في مشهد يذكرنا بعهود اعتقدنا أنها أصبحت جزءا من التاريخ.. عهد الحماية والمقيم العام.. حيث التملق للمستعمر يضفي عليك من الامتيازات ما لا يعد ولا يحصى.. في عهد اعتقدنا جميعا أن القطع مع تلك الحقبة بات واقعا معاشا.. شعارات وسياسات وحقوق لإنسان ربما في عالم المتخيل.. في عهد دولة الحق والقانون، لايزال البعض حالما بسياسات على شكل قطاع الطرق.. في دولة تصدع رؤوسنا كل يوم بمبادئ الحكامة والمساواة بين المواطنين .. كان هناك شاب في مقتبل العمر يخوض اعتصاما واضرابا عن الطعام.. هناك في أعالي المغرب المنسي باقليم ازيلال بسبب ترامي أحد "الأعيان" من ذوي الجاه والنفوذ على ممر طرقي، كان الشاب يستعمله للوصول إلى بيته الذي ورثه عن أبيه.. مما يطرح السؤال: ترى هل نحتاج بعد المستشفيات العسكرية المتنقلة التي يجود بها جلالة الملك على ساكنة المنطقة أن نطالب أيضا بمحاكم متنقلة على نفس المنوال بعد أن عجزت محاكمنا على حل مثل هذه المعضلات؟؟؟.. لكن الغريب في الأمر وبعد ظهور خروقات بالجملة أصدر السيد وكيل الملك بازيلال أمره باعتقال المسمى خلادة الغازي يوم 25/04/2017 وذلك بسبب ملف قديم يعود إلى العام الماضي، وبالضبط خلال شهر رمضان، والذي تعود اطواره إلى قيام "المتهم" بإزالة قنطرة صغيرة على مجرى مائي انشأها بعض السكان على قطعة أرضية تعود ملكيتها له، وذلك لاستعمالها من أجل المرور منها، حيث رفع السكان شكاية في الموضوع، لكن سرعان ما تدخل بعض وجهاء القبيلة بالصلح بين الأطراف، فعادت الأمور إلى نصابها، وتبعا لذلك لم تستدعيهم المحكمة، مما فهم منه أن الشكاية ذهبت للحفظ وقد مر على ذلك تقريبا مدة سنة، لكن الضحية خلادة الغازي فوجئ باستدعاء من طرف وكيل الملك في التاريخ المذكور آنفا، ظانا أنه استدعاه من أجل حلحلة الملف الثاني الذي عمر أزيد من خمسة أشهر، وبدأت تفوح منه روائح كثيرة، والمتعلق بترامي أحد الأعيان على الطريق موضوع النزاع، والتي كان يستعملها للمرور إلى منزله، أقول فوجئ بأمر وكيل الملك باعتقاله في الحين، ثم احالته إلى قاضي التحقيق ببني ملال بتهمة "هدم قنطرة". وهو الأمر الذي استغرب له خلادة الغازي حيث انتابه إحساس بالغبن دفعه إلى خوض إضراب عن الطعام، راغبا في الإنتقام من نفسه ومن الظروف التي جعلته فقيرا لاحول ولاقوة له أمام جبروت الأعيان وأصحاب الجاه والمال والنفوذ، ليطرح السؤال من جديد: هل ستتحمل النيابة العامة بازيلال كامل المسؤولية فيما ستؤول إليه الأوضاع.