تقديم : حكمة الشعب أو ما سماها الانجليزي سرجون وليام تومز ، ذات يوم من أيام سنة 1846فولك لور، ذلك المصطلح الذي شاع بعد ذلك ليدل على مواد الأدب الشفهي للأمة [1] و رغم أنه ليس هناك اتفاق بين دارسي الفولكلور حول ماهيته ، يمكن القول أنه : هو المادة التي تنتقل عن طريق الموروثات . حكمة الشعب و أدبه الذي لم يتعلمه من الكتب . شيء يشترك فيه الفرد مع غيره تماما . و يبقى المثل الشعبي هو الناطق الرسمي باسم هذه الحكمة الشعبية التي وظفها القدماء في التسلية والتربية و التعليم ونقل الخبرة إلى الناشئة و حلقة التجربة من الأجداد إلى الأبناء .. و المثل الشعبي يحمل رصيد المجتمع من القيم ، ويزوده بالقيم اللازمة للوجود و الاستمرار ، لدلك لا بد من المحافظة على كنوزه الحية في إطار نظرة علمية وشموليه للتراث المغربي .. و المثل الشعبي قول قصير او جملة سارت على الألسن فترة طويلة ، و غالبا ما كانت وراءه حكاية تبرر وروده ، ويقال في مناسبة و سياق مشابه للذي قيل فيه أول مرة .. و هنا من الأمثال من هو أقرب إلينا من غيره سمعناه من شخص عزيز و ألفناه حتى سار موجها لسلوكنا و يدل على طبيعة شخصيتنا حتى نردده باستمرار مثله من المسموع و الله ما قفلتي لا فورتي خلي الواعرة تجيك الساهلة هنيها تهنيك .. و قد اعتمدنا في هذا المقال على ما جمعه الأستاذ محمد المستاوي من أمثال شعبية سواء بالأمازيغية أو معربة ، والأمثال التي لا زالت عالقة بالذاكرة من فصحى و عامية وردت نثرا أو شعرا .. المثل الشعبي / خضرة فوق الطعام : كان المثل الشعبي في الماضي يلعب دورا تربويا و توجيهيا مهما قبل أن يتحول إلى مجرد مملحات للكلام أو خضرة فوق الطعام ، و لم يعد له ذلك الدور التربوي في توجيه الناشئة الذين تركناهم يعومون في بحرهم بدون توجيه أمام حياة مليئة بالأخطار مسلحين فقط بالتجربة و الخطأ ، و دون أن نزودهم في الصغر بأسلحة قيمية و أخلاقية تساعدهم على شق طريقهم بنجاح و الابتعاد عن سبل الانحراف حيث يظل هذا الكلام الجميل يعمل في دواخلهم كلما خطر موقف مشابه لما تعلموه : مثل خدم اصغري لكبري مع من شفتك مع من شبهتك للي قال ليك قال عليك الوقت كالسيف … من حرث شيئا يحصده وانا اكرزن كرا تمكرت مع من شفتك مع من شبهتك اللي فاتك بليلة فاتك بحيلة خطاب مزدوج /اطلع تاكل الكرموس نزل شكون قالها ليك: كم تقدم الحياة من متناقضات و تقدم الفول لمن ليس له أضراس و المثل الشعبي بدوره عبر عن هذا التناقض ، فقد نلاحظ على بعض أمثالنا الشعبية الازدواج و التناقض مثل اطلع تاكل الباكور نزل شكون قالها ليك فهي تدعو مرة إلى التفكير و التأمل و عدم العجلة خاصة في الأمور الهامة الحصاد قبل الزواج تامقرا قبل تامغرا زواج ليلة تدبيرو عام ميات تخميمة و تخميمة و لا ضربة مقص ، لا زربة على صلاح … فكر قبل أن تتكلم ءيز وارد سوا نكم ساول و من جهة أخرى تدعو إلى عدم المبالغة في التفكير و التخمام دير الهم في الشبكة شي يطيح شي يبقى فلا شيء باق في هذه الحياة لا تخمم ترفد الهم ديما الفلك ما هو مسمر و لا الدنيا مقيمة و الإيمان بالقدر : المكتاب ماعليه هروب.. و يدعو مرة إلى عدم القناعة بالفتات صام تاعيى و فطر على جرادة اللي بلاه الله بالسعاية يقصد الديور الكبار ومرة إلى القناعة: للي ما قنع بخبزة يقنع بنصها .كول و قيس .. جدلية الكلام و الصمت : الواد الهرهوري و الواد السكوتي : يفضل المثل الشعبي الإنسان الذي يتكلم على الإنسان الصامت لأن هذا الأخير لا يكشف عن سريرته ولا تعرف علاش مطوي دوزعلى الواد الهرهوري لا تدوز على الواد السكوتي و مع ذلك يدعو إلى صون اللسان خاصة وسط الجماعة فالدجاجة لا تبيض بين الناس ءورار تصدار تفولوست غ كر مدن ، و الانتباه إلى ما قد يجره اللسان على صاحبه منين جاتك العافية يالفران من فمي من أحرقك يا فرن؟فمي ، ماك ءيجدرن ءايا فارنو ؟ ءيمينو ، و أن لا يسيء الإنسان إلى الغير بكلام السوء فجرح اللسان أقوى من جرح اليد … ءينراءو كناكاي ن ءيمي وين ءوفوس .. جراحات اللسان لها التئام و لا يلتام ماجرح اللسان.. كذلك ينبغي اجتناب الكذب و الادعاء و إرخاء السلوقي بالكذب ، فالخميرة الكثيرة تنفخ العجينة تامتنت ءيكوتن ءار تزبزاك لعجين .. و اللي عرفنا عراه ما همنا كساتو .. الظاهر و الباطن / المزوق من برا .. لا ينبغي تصديق المظاهر على حساب الجوهر و الحقيقة فالمظاهر قد تخدع كثيرا و لا تطابق الجوهر آ المزوق من برا آش خبارك من الداخل ، والأفعى مزركشة و في فمها العطب ءيتكلا ءوبنكال ميش ءيكست ءيمينس إن الأفاعي و أن لانت ملامسها عند التقلب في أنيابها العطب ،فالمثل الشعبي يشجب النفاق حين يكون السن يضحك للسن و القلب فيه الخديعة و ذلك الشخص صاحب السلوك المزدوج الذي يكوي و يبخ و يلسع و يدهن ءار ءيتقس ءار ءيز غور.. الشمس لا تحجب بالغربال : إن الحقيقة لا بد أن تظهر و اللي يشطح ما يخبيش لحيتو و الشمس لا تضرق بالغربال او تحجب بالأصبع … تريت ءاتسنتلت تافوكت س ؤضاض و المثل الشعبي يدعو إلى الإعراض عن الذين يتظاهرون بما ليس فيهم الذيب قالوا ليه ترعى الغنم بدأ يبكي ءاريالا ووشن ماخ ءايسنان ءاتكست ءولي و الذين يعيبون ما لا يستطيعون الوصول إليه المش مللي ما كا يوصلش اللحم كا يقول خانز ءيناءو موش ءيخ تحا .. كذلك للمثل الشعبي رأي في الجمال ، فجمال الفعل أحسن كثيرا من جمال الوجه ، الزين في الدفلة و حار ءيفولكي باهرا ءوليلي ميش ءيحرا شجرة الدفلة جد جميلة لكن مرة ، فالجمال يكمن في الروح و ليس في المظهر ..لا يغرك زين دفلة في الواد دايرة ظلايل لا يغرك زين طفلة تا تشوف الفعايل .. الفتى المدلل لا يرعى الغنم : يدعو المثل الشعبي إلى العمل و تحمل المسؤولية فالخروف لا تثقله قرناه ءيزمر ءورارت زوزيين واسكيون نس ، و الطاحون لا يطحن الكذب ءازرك ءورار ءيزاض ءيكركيسن و الرحى لا تطحن القرون و جعجعة ولا نرى طحينا … و الفتى المدلل لا يرعى الغنم ييوس ن ئمي حنا ؤرئز ضار ءايكس فلا بد من الحزم فالكسكس اذا لم تحزمه لن يصل إليه البخار سكسو ءيغاس ءور تبيكست ءورا ءاتيد غلين ءيراكن و الله ما قفلتي لا فورتي ، و عدم التراخي في العمل حتى يفوت الوقت ضرب الحديد ما حدو سخون الذيب وسط الغنم عادا بدا يربي السلوقي وعدم تكرار الخطأ لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين و عدم الاستسلام الرجل يسقط في عشرين حفرة و يصعد منها .. على المرء أن لا يتعلم البحث عن مصلحته الشخصية فقط ، فاليد التي الفت أن تأخذ لن تعطي ءافوس ءيميارن ءاقاي ءورار ياكا و أن يستعد للعطاء من أكل دجاج الجيران عليه أن يسمن دجاجه …كما ينبغي الاعتناء بالآخرين و خاصة الفقراء الكرش الشبعانة ما درات بالجيعانة الرزق قليل و طاحت فيه ذبانة .. قطرة قطرة يحمل الواد : و النجاح في العمل و الحياة يكون بالتدريج ولا يكون مرة واحدة قطرة قطرة يحمل الواد ، و يدخل الجمل القدر جزءا فجزءا ءيميك س ءيميك ءاس ءيكشم ءورعم ءاكدور ، فمن أراد الحلو عليه أن يصبر للمر يان ءيران تيد ميمنين ءيصبر ءيتيد رزيكنين لبغى العسل يصبر لقريص النحل و يدعو المثل إلى المسؤولية ، فالدجاجة الماكثة في عشها ، أحسن من التي تركته توف تالي ءيسدلن تالي ءيصدرن ، لان الدجاجة الغير الجاثمة على بيضها لن تخرج الكتاكيت كما في مثل آخر تافولوست نا ءور ءيسكوطين ف تكلاي ءورار تنورزوم ءيكياون ، ولأن الخفيفة ما تجيب صداق .. لا تضيع بارود في موكة : و مع ذلك لا ينبغي للإنسان أن يحمل العمود من الجهة الثقيلة ، و أن لا يحاول الإنسان تقويم ما لا يستقيم علمه علمه و إلى عمى سير و خليه ملاس ملاس ءيغ يوكي تخاتاس ، فمن علمك خير ممن أعطاك يوف ياناك ءيملان ياناك ءيفكان و اللي شفتيه راكب على قصبة قول ليه مبارك العود يان ءيسودان ءاغانيم ءينيياس مبارك ءاييس .. و أن يستعين بغيره في العمل لأن اليد الواحدة لا تصفق و النحلة الواحدة لا تصنع عسلا ، فالناس ليسوا على نفس الميول نحو الاجتهاد و العمل والمعقول، أغراس أغراس من جعل الناس سواء ليس لعقله دواء ففيهم الخامل و المنتج لذلك فكمشة نحل خير من شواري ذبان و الابتعاد عن صاحب السوء الذي يعوج مسار الجماعة : حوتة واحدة كاتخنز الشواري .. ..و الدعوة إلى عدم تضييع الوقت فيما لا يفيد لا تضيع بارود في موكة و العمل أنواع الذي لا يكسب منه صاحبه شيئا ذلك كراع لجدته غان ءيكا زوند ءامكسان جداس و ذلك الذي فيه الكسب كمن وضع يده في قربة اللبن … ءيكان ءافوس خ تكشولت . نباح الكلب لن يرد سحابة : يدعو المثل إلى الابتعاد عن الفضوليين و العمل دون انتباه إليهم فنباح الكلب لن يرد سحابة توغان وييدي ءورار ترارانت تامدلوت وبالفصحى ما يضير الشمس نباح الكلاب و القافلة تسير و الكلاب تنبح كما يدعو إلى إهمالهم أهمل الكلب تستريح نخل ءايدي تافت راحت . الذين لا يصدر منهم إلا الشر محزم بالشكوة و يقول الذبان منين جاني . فهم يشبهون الوسخ و الذي يدخل بين الضفر و اللحم ءيركان كا ءايكشمن كر تفيي د ءيسكر الفضوليون يتركون شؤونهم و يهتمون بشؤون الغير هم لا ينظرون إلا لعيوب الغير و ينسون عيوبهم الجمل كايشوف غير دروة خوه مرض الحمار و البردعة تئن ءيهرش ءوغيول ءار ءيندر ءوحلاس .. فهم مثل تلك التي تركت بيتها و ذهبت تنظف الحمام خلات دارها و مشات تسيق الحمام … الذي لا تسمع منه فايدة …رفقتو زايدة : و رغم كوننا قد لا نتفق و مضمون عدد من أمثالنا الشعبية التي قيلت في سياقات متناقضة كتشميسة و لا تخميسة ، للي زربوا ماتوا ، بالمهل كايتكال بودنجال ،غرسو يقلعك …..فيجب أن نفهم هذه الأمثال في سياقها الخاص ، و أن لا نحملها أكثر ما تحتمل .. و مع ذلك تبقى الأمثال الشعبية المغربية ثروة رمزية وطنية ، تلعب دورا مهما في توجيه الناشئة و تعليمهم و تربيتهم تربية سليمة تمكنهم من التزود بالقيم اللازمة ، و اكتساب الثقافة المغربية للعمل داخل مجتمعاتهم .. و نظرا لهذه الوظيفة المهمة للأمثال الشعبية المغربية ينبغي توظيفها و الاستفادة منها في كتبنا المدرسية الفقيرة إلى هندسة واضحة للقيم خاصة تلك التي تعزز قيم التربية و السلوك المدني بأسلوب مشوق ، وإن كتبا بلا فائدة رفقتها زائدة .. [1] مدخل لدراسة الفولكلور ص 23