قررت الإعلامية فاطمة الافريقي، التوقف عن كتابه عمودها الأسبوعي، الذي تنشره في يومية "أخبار اليوم"، كل خميس، وذلك من خلال ما أوضحه عنوان عمود هذا الأسبوع، الذي سمته "المقال الأخير". وأوضحت الإعلامية الفبرايرية في مقالها، أنها لن تكتب بعد اليوم، معلنة انتحارها شنقا بالصمت الذي يبدو أنه فرض عليها وأرغمت عليه، حيث أوردت في مقالها "الأخير"، لم أعد قادرة على العيش بأسلاك أجهزة الرصد في أوردتي، وبجاسوس مزروع في صمام قلبي، وبعداد مربوط بانفاسي، وبحارس على باب الروح يضبطني كل ليلة متلبسة بجريمة الحلم؛ سأصمت..". وأضافت الإفريقي في عمودها تكشف حيثيات وتفاصيل القصة والدواعي التي تقف وراء اختيارها توقيف الكتابة، "لأنهم يخيروني بين الكلام أو بسمة أطفالي، سأخرس.."، في إشارة إلى ما يمكن أن تكون تعرضت له من تهديدات تستهدف أبناءها وزوجها، وذلك لإخراس قلمها وكتاباتها التي تعري الواقع وتنحاز للشعب وأبنائه. "وصلت الرسالة أيها الحراس المرابضون بمدافعهم الرشاشة خلف أكياس رمل الذكريات والأحلام بجمجمتي.. فهمتكم"، هكذا أرادت الإفريقي أن تودع قراءها وترسل رسالتها إلى من أجبروها على وضع سلاح الكلمة والقلم، مؤكدة أنها مرت بفترة طويلة من الاخذ والرد بين توقيف الكتابة والإستمرار، حتى أعلنت هذا الخميس استسلامها وضعفها أمام سلاح "الرقيب الذي يطل من عيون أطفالي، خيرني بين كتابة قصائد المديح أو الصمت.. ففضلت الإنتحار صمتا ودفن حلمي بكفن المقال الأخير". المقال الأخير من أجل عيونه التي أرى بها الشمسن وشوقا للفرح الذي هجر نظراته، ضجرا من القلق الذي سكن نبضه، خوفا عليه منهم، حبا فيه وفي حياتي منه، سأتوقف عن الكتابة.. لأنني لم أعد قادرة على العيش بأسلاك أجهزة الرصد في أوردتي، وبجاسوس مزروع في صمام قلبي، وبعداد مربوط بأنفاسي، وبحارس على باب الروح يضبطني كل ليلة متلبسة بجريمة الحلم، سأصمت.. لأنهم احتلوا حديقتي السرية وزرعوا بين ورودها ألغاما متفجرة، سانسحب.. لأنهم يخيروني بين الكلام أو بسمة أطفالي، سأخرس... لن أكتب بعد اليوم، سأنتحر شنقا بصمتي، وسأقطع شرايين حبري وأتركها تنزف خيباتي لآخر ورق..سأحرق أناملي كي لا تضعف أمام ازرار الحاسوب، سألقح عروقي بجرعات مضاعفة من مصل اللامبلاة، ساتنكر لكلماتي وأمحو عنها بصماتي وأنسبها لمجهول، سأفقأ عيني كي لا ترى عذابات الوطن.. أنا لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم، سأكون كما تريدون، مواطنة صامتة هادئة سعيدة راضية، وسأكتفي بالتصفيق الزغردة في زفة المنجزات العظيمة..يويويوووو... أعجبتكم الزغرودة؟ تريدونها بصوت أعلى؟ ام بنفس أطول؟.. أم تريدون ضربا على الدفوف خلف مسيرات النماء؟..أم تفضلون جذبة صوفية بلازمة نعم؟.. ما رأيكم في إلحاقي بديوان المادحين، أو بفرقة النكافات الرسميات؟ هل هناك مناصب شاغرة لمزيد من الأقلام المأجورة؟ ساتطوع بلا أجر لخدمة الاستقرار المالي لثرواتكم وحمايتكم من شجع الشعب.. هل قلت الشعب؟ فليسقط الشعب، فلتسقط الفوضى وعاش النظام.. وصلت الرسالة أيها الحراس المرابضون بمدافعهم الرشاشة خلف أكياس رمل الذكريات والأحلام بجمجمتي..فهمتكم، أيها المفتشون بين ثنايا ضعفي عن أخطاء محتملة، أرفع الراية البيضاء وأعلن هزيمتي، وسانسحب مستسلمة من حلبة المعركة. أطلقوا سراح الرهائن الذين أحيا بحبهم وسأنفذ الاتفاق...سأتبرأ من كلماتي السابقة والآتية والمحتملة والممكنة والمستحيلة.. أتبرأ من صدقي ومن الحقيقة.. لن اقترف بعد اليوم جرم الكتابة عن الوطن والشعب وثورة الشباب.. سأمحو شهر فبراير من مفكرتي، سأصادق الصمت واتخذ من اللامبلاة فلسفتي، سأحرق أجنحة الكلمات كي لا تتسلل في ضميري وتحلق خلف الأسلاك الشائكة.. سأعتزل الكتابة وأتفرغ لمتابعة المسلسلات الرديئة... فأرجو أن تزيلوا فوهات بنادقكم المصوبة نحو عشين لا تلمسوا العصافير البريئة، لاتنسفوا الحلم، ولا تدمروا من أحب... ها أنذا أفي بوعدي، فكونوا رجالا شرفاء وأوقفوا حربكم السرية وانسحبوا من مملكتي.. وقبل أن ترحلوا عني، أغلقوا خلفكم الباب ولا تنسوا أن تطفؤا كاميرات الرصد الموصولة بأوردتي.. اعتراف أخير: كل خميس كنت أكتب المقال الأخير، وفي كل خميس كنت أسحبه وأستسلم لصيحة ضميري وغواية الكتابة.. هذا الخميس أعترف بضعفي أمام سلاح الرقيب الذي يطل علي من عيون أطفالي، خيرني بين كتابة قصائد المديح أو الصمت.. ففضلت الانتحار صمتا ودفن حلمي بكفن المقال الأخير.