كشف السفير الفرنسي السابق في الجزائر، "غزافييه درينكور"، في حوار له مع مجلة ماريان يوم أمس الثلاثاء، عن الأخطاء والهفوات الخطيرة التي ارتكبها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، في تدبيره للعلاقات الفرنسية الجزائرية، مؤكدا أن سياسته جعلت فرنسا تبدو كحمل وديع وساذج، ما يبرر سلوك الساسة الجزائريين العدواني اتجاه بلده. حوار المجلة مع سفير فرنسا السابق في الجزائر خلال الفترة الممتدة من 2017 إلى عام 2020، جاء على خلفية نشره شهر يونيو الماضي، في معهد "توماس مور"، وهو مركز تفكير محافظ، مذكرة تحت عنوان "الاختيارات الخطيرة لإيمانويل ماكرون اتجاه الجزائر : غموض وأخطاء ومخاطر"، وهي المذكرة التي انتقد فيها بشدة الدبلوماسية الفرنسية في الجزائر. وقال السفير الفرنسي "غزافييه درينكور"، من خلال نفس الحوار، أنه خصص العديد من مقالاته ومداخلاته للحديث عن ما اعتبره "الملاطفة" أو "السذاجة" الفرنسية اتجاه الجزائر، وهو ما جلب له انتقادات حادة من بعض الصحفيين الجزائريين، مؤكدا "معرفتنا للجزائر، على الرغم من 132 عامًا من الاستعمار، ضعيفة؛ في المقابل هم يعرفوننا، يقيموننا، يحكمون علينا، ويتوقعون تصرفاتنا ويستغلون ضعفنا. قال لي أحد رؤساء الوزراء الجزائريين السابقين: "قوتنا تكمن في غموضنا". وأضاف السفير ضمن نفس الحوار "لسنا في موقف قوة، بل نريد أن نكون لطفاء، بينما شركاؤنا أقوى بكثير منا، المشكلة هي أننا نعتقد – كما ذكر موريس جوردو مونتانيه في كتابه الأخير – "أن الجميع يفكر مثلنا"، والواقع أنهم يفكرون بالضبط في الاتجاه المعاكس. لكننا نتظاهر بأننا نؤمن بهذا، وهنا يكمن الخلل في علاقتنا مع الجزائر". وحول موضوع إعادة صياغة اتفاقية 1968 بشأن تنقل واستقبال الجزائريين في فرنسا، التي أثارت وتثير جدلا واسعا، قال الدبلوماسي الفرنسي "غزافييه درينكورت"، أنه من الضروري تحديث منظومة الهجرة بأكملها، وإعادة تشكيلها بطريقة مناسبة، فالسياق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في فرنسا عام 2023 ليس هو نفسه الذي كان موجودًا في عام 1968، "أعتقد أن الكثير من السياسيين الفرنسيين من اليمين واليسار قد يكونوا متفقين تقريبًا على هذا التوجه" يضيف "غزافييه درينكور". نفس الدبلوماسي الفرنسي عبر عن خيبة أمله من "السذاجة" و"الملاطفة" الفرنسية للجزائر، وما يقابلها من تدهور للعلاقات المغربية الفرنسية، معتبرا أن الأمر يدخل من باب "الرهان على الجزائر"، مؤكدا أنه من المهم استعادة التوازن الذي حافظت عليه الحكومات الفرنسية السابقة (من فرانسوا ميتران حتى فرانسوا هولاند) مع المملكة المغربية والجزائر، داعيا في نفس الوقت تقوية العلاقات مع البلدان المغاربية الثلاث، المغرب وتونس والجزائر، والتركيز على بناء تحالف استراتيجي يضم دول الإتحاد الأوروبي ومنطقة البحر الأبيض المتوسط كإسبانيا وإيطاليا لمناقشة كافة المشاكل المشتركة وعلى رأسها الهجرة والأمن في منطقة الساحل، قائلا "يجب أن نشدد على اهتمام الاتحاد الأوروبي بالمغرب والجزائر، فليس أوكرانيا فحسب هي المهمة، بل يجب أن نجد توازنًا مناسبًا يراعي خصوصية العلاقة بين فرنسا والدول المغاربية الثلاث". وفي ختام الحوار، أكد السفير الفرنسي السابق في الجزائر "غزافييه درينكور"، قائلا "يجب أن نقوم بالمراهنة على الجزائر، ولكن بشرط أن تقوم الجزائر كذلك بالمراهنة على فرنسا، فالأساس في العلاقات الدبلوماسية هو المعاملة بالمثل، وما يمكن قوله على الأقل هو أن المبادرات الأخيرة في الجزائر ليست في هذا الاتجاه".