قال خالد ميار الادريسي ، رئيس المركز المغربي للدراسات الدولية والمستقبلية، إنه “من المؤسف جدا أن يكون هناك لغط وخلط وتلفيق في الأمور وتهجم هستيري على مؤسسة لها جذور تاريخية وتدافع عن ثوابت البلاد الدينية مثل الطريقة القادرية البودشيشية؛ بدعوى أنها مبتدعة أو متدخلة في الشأن السياسي أو أنها غير مهتمة بالأمور السياسية، أو أنها لعبة في يد صناع السياسة وغير ذلك من الترهات”. وأضاف رئيس تحرير مجلة "مآلات" للدراسات الاستشرافية ، في تصريح لموقع برلمان.كوم ، “أقول باسمي الشخصي، كمهتم بالشأن الديني وباحث في العلاقات الدولية، بأن الطريقة القادرية البودشيشية لا تزاحم أيا كان لا في المجال الدعوي أو السياسي، ولا تتبنى منهج الافشاء السياسي القائم على اكتساب مساحات من “المشروعية” بناءا على فضح عيوب الخصوم أو اصطناع عيوبا لهم” . وأشار إلى أن “صاحب الأخلاق العادية يتبرم من الانخراط في مثل هذه الأمور، أما الذي ينشد الكمالات الأخلاقية فهو منشغل بمواجهة هواه وردع نفسه بذكر الله وقراءة القرآن وتعاطي العلوم سواء كانت شرعية أو “عصرية” ودعوة الناس كافة بأسلوب يراعي أصول الحوار وأخلاق الاختلاف. ولذا فلمجرد التذكير فقط، فإن الطريقة القادرية البودشيشية منشغلة بخلق جسور التعارف الإنساني بين الشعوب والتعريف بالإسلام كرحمة مهداة للخلق ولذلك فهي تبذل الجهد في دعوة عدد من الأجانب من فرنسا واسبانيا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية ودول آسيا واستراليا واليابان والفيتنام وغير ذلك من البلدان”. ويكفي فخرا ، يضيف المتحدث ، أن أبناء الديار الغربية، حيث التهجم على الإسلام والمصطفى عليه الصلاة والسلام، يتعلمون على يد الطريقة القادرية البودشيشية مبادئ الدين الحنيف ويتربون على ذكر لا إله إلا الله والصلاة على رسول الله، فأصبحوا بذلك سفراء المحبة النبوية في بلدانهم وأغلب المريدين الأجانب هم علماء ومهندسون وأطباء ورجال أعمال وشخصيات لهم وضعهم في بلدانهم؛ ولا يخفى على كل لبيب ما لذلك من إيجابيات لصالح الدعوة، ولصالح القضية الوطنية ومصالح المغرب، حيث أصبحوا مدافعين عن قضايانا، فالتربية الروحية للطريقة القادرية البودشيشية، وسيلة كذلك لممارسة نوع راق من الدبلوماسية الموازية في زمن تفتقد فيه هذه الدبلوماسية للدعم اللازم”. وأشار الإدريسي إلى “حضور مجموعة من علماء مؤسسة الأزهر الشريف ورجال الإعلام في مصر، يساهمون في ترسيخ العلاقات بين مصر والمغرب والتي يسعى البعض لزعزعتها، كما يعترفون بدور الطريقة القادرية البودشيشية في التجديد الروحي والتربوي والمنضبط بقواعد الكتاب والسنة”. وأوضح ا أنه على المستوى المغاربي فهناك “مجموعة من المريدين المنتسبين للطريقة البودشيشية من تونس والجزائر وليبيا وموريتانيا ويجمعهم ذكر الله ومناشدة تطهير النفس وتزكيتها وكذلك هم التوحد وتجاوز الشحناء التي خلقتها السياسة، والاستعداد لمستقبل مشترك. أما إخوتنا في الطريقة كذلك من مالي والنيجر وساحل العاج والسينغال ونيجيريا وبنين وغير ذلك، فلا يمكن الاستهانة بدورهم في ترسيخ الروابط المغربية الافريقية، وتأهيل الأجيال القادمة للتشبع بقيم الاعتدال والوسطية والمنافحة عن روح الإسلام الحقيقي وليس المختطف؛ وحضورهم المستمر للزاوية الأم بمداغ، هو اعتراف بدور شيخهم سيدي حمزة، في إحياء التصوف المحاصر من طرف أهل التبديع والتقتيل وأهل التجرؤ على سب الصحابة وأمهات المومنين”. وتابع ذات المتحدث أنه على المستوى المحلي فإن “الطريقة القادرية البودشيشية تساهم في تربية الأطفال والشباب على ذكر الله ومحبة رسولهم وصحابته ومحبة ذويهم وآبائهم وأمهاتهم وتوقير واحترام معلميهم والتشبث بالانتماء إلى وطنهم والاعتزاز بمقوماتهم الحضارية المغربية بتعدد روافدها”. وفي هذا الصدد أكد الإدريسي إن “مواجهة الانحرافات السلوكية والعدمية والتطرف، لا تتم بالخطابات والشعارات وإنما بالعمل الميداني اليومي، القائم على بناء الإنسان روحيا بذكر الله والصلاة على رسول الله؛ فإن مواجهة اغواء العالم الاستهلاكي المعاصر، لا تتم إلا بتوازن روحي حقيقي. ولذا فإن منهج الطريقة القادرية البودشيشية، من خلال تربية شيخ الطريقة الحاج حمزة، قائم على توقير الجميع والدعوة إلى التآلف والتآزر والتعاون على البر والتقوى ونبذ نهج التفسيق والتبديع والتكفير والتقتيل”. وأكد الإدريسي أن “زوايا الطريقة القادرية البودشيشية داخل المغرب خصوصا وخارجه، تطبق برنامجا يوميا وليس موسميا وطيلة السنة، يتضمن قراءة القرآن والصلاة على رسول الله وذكر اللطيف وقراءة الشفا والبخاري وغير ذلك، وتعلم العلوم الشرعية. والدعوة للجميع، ولأمير المؤمنين والعلماء وحفظة القرآن وكافة المغاربة الصالح منهم والطالح، وكافة المسلمين ولجميع البشرية بالهداية والرفاهية والكرامة. فإن كان هذا كله جنونا، فنعم الجنون ويكفي هنا استحضار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اذكروا الله حتى يقول المنافقون مجنون” وفي رواية “مراء”.