لقد ابدعت الأنظمة الرأسمالية المتوحشة في صناعة أسلحة الدمار الشامل و أبدعت في صناعة القنابل النووية و الهيدروجينية لقتل الإنسان و ترهيبه و استغلاله و سلب خيراته ، استعمرت الشعوب و استضعفتها و استعبدتها و استنزفت خيراتها . تتاجر في الدم و في الأرواح ، تسقي عروقها من عرق جبين الكادحين إنها لا تقوم إلا على أساس تنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها مقابل تقليص الملكية العامة بل تفويتها و يبقى دور الحكومة دور رقابى ليس إلا . بفعل هذا اصبحت قوية و مهيمنة اقتصاديا و سياسيا و مسيطرة عسكريا و استراتيجيا و ازدادت قوة و جبروتا بعد سقوط جدار برلين و الهرم السوفيتي الذي كان يشكل القطب المنافس حتى أن كثيرا من يجهلون أو يتجاهلون فلسفة التاريخ و ما تحمله من قواعد للمادية و قوانين الحياة الاجتماعية أيقنوا بان الرأسمالية هي البديل الطبيعي بل الكوني للحياة الإنسانية و أن دونها قابل للزوال . لكن بالوقوف على قواعد المادية الجدلية و على قوانين التحول و النقل و الانتقال في علم الرياضيات و في علم حياة الأرض وما توصل إليه فلاسفة التاريخ الاقتصادي و الاجتماعي مثل هبغل وماركس و غيرهما أن العالم /الكون يتحرك و يفرز تناقضات تتصارع من أجل البقاء . فالرأسمالية بممارستها أمام التحولات الذي يعرفها المجتمع الدولي بحثا عن النظام الاقتصادي و السياسي الأمثل تولدت في احشاءها تناقضات ظلت تنتعش مع المتطلبات الاجتماعية و الاقتصادية مما جعلها تشكل اتحادات للتحكم في الاقتصاد العالمي و في صنع حروبا في الأقطار ذات الثروات البترولية أو المعدنية خوفا من العودة إلى الأزمات التي عرفتها في بداية القرن العشرين ، تخاف من الانهيار أمام تصاعد المطالبة بأنظمة اشتراكية. فلما جاء وباء فيروس كرونا و جدت نفسها بين الموت و الانهيار . و جدت نفسها غير قادرة على صد عنها شبح الموت الذي صار يحصد عشرات الآلاف كل يوم لأن مختبراتها ظلت تنشط في صناعة أسلحة الدمار و في الأسلحة الجرثومية . لم تجد حلا لاستمرار اقتصادها لأنه اقتصاد له روافد لم تعد قادرة على التحمل و لم تجد سلاحا لمواجهة فيروس كورونا إلا الهروب خوفا من الموت لما لم يستطع المال ردها عنهم . إنه درس للأنظمة الرأسمالية لأن ما بعد الجائحة ستكون الكلمة للشعوب التي لم تجد في الرأسمالية من يحميها إلا اللجوء إلى الحياة المنعزلة و الالتزام بالحجر الصحي .