استهل الصحفي عبد الحميد جماهري مدير نشر جريدة الاتحاد الإشتراكي مقالا نشره بعموده كاسر الخاطر، بعنوان: "غوتيريس، الجزائر والبوليساريو: نهاية الهروب إلى.. الوراء!"، بالتساؤل عن جديد التقرير الأممي الذي يتقدم به الأمين العام لمجلس الأمن في شهر أكتوبر 2022، مقدما إجابات كافية وشافية للباحثين عن جواب لهذا السؤال، من خلال تطرقه لمعطيات وتفاصيل تخص الوضع الحالي للصحراء المغربية. وكتب الجماهري في عموده كاسر الخاطر في العدد 13269 لأيام السبت/الأحد والإثنين من جريدة الاتحاد الاشتراكي والذي: لنطرح السؤال: ما جديد التقرير الأممي، الذي يتقدم به الأمين العام لمجلس الأمن في شهر أكتوبر 2022؟ وسنقدم الجواب الفوري التالي المبني على معطيات وتفاصيل الوضع الحالي للصحراء: إذا كان لا بد من وصف ضروري لما تأتي به التطورات في قضية الصحراء فهو أن كل يوم يمر، وكل قرار دولي يصدر ينهي الإرادة الماضوية الراغبة في الهروب إلى الوراء... المعبر عنها من طرف الجزائر وصنيعتها الانفصالية! هذا الهروب إلى الوراء يقدم الطرفين الخصمين في وضعية «البطل الإشكالي» كما يقدمه الأدب، الذي يعيش في تعارض مع المحيط، ولا يجد مكانا آمنا لأفكاره كما يريدها، سواء كان الأمر هو المظلة البوليساريو، أو من يحمل المظلة الجزائر... ففي توقعات التقرير الأممي، تنحصر القراءة ما بين توجهين اثنين: توجه يعتبر امتدادا لقرارات الأممالمتحدة في السنوات الأخيرة ولاسيما منذ أكتوبر الماضي، ونعني بها مواصلة المسار الأممي، وعقد اللقاءات الرباعية لتنفيذه، البحث عن الحل، مع التفاوض حول طريقة الوصول إلى الحل وليس الحل... وتوجه يريد التوهيم بأن حالة حرب قائمة منذ تطهير معبر الكركرات، وأن الموائد لا معنى لها ولا بد من العودة إلى التفاوض الثنائي، وأن التصعيد جزء من الحياة اليومية في الصحراء... بين التوجهين، هناك نزعة نحو العودة إلى الوراء ونزعة الدفع بمسلسل التسوية السلمية الذي ربح مساحات جديدة نحو مزيد من التأييد... من الواضح أن الدعاية الجزائرية قامت منذ تطهير معبر الكركارات والمصادقة الأممية على ما قام به المغرب وإعطائه شرعية المظلة الأممية، قامت على ثلاثة مقومات: الدفع بأنها غير معنية بمسلسل التسوية، وخصوصا الموائد المستديرة ، والإدعاء بأن الطرفين الوحيدين هما المغرب والانفصاليين. ثانيا، أن المنطقة تعيش حربا ضروسا بلغت البلاغات التي ترتبط بها ما يفوق 600 بلاغ، أي بعمر السنتين اللتين مرتا منذ نونبر 2020... المقوم الثالث يتمثل في إعلان مهمة ستيفان ديميستورا بلا أفق وأن الحالة تستوجب العودة للمنظومة القديمة السابقة التي يعود تاريخها في 1991، أي ما قبل الحكم الذاتي والقرارات الأممية منذ... 2007 سنة وضع الحكم الذاتي. فقد ووجهت زيارته بالمواقف التي تم الإعلان عنها إبان إعلان القرار 2602، وهي رفض الدخول في المسلسل السياسي، باعتبار أن الوضع وضع حربي وأي مواجهات لا تتماشي مع الموائد المستديرة، ثم من خلال موقف الجزائر التي تصر على نزع الطابع الإقليمي عن الملف، عكس ما تسير إليه قرارات الأممالمتحدة، مع إضافة بند الاستقلال إلى الاستفتاء! فهي تريد إعلان الاستفتاء وتنظيمه من أجل هدف محدد مسبقا هو الاستقلال، وليس الاستشارة السياسية وحدها! لقد فقدت الأطروحة قدرتها على تحقيق توازن مع ما يقوده المغرب، وصار أصحابها في وضع مهتز، لاسيما بعد أن عجزت هذه الأطراف عن حساب التحولات الكبرى في القضية: أطراف أوروبية منها عشر دول مركزية تؤمن بالحل المغربي، التحول الاستراتيجي الأمريكي، التطورات على أرض الواقع، وانتقال المغرب إلى مرحلة أكثر هجومية في تدبير ملف هو غاية وجوده... لا أجد ذا عقل يتصور بأن الوضع قد يعود إلى 1991 كما تريد الجزائرالجديدة، وتصر ربيبتها الانفصالية، ولا أحد يمكنه أن يذهب إلى أن ما يجري في توقعات روسياوإيران يمكنه أن يقلب هذا التوجه الدولي على عقب، اللهم إلا إذا كان القرار هو خوض حرب لا تبقي ولا تدر، ويجب أن تكون هذه الأطراف قادرة على خوضها، كما تدعي بالحصول على الطائرات المسيرية... بالنسبة للتوهم بوجود حالة حرب، فقد تبين من التقرير أن الأممالمتحدة التي تعتمد في الجوهر على المينورسو في الأخبار وهي بمقتَضى الفقرة 102 المصدر الرئيسي للمعلومات، تم حرمانها من القيام بمهامها، وورد بصريح العبرات أن ميلشيات البوليزاريو لا تتجاوب معها، وهو ما يشهد على أن مصدر الأممالمتحدة يقر بأن عناصر البولساريو تمنعها من مهامها الموكولة لها بقرار أممي هو نفسه القرار الذي تعود إليه للدفاع عن أطروحتها.. قرار وقف إطلاق النار. ولعل من غايات ذلك التوهيم بأنها بالفعل قادرة على تغيير معطيات الواقع الحربية، في حين ترفع عقيرتها بالصراخ بأن المدنيين يتعرضون لقصف المغرب. وعرفت المرحلة أيضا التناقضات الجزائرية التي فضحتها الجلسات على هامش الدورة 77 للأمم المتحدة، وفي التراشق مع الوفد المغربي الذي عرى كل تناقضات الجزائر ولاسيما منها الادعاء بأنها طرف غير معني، وأن البوليزاريو ممثل شرعي ووحيد للساكنة، وما إلى ذلك من الإدعاءات... في معادلة معاكسة، وضع المغرب أولويات جديدة على الأجندة الدولية، الحقوقية منها والمؤسساتية، منها وضع المخيمات ووضعية تسليح الأطفال المجندين في النزاع، وأصبحت من مواضيع المنظمات الدولية سواء العربية (اللجنة الرباعية المكلفة بتدخل إيران في الأوضاع العربية، والتي أدانت في الشهر الماضي هذا التدخل ونددت بالنزعات الانفصالية وتجييش الأطفال، وهو أمر تتورط فيه البوليزاريو وحزب الله ومليشيات الحوثيين، وهو ثلاثي إيراني الاستعمال...) والإفريقية والدولية، كما أكد ذلك الوفد المغربي، المشارك في اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، خلال الاجتماع الذي خصص لموضوع «حظر تجنيد الأطفال في حالات النزاع»، والذي ترأسه السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الاتحاد الإفريقي واللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، محمد عروشي، كما تم في نفس الأسبوع أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، إدانة مأساة الأطفال الذين تم تجنيدهم في مخيمات تندوف من قبل الميليشيا الانفصالية ل»البوليساريو»، بمباركة ودعم الجزائر. تمت الإشارة إلى «إساءة معاملة هؤلاء الأطفال-الجنود في معسكراتهم التدريبية. والأسوأ من ذلك، أنهم لا يترددون في استعراضهم أمام ضيوفهم الأجانب»، في ازدراء للقانون الدولي وحقوق الطفل. علاوة على عرض هذه القضية على عدة منظمات دولية، وعلى رأسها مفوضية الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان في جنيف...