومة الإسبانية باعتبارها المسؤولة العليا عن جهاز الاستخبارات الوطنية، الذي أصدر التقرير بشراكة مع باقي القطاعات التنفيذية والحكومية. وهل سيتمسّك علي لمرابط ( وقطه ) بتبرئة الجزائر من التورط في التجسس السيبراني، كما فعل في إحدى الحلقات على اليوتيوب، ويتهم المغرب بشكل حصري باستخدام برمجيات بيغاسوس، مستندا في ذلك على استنباطه الشخصي الذي ينطلق من فرضية: "مادام المغرب يملك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، فهو إذن المتهم الأول في استخدام بيغاسوس المملوك لشركة عبرية"!! لا شك أن علي لمرابط يوجد الآن في موقف لا يحسده عليه، فهو لا يمكنه التشكيك في تقرير إسباني يبرئ المغرب، لأنه طالما ادعى متباهيا بأن "إسبانيا هي دولة ديموقراطية وتحترم المؤسسات"، ومن جهة أخرى لا يمكنه تصديق التقرير لأنه يقوض ادعاءاته وينسف حملاته الدعائية حول مزاعم بيغاسوس. والمثير أن قائمة المتجرعين للمرارة بسبب التقرير الإسباني الأخير، واسعة وطويلة جدا، بسبب كثرة الذين راهنوا على مهاجمة المغرب من خلال مزاعم بيغاسوس. فمثلا نجد عمر بروكسي نشر كتاب في شكل "تدليس" سماه "المغرب: التحقيقات المحظورة في قلب قضية بيغاسوس"، والذي حاول هو الآخر نفض الغبار عن نفسه من خلال اجترار نفس مزاعم علي لمرابط وعبد الحق إغناسيو سامبريرو وفرانسيسكو كاريون ومحمد زيان وغيرهم. ومن المؤكد ختاما أن تقرير جهاز الاستخبارات الوطنية الإسبانية جاء ليسدل الستار بشكل نهائي عن حقبة من الدعاية المغرضة، عنوانها مهاجمة المغرب باستخدام بيغاسوس، كما أنه سوف يعري بشكل مفضوح كل المتحاملين بغير دليل على بلادهم، وفي طليعتهم فؤاد عبد المومني وبوبكر الجامعي وحسن بناجح ومحمد زيان وإدريس فرحان وغيرهم من المتاجرين بسقط المتاع. الوسوم إسبانيا المغرب استخبارات بيغاسوس تقرير