يبدو أن هناك من يحاول، عبثا، بعث الروح في رميم قضية الضابطة الهاربة بأمريكا وهيبة خرشش! بل إن هناك شخص مفضوح يحاول، بسذاجة غريبة، أن يتملك الأصل التجاري لهذه الشرطية المعزولة، في ظل سجن مالكه الأصلي محمد زيان، وذلك بغرض الاسترزاق بقضيتها أمام بعض الجمعيات الحقوقية والآليات الخاصة للأمم المتحدة. ولعل آخر المناورات الخبيثة التي اهتدى إليها هذا الشخص الساذج، الذي يهاب مواجهة الضوء، ويلوذ دائما بالظل والعتمة، هي مراسلة المقرر الأممي المعني بالحق في الخصوصية، بدعوى أن وهيبة خرشش تعرضت لاختراق حميمي من طرف أجهزة رسمية مغربية! ولأن هناك من يظن واهما بأن الكذب على الدولة، والافتراء على أجهزة الأمن المغربية، هو ضرب من ضروب "الكذب الحقوقي الحلال"، فقد أرخى هذا "الراكب" الجديد على وهيبة خرشش العنان لحبل الكذب، وساق العديد من الأباطيل والأراجيف، بغرض تضليل هيئات الأممالمتحدة ومقررها الخاص المعني بالحق في الخصوصية. اجترار وإسراف في الكذب لم تأت المراسلة الجديدة المنسوبة لوهيبة خرشش، والموجهة للمقرر الأممي المعني بالحق في الخصوصية، بأي جديد يذكر، سوى أنها أوغلت في اجترار مزاعم محمد زيان السابقة، وقامت كذلك بتحيين أباطيله القديمة، وهو ما يرجح فرضية وقوف نفس الشخص، وهو محمد رضى، وراء كل هذه الحملات المغرضة التي تحاول المساس بصورة المغرب الحقوقية عن طريق الكذب والتدجين. واللافت أن ما أثير اليوم من مزاعم بخصوص الخبرة التقنية الأمريكية المنجزة على الفيديو المخل لوهيبة خرشش ومحمد زيان، سبق أن استعرضه هذا الأخير في ندوة صحفية بتاريخ 10 ماي 2022، أي منذ أكثر من سنة تقريبا. لكن مع تناقض صارخ، وهو أن محمد زيان ادعى وقتها "أن الخبرة لم تسمح بتحديد هوية الشخص الظاهر في الشريط بسبب رداءة التسجيل"، بينما جزمت المراسلة الجديدة المنسوبة لوهيبة خرشش بأن "الخبرة أكدت أن الفيديو مفبرك"! ولم يقف الحد عند هذا التناقض الصارخ في نتيجة الخبرة التقنية المزعومة، بل سردت الرسالة الجديدة الموجهة للآليات الخاصة للأمم المتحدة الكثير من المعطيات التضليلية. فقد تم الادعاء بأن وهيبة خرشش "بدأت إجراءات إدارية وقضائية في أغسطس/آب 2016 للتنديد بالمعاملة التي تعرضت لها"، والحال أن المعنية بالأمر اقتصرت فقط على التبليغ إداريا عن مزاعم التحرش الجنسي، وأن المديرية العامة للأمن الوطني هي من بادرت بإشعار النيابة العامة والتمست فتح تحقيق قضائي، للتحقق من هذه الاتهامات التي تكتسي طابعا جنائيا وليس إداريا. أكثر من ذلك، ادعى محرر الرسالة المنسوبة لوهيبة خرشش أن "الإدارة العامة للأمن الوطني رفضت الاعتراف بوجود أي جريمة!"، وهذا تصريح معيب يصدح بالجهل القانوني والتحريف التدليسي، لأن مصالح الأمن تنحصر صلاحياتها القانونية في مباشرة الأبحاث التمهيدية، أما النيابة العامة فهي التي تقرر المتابعة أو حفظ الملف حسب نتائج البحث. وفي قضية وهيبة خرشش، فإن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالجديدة، وقاضي التحقيق لدى نفس الهيئة القضائية، هما من اتخذا قرارات قضائية في هذا الملف وليس المديرية العامة للأمن الوطني. الدفع بخبرة وهمية الملاحظ أن الشخص الذي يزعم أنه راسل المقرر الأممي المعني بالحق في الخصوصية، في قضية وهيبة خرشش، ادعى بكثير من الشعبوية بأن هذه الأخيرة "سعت للاستفادة من خبرة المركز الوطني للطب الشرعي الصوتي والمرئي NCAVF"، والذي قدمه على أنه " مختبر وسائط رقمية جنائية مقره في لوس أنجلوس ومعتمد في الولاياتالمتحدة"، كما زعم بكثير من التحريف بأن "التقرير الذي أعده ماثيو موتي جابلر، خبير الطب الشرعي أكد أن الفيديو هو بالفعل مفبرك". مبدئيا، عندما يسمع القارئ أن المختبر التقني الذي أجرى هذه الخبرة هو مختبر معتمد في أمريكا، فإنه ينساق مباشرة إلى قبول نتيجة الخبرة حتى قبل النظر في حيثياتها. وهذا ما كان يلعب عليه محمد زيان سابقا ويراهن عليه الآن محمد رضى ووهيبة خرشش. لكن عندما نسأل محركات البحث على الأنترنت عن بروفايل الخبير الذي أجرى هذه الخبرة المزعومة، وهو ماثيو موتي جابلر، نجد أن هذا الأخير اشتغل كسائق لسيارة إسعاف بشركةGerber ، ومسير لمتاجر Mutzvah لبيع المنتجات والمستلزمات الدينية الخاصة باليهود، كما عمل أيضا مسعفا للاستعجالات في الرابطة الدولية لمستخدمي السينما والمسرح بالولاياتالمتحدةالأمريكية، وكذا مشرفا في شركة للتأمينات بولاية تكساس الأمريكية. ولمن يشكك في هذه الخلفية "شبه الطبية لهذا الخبير الأمريكي"، ما عليه سوى مراجعة الحساب الرسمي لهذا الأخير على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك! وقتها سيدرك القارئ بأن هذه الخبرة المستدل بها ما هي إلا "واقعة نصب واحتيال كبيرة وعابرة للحدود الوطنية". وبصرف النظر عن بروفايل هذا الخبير، فحتى خلاصات تقرير الخبرة التقنية المنسوبة له أكدت بأنه "يتعذر تحديد هوية الشخص الظاهر في الشريط بسبب رداءة التسجيل"، ولم تزعم نهائيا بأن "الشريط مفبرك"، كما جاء في المراسلة التضليلية الموجهة للمقرر الأممي المعني بالحق في الخصوصية. ومن هنا يظهر كيف يحتال بعض أدعياء حقوق الإنسان على الآليات الخاصة للأمم المتحدة للمساس بصورة المغرب في المجال الحقوقي! فهم يسرفون في ترويج الأكاذيب لاستصدار توصيات وآراء تستهدف المغرب. وقد سبق لهم القيام بنفس التكتيك الخبيث في قضية توفيق بوعشرين! ألم يزعموا بأن الرجل تمت محاكمته ليلا، والحال أن المحاكمة تصادفت وقتها مع شهر رمضان الفضيل؟ ألم يزعموا أيضا بأن المحاكمة جرت في سرية تامة في قضية توفيق بوعشرين، والحقيقة أن المحكمة كانت قد استجابت فقط لطلب الضحايا اللواتي التمسن "سرية الجلسات ليتسنى مشاهدة الفيديوهات الخليعة المحجوزة"؟ ألم يكذبوا كذلك على المقرر الأممي المعني بالاعتقال التعسفي في قضية توفيق بوعشرين، عندما قدموا آجالا مغلوطة للحراسة النظرية بهدف تصوير المعني بالأمر وكأنه اعتقل بطريقة تعسفية؟ إنه تكتيك مفضوح، ويفضح خبث أصحابه، فهم لا يراهنون على براءة المعتقلين، لأنهم يعلمون جيدا بأنهم مذنبون، ولكنهم يتطلعون في الحقيقة لتصوير المغرب وكأنه بلد لا يحترم ضمانات المحاكمة العادلة! والأمثلة على هذا "الخبث الحقوقي" كثيرة ومتعددة، نجدها في كل من قضية توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني وعمر الراضي ومحمد اعراب باعسو...وها هم يعيدون نفس الأسلوب الماكر والعدائي في قضية الضابطة المعزولة وهيبة خرشش. 1