بتنسيق مع زاوية سيدي إبراهيم البصير، نظمت وحدة البحث في فني السماع والمديح ووحدة البحث في الرباطات والزوايا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة التابعة لجامعة أبي شعيب الدكالي ندوة وطنية في موضوع " الزاوية البصيرية"وذلك يومي 16 و17 ماي الجاري2012 ، حيث أقيم اليوم الأول من الندوة برحاب كلية الآداب بالجديدة واليوم الثاني تم تنظيمه بمقر الزاوية الإبراهيمية البصيرية ببني عياط، لتكون بذلك "المرة الأولى التي تنظم فيها هذه الندوة الصوفية الوطنية خارج رحاب الكلية منذ انطلاقتها" كما صرح بذلك رئيس وحدة المديح والسماع. استهلت الندوة بتلاوة آيات بينات من القران الكريم،تلتها كلمة تقديمية لرئيس الجلسة الدكتور عز العرب ( والعجم كما يلقبونه) ادريسي الازمي الذي ذكر بالسياق العام الذي تندرج فيه هذه الندوة والتي " تأتي تتمة وتكملة لما بدأناه برحاب كلية الآداب والعلوم الأنانية بالجديدة حول موضوع الزاوية البصيرية" مشيرا إلى أهم المحاور الكبرى التي تمت مناقشتها في اليوم الأول من الملتقى بالكلية كالتعريف بالزاوية البصيرية ونشأتها و تاريخها وتطورها والذي تقدم به مقدم الزاوية وشيخها مولاي اسماعيل بصير، إضافة إلى موضوع الزاوية البصيرية وشيوخها في الأرشيف : نموذج الأرشيف الفرنسي " والذي تقدم به الدكتور عبد الهادي بصير المتخصص في الشأن الصوفي. كما ذكر رئيس الجلسة بمقر الزاوية البصيرية ببني عياط، أمام الحاضرين ، بأهم المحاور التي ستتم مناقشتها في اليوم الثاني من الملتقى. وهكذا أعطيت الكلمة للدكتور عبد المغيث بصير رئيس المجلس العلمي المحلي بمدينة برشيد، الذي حاول أن يحيط إحاطة شاملة "بمجمل الأسباب التي تقف وراء استمرار الزاوية البصيرية في أداء رسالتها ومهمتها وأهدافها منذ نشأتها إلى اليوم" . وحيث أن "الزاوية مكان للعبادة والجهاد والإكرام والتعليم والتحصيل" فقد كان لزاما على القائمين عليها العمل على ضمان استمراريتها من خلال " تدريس العلوم الشرعية بمختلف أنواعها إلى جانب العلوم الأخرى خاصة اللغة العربية وآدابها ،لتتطور بعد ذلك عبر التاريخ وتنضم إلى التعليم العتيق التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وتنفتح على علوم حديثة أخرى كاللغات الأجنبية والرياضيات ونحو ذلك، الشيء الذي جعلها من كبريات المدارس بالجهة وذات وزن كبير على المستوى الوطني أيضا" مشيرا في ذات الوقت إلى أن " شيخ الزاوية الحالي مولاي اسماعيل بصير عمل على توسيع المدرسة والرفع من أعداد المستفيدين من عملها وعلومها، مع حرصه الكبير على خلق أقسام خاصة بالإناث مستقبلا كذلك" ومن ابرز الأسباب الأخرى التي ضمنت ولا تزال استمرارية الزاوية – حسب الدكتور عبد المغيث- " وعي القائمين على شؤونها منذ التأسيس بمهمة الزاوية الحقيقية وهي خدمة الفقراء أساسا وكل مريديها من كل حدب وصوب، والكرم والزهد في الدنيا( أن تكون في يدك لا في قلبك) ثم التواضع ونفع الناس والإيثار وعدم التنازع على المشيخة ، إذ غالبا ما يكون الأكثر قربا من الناس والمريدين والأكثر خدمة للناس أهلا وأحبة هو الذي يتولى المشيخة بعد وفاة الشيخ الكبير " علاوة على" عدم التنازع على أملاك الزاوية بعد وفاة الشيخ المسير ، واهتمام الشيوخ جميعهم بالعلم والتربية منذ تأسيسها إلى الآن، ثم عدم التدخل في الشؤون السياسية، وحتى وإن حصل فإنما يكون بطلب من الناس أو بتدخل ايجابي يراعي المصلحة العامة للناس والمجتمع" لهذه الأسباب وغيرها، يضيف الدكتور عبد المغيث، تمكنت " الزاوية البصيرية من الاستمرار في أداء وظيفتها العلمية والدينية والتربوية على مر التاريخ" الأمر الذي جعلها تساير كل تحديات العصر الحالي على كافة المستويات والأصعدة. من جهته، ركزت مداخلة الأستاذ الباحث كريم جيلالي من مدينة سطات حول " الشيخ سيدي إبراهيم بصير: سنده الروحي وطريقته"، مبرزا أن هذا الأخير" تربى منذ صغره ونشأ في وسط طرقي صوفي، حيث تلقى الأوراد الأولى على يد أبيه" الشيء الذي أهله ليكون صوفيا بكل ما تحمل الكلمة من معنى. أما ما تعلق بطريقة الشيخ سيدي ابراهيم بصير – مؤسس الزاوية- ومنهجه ، فقد أشار الأستاذ الجيلالي إلى "اهتمامه الكبير في البداية بالضروري من الدين ثم المفروض والمسنون ، إضافة إلى المزج والجمع بين الجلال والجمال وكثرة الذكر والمذاكرة وترك ما لا يعنيه" ، حيث كان يوصي مريديه بالقول لهم " لا تشتغلوا إلا بما أوصيناكم به" ، إلى جانب الصبر على اذاية الناس خاصة أذى المنكرين له ولطريقته" كما عمل أيضا على " المساواة بين المشايخ والطرق كلها تنفيذا لما تعلمه من شيخه ماء العينين " أما السند الصوفي للشيخ إبراهيم بصير – حسب الأستاذ الجيلالي- فيتصل بمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، لذلك استحقت تسميتها بالزاوية الدرقاوية الإبراهيمية البصيرية المحمدية ، حسب تعبيره. وجاءت المداخلة الثالثة والأخيرة على لسان الدكتور عبد الهادي السبيري من مدينة ازمور، حول " البعد التواصلي بين الزاوية المعينية ( نسبة لماء العينين) والزاوية البصيرية ". مشيرا إلى " رابطة المآخاة القوية التي تجمع بين الزاويتين منذ أمد بعيد" الأمر الذي خلق" تواصلا روحيا وعلميا وثقافيا عميقا ومتينا بين الزاويتين معا" إلى جانب" البعدين الزماني والمكاني الذي يجمع بينهما ، حيث تنتسبان – حسب قوله- إلى العثرة الشريفة وال بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم،علاوة على ظهورهما معا في الصحراء وما لذلك من دلالات عديدة ومتنوعة تاريخية ودينية وتربوية. تلت هذه الكلمات نقاشات ومداخلات أخرى أغنت النقاش بين الحاضرين جميعهم ، خاصة مداخلة الدكتور عبد الهادي بصير، الذي قدم مجموعة من الإضافات والتوضيحات حول أسباب بقاء واستمرارية الزاوية إلى الآن، وتركيزه على البعد التربوي والإنساني والاجتماعي للزاوية . في حين جاءت مداخلة شيخ الزاوية مولاي إسماعيل بصير تركيبية وشاملة ذكر من خلالها بعض مناقب وخصال مؤسس الزاوية ومجموعة من المشايخ الذين تعاقبوا على تولي أمور الزاوية خاصة في الجانب الاجتماعي والتربوي والسلوكي . وختم مداخلته بشكر الجميع على الحضور والترحيب بهم بالزاوية في كل وقت وحين.