الخط : إستمع للمقال تُثير حالة عفاف برناني الكثير من الشفقة والغثيان في الوقت نفسه. فمَدعاة الشفقة، أن هذه السيدة التي كانت تعمل "منظفة" لشرشفات الجنس في مكتب توفيق بوعشرين، وموزعة لمكالماته الهاتفية الساخنة مع سباياه، باتت تتوهم نفسها اليوم بأنها ناشطة حقوقية وباحثة جامعية في أعرق الجامعات الأمريكية. فعفاف برناني، توهمت بأن مجرد المرور فوق مضجع توفيق بوعشرين، قد يجعل منها صحافية، وأن منادمة محمد زيان خلال مناورات المحاكمة، قد يجعل منها حقوقية، وأن التواطؤ مع المعطي منجب على الهرب نحو تونس قد يجعل منها "منفية في بلاد الياسمين". فكم هي مَدعاة للشفقة عفاف برناني! فهي تعتقد واهمة بأن العمل الحقوقي والسياسي مثله مثل العدوى أو الوباء، قد ينتقل بالمعاشرة أو بالجماع أو حتى بالكذب والتزييف. ولماذا نقول بأن حالة عفاف برناني "تشفّي" بالعامية (أي تثير الشفقة)؟ لأنها ببساطة تنشد الطهرانية في "ماخور" توفيق بوعشرين الذي صدح بما فيه من استغلال جنسي واعتداءات أخلاقية ممنهجة. فالسيدة "الطاهرة" كانت منظفة مكتب، وموزعة هاتف، وتتقاضى الحد الأدنى للأجور، قبل أن تتربّص بها "عريفة" توفيق بوعشرين الكبرى، وتجعلها تتراجع عن أقوالها، مقابل تقريبها من مكان سكناها، وتسمين أجرها الشهري، وتهريبها نحو تونس في جنح الظلام، بإيعاز من المعطي منجب وسليمان الريسوني. فمن الذي زوَّر الحقيقة؟ هل هي الضابطة القضائية التي سجلت جميع تصريحات عفاف برناني، ووثقتها بالصوت والصورة، ونشرها الوكيل العام للملك على رؤوس الأشهاد؟ أم هي عفاف برناني التي خرجت تتناقض مع شريطها المُوثَّق في محاضر قانونية؟ فمن الغباء المركب أن تستغبي القارئ وتفترض فيه الجهل. فالجميع اطَّلع على شريط عفاف برناني وهي تستظهر تصريحاتها وتُوقع عليها! فلماذا الإسراف إذن في الكذب بعد مرور ست سنوات من هذه الواقعة المفضوحة؟ وإذا كان انتحال عفاف برناني للعديد من الصفات العلمية والأكاديمية، بدون دليل، يُثير الشفقة، فإن إمعانها كذلك في تخليد فضيحتها تلك، وجعلِها موعدا سنويا للذكرى والتباهي، هو أمر مثير للغثيان والحيرة أيضا. فعفاف برناني تُصر على تأبين فضيحتها مرة في كل سنة، متوهمة بأن ست سنوات هي مدة طويلة وكافية للنصب على المغاربة وجعلهم يُصدقون بأنها كانت ضحية فعلا لمنظومة القضاء. فعفاف برناني كانت ضحية فعلا! لكنها كانت ضحية توفيق بوعشرين الذي غرَّر بها وقايضها على أمور غير مكتبية، تَمَّ توثيقها بطريقة غير أخلاقية. وهي ضحية "عريفة" توفيق بوعشرين التي طالبتها ب"تحوير كلامها" مقابل عطايا ومزيات سخية، سرعان ما تبددت وتبدد معها حلمها في أن تصير "صحافية بماضي في تنظيف المكاتب وتوزيع المكالمات الهاتفية". وهي أيضا ضحية المعطي منجب وسليمان الريسوني الذين قاموا بتهريبها وتهجيرها ليلا، وتفريقها عن أسرتها الصغيرة، لتتقطع بها بعد ذلك السبل في مضجع نقيب الصحافيين في تونس،الذي كان سببا في تسهيل هروبها نحو ملاذها الحالي ببلاد العام سام.