الخط : إستمع للمقال أصدرت شبيبة حزب العدالة والتنمية أول أمس الأربعاء، بيانا عقب الاجتماع العادي للمكتب الوطني، الذي جرى يوم السبت 10 مارس الجاري، ترأسه الكاتب الوطني للشبيبة، بالمقر المركزي للحزب بالرباط، خُصص حيز كبير منه للحديث عن القضية الفلسطينية التي أصبحت أصلا تجاريا يستعمله حزب العدالة والتنمية وشبيبته لتحقيق مكاسب سياسية تُعيد حزب المصباح للواجهة بعدما طرده المغاربة من الساحة وأعادوه لحجمه الطبيعي، عقابا على ما اقترفه من جرائم في حقهم إبان قيادته للحكومة لعشر سنوات عجاف. فبعد واقعة اختيار حزب العدالة والتنمية لتاريخ الإعلان عن المبادرة الملكية لتوجيه المساعدات لسكان غزة المحاصرين عن طريق البر، كأول بلد يقوم بهذه الخطوة منذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، لنشر الرسالة التي بعثها إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إلى الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، من أجل التشويش على هذه المبادرة الملكية، ها هي شبيبة العدالة والتنمية تتجاهل في بيانها الإشادة بهذه المبادرة التي تحدثت عنها وسائل إعلام عالمية وشخصيات وهيئات سياسية من كل بقاع العالم، لما لها من أثر إيجابي على السكان المحاصرين بغزة وبعدد من المدن الفلسطينية، وأيضا لكون إدخال المساعدة برّا إلى غزة يُعد سابقة ولم تنجح أي دولة إلى الآن في القيام بذلك سوى المملكة المغربية. ويُظهر تجاهل بيان شبيبة البيجيدي لهذه المبادرة، أن هذا الحزب جيّش أذرعه للتشويش على المبادرة الملكية ومحاولة صرف الأنظار عنها، من خلال إصداره وأذرعه بيانات تلو الأخرى يشيد فيها بحركة حماس وما قامت به في السابع من أكتوبر وجعلت الفلسطينيين الأبرياء يدفعون ثمنه إلى الآن على يد جنود إسرائيل، بوحشية وهمجية غير مسبوقة وغير مقبولة، في وقت يعيش قادة حماس حياة البذخ بقطر وتركيا. وإلى جانب ذلك، ما أثار الانتباه في بيان شبيبة البيجيدي هو تطرقه بإطناب لمعاناة الفلسطينيين في غزة، في حين لم يتحدث ولو في فقرة واحدة عن معاناة إخواننا المحتجزين في تندوف منذ حوالي 50 سنة! مما يوضح ويكشف بدون أدنى شك أن القضية الفلسطينية هي القضية الأولى لدى حزب البيجيدي لأنه يوظفها سياسيا ويدغدغ بها مشاعر مريديه وأتباعه، أما قضية الصحراء المغربية التي هي قضية المغاربة الأولى، فلتذهب إلى الجحيم عند أصحاب بنكيران الذين يبدو وأنهم مستعدين لبيع وطنهم وابتزاز الدولة، مقابل العودة للكراسي التي ذاقوا حلاوتها لولايتين متواليتين. وليس هذا فقط، فشبيبة العدالة والتنمية لم تندد في بيانها بالخطوة التي أقدم عليها نظام العسكر بالجزائر، من خلال استقباله لبعض المجرمين الذين ينسبون أنفسهم زورا لمنطقة الريف بشمال المملكة المغربية، ودعمهم من أجل المس بوحدة وسلامة أراضي المملكة المغربية، حيث لم يصدر في بيان شبيبة البيجيدي ما يندد ويدين هذه الخطوة، والمثل المغربي يقول "السكوت من علامات الرضا"، الشيء الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام، حول ما إذا كان البيجيدي وشبيبته فعلا لهما غيرة على هذا الوطن ويتفاعلان مع القضايا التي تهمه، أم أن همهما الوحيد هو العودة للسلطة من خلال استغلال القضية الفلسطينية سياسيا ومحاولة الركوب على النقاشات التي تثار بين الفينة والأخرى بالساحة السياسية ببلادنا، على غرار الضجة التي أثارها بنكيران بخصوص مدونة الأسرة، رغم أن اللجنة المكلفة من طرف الملك محمد السادس بصياغة مقترحات التعديلات، لم تنته بعد من عملها ولم تُصدر المسودة التي ستعرض على البرلمان، لمناقشتها ثم التصويت عليها واعتمادها بشكل رسمي. ومن جهة أخرى، فإن بيان شبيبة البيجيدي جاء يوما بعد نشر الموقع الإلكتروني الرسمي لحزب المصباح، للرسالة التي وجهها اسماعيل هنية، لعبد الإله بنكيران، والتي يُحرضه وحزبه فيها على عصيان بلاده ويدعو فيها كذلك إلى تأجيج الشارع المغربي، وهو ما يبدو وكأنه تنزيل من شبيبة العدالة والتنمية وبشكل سريع لتعليمات هنية، من خلال إصدار البيان المذكور والذي تضمن بعضا من توجيهات وتعليمات رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، لبنكيران، على غرار الدعوة إلى إلغاء كل الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل وإغلاق مكتبها بالرباط بشكل رسمي، ووقوفا إلى جانب المقاومة الفلسطينية، متناسية بأن عودة العلاقات بين الرباط وتل أبيب تم في عهد حزب العدالة والتنمية، وسعد الدين العثماني رئيس الحكومة السابق الذي كان آنذاك أمينا عاما للبيجيدي، هو من وقع على الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية، لإعادة إحياء العلاقات المغربية الإسرائيلية. إن ما يكشف بأن حزب العدالة والتنمية وباقي أذرعه وهيئاته الموازية، يجعلون من القضية الفلسطينية قضيتهم الأولى، ليس حبا في سواد عيون الفلسطينيين أو سعيا للتضامن معهم، وإنما لاستغلال معاناتهم والاتجار بها، هو عدم خروجهم ببيانات مماثلة إبان ترأسهم للحكومة، بحيث أنهم كانوا آنذاك ينعمون بحلاوة كراسي المسؤولية، ومنهم من سمح في رفيقة دربه ونسج علاقات مع أخريات خارج مؤسسة الزواج، ومنهن من تخلّين عن حجابهن وعن لباسهن المرجعي بمجرد وصولهن لبلدان أوروبية...، ولم يكن لديهم الوقت آنذاك لإصدار البيانات، لأنهم وصلوا لمبتغاهم، واليوم وبعدما فقدوا تلك المناصب والمكاسب، عادوا مجدّدا للاتجار بالدين وبالقضية الفلسطينية، معتبرين إياهما السبيل الوحيد لإعادة دغدغة مشاعر المغاربة والاحتيال عليهم، من أجل العودة للسلطة. وفي الأخير، ومهما كثر نهيق قيادة حركة حماس وثرثرة بنكيران وبلاغات حزبه، نذكر البيجيدي بأن قضية المغاربة الأولى التي ضحوا ولا زالوا يضحون من أجلها، هي قضية الصحراء المغربية. الوسوم ابنكيران الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية