عفو ملكي على 1304 أشخاص بمناسبة ذكرى 11 يناير    اطلاق ثلاث خطوط جوية جديدة تربط الصويرة بباريس وليون ونانت ابتداء من أبريل المقبل    رواية "بلد الآخرين" لليلى سليماني.. الهوية تتشابك مع السلطة الاستعمارية    طنجة : الإعلان عن الفائزين بجائزة بيت الصحافة للثقافة والإعلام    المنتخب المغربي يودع دوري الملوك    مراكش... توقيف مواطن أجنبي مبحوث عنه بموجب أمر دولي بإلقاء القبض    حرائق لوس أنجلوس .. الأكثر تدميرا والأكثر تكلفة في تاريخ أمريكا (فيديو)    مراكش تُسجل رقماً قياسياً تاريخياً في عدد السياح خلال 2024    تهنئة السيد حميد أبرشان بمناسبة الذكرى ال81 لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال    وزير الخارجية الفرنسي "يحذر" الجزائر    توقيف شخصين في مراكش بتهمة النصب والاحتيال وتزوير وثائق السيارات    "الباطرونا" تتمسك بإخراج قانون إضراب متوازن بين الحقوق والواجبات    مدن مغربية تندد بالصمت الدولي والعربي على "الإبادة الجماعية" في غزة    إيكال مهمة التحصيل الضريبي للقطاع البنكي: نجاح مرحلي، ولكن بأي ثمن؟    هذا ماقالته الحكومة عن إمكانية إلغاء عيد الأضحى    مؤسسة طنجة الكبرى في زيارة دبلوماسية لسفارة جمهورية هنغاريا بالمغرب    الملك محمد السادس يوجه برقية تعزية ومواساة إلى أسرة الفنان الراحل محمد بن عبد السلام    المناورات الجزائرية ضد تركيا.. تبون وشنقريحة يلعبان بالنار من الاستفزاز إلى التآمر ضد أنقرة    أحوال الطقس يوم السبت.. أجواء باردة وصقيع بمرتفعات الريف    الضريبة السنوية على المركبات.. مديرية الضرائب تؤكد مجانية الآداء عبر الإنترنت    اللجان الإدارية المكلفة بمراجعة اللوائح الانتخابية العامة تعقد اجتماعاتها برسم سنة 2025    الملك محمد السادس يهنئ العماد جوزيف عون بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية    توقف مؤقت لخدمة طرامواي الرباط – سلا    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إيداع 10 علامات تجارية جديدة لحماية التراث المغربي التقليدي وتعزيز الجودة في الصناعة الحرفية    أسعار النفط تتجاوز 80 دولارا إثر تكهنات بفرض عقوبات أميركية على روسيا    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    فيلود: "المواجهة ضد الرجاء في غاية الأهمية.. وسنلعب بأسلوبنا من أجل الفوز"    "الأحرار" يشيد بالدبلوماسية الملكية ويؤكد انخراطه في التواصل حول مدونة الأسرة    تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، محطة نضالية بارزة في مسار الكفاح الوطني من أجل الحرية وتحقيق السيادة الوطنية    القِرْد سيِّدُ المَشْهد !    ميناء الحسيمة يسجل أزيد من 46 ألف من المسافرين خلال سنة 2024    جماعة طنجة تعلن نسبة تقدم أشغال تأهيل معلمة حلبة ساحة الثيران    من هو جوزيف عون الرئيس الجديد للبنان؟    وفاة صانعة محتوى أثناء ولادة قيصرية    حوار بوتين وترامب.. الكرملين يعلن استعدادا روسيا بدون شروط مسبقة    بوحمرون: 16 إصابة في سجن طنجة 2 وتدابير وقائية لاحتواء الوضع    "بوحمرون.. بالتلقيح نقدروا نحاربوه".. حملة تحسيسية للحد من انتشار الحصبة    بوحمرون يواصل الزحف في سجون المملكة والحصيلة ترتفع    ملفات ساخنة لعام 2025    تحذير رسمي من "الإعلانات المضللة" المتعلقة بمطارات المغرب    عصبة الأبطال الافريقية (المجموعة 2 / الجولة 5).. الجيش الملكي من أجل حسم التأهل والرجاء الرياضي للحفاظ على حظوظه    صابرينا أزولاي المديرة السابقة في "قناة فوكس إنترناشيونال" و"كانال+" تؤسس وكالة للتواصل في الصويرة    "جائزة الإعلام العربي" تختار المدير العام لهيسبريس لعضوية مجلس إدارتها    ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بمرض الحصبة… طبيبة عامة توضح ل"رسالة 24″    اتحاد طنجة يعلن فسخ عقد الحارس بدر الدين بنعاشور بالتراضي    السعودية تستعد لموسم حج 2025 في ظل تحديات الحر الشديد    الحكومة البريطانية تتدخل لفرض سقف لأسعار بيع تذاكر الحفلات    فضيحة تُلطخ إرث مانديلا... حفيده "الرمز" في الجزائر متهم بالسرقة والجريمة    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. إيفرتون يفك الارتباط بمدربه شون دايش    مقتل 7 عناصر من تنظيم "داعش" بضربة جوية شمال العراق    النظام الجزائري يخرق المادة 49 من الدستور ويمنع المؤثر الجزائري بوعلام من دخول البلاد ويعيده الى فرنسا    الكأس الممتازة الاسبانية: ريال مدريد يفوز على مايوركا ويضرب موعدا مع برشلونة في النهائي    الآلاف يشاركون في الدورة ال35 للماراطون الدولي لمراكش    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحو نقد جذري للفقه : رسالة الى بنيتي

بنيتي، لنبدأ من أول الحكاية.. القرآن قال: "سيروا في الأرض" ولم يقل "سيروا في القرآن".. القرآن يدعو بشكل لا لبس فيه إلى "الخروج" من دوائره و السير بعيدا.. يعترف القرآن بشكل يكاد يكون مفجرا بمحدوديته أمام الأرض/الحياة.. يقر بأن اللغة الأساسية هي الأرض و ليس القرآن.. القرآن دعوة فادحة للخروج نحو الخلق: نحو سرعة الضوء و الجاذبية و اشتغال الخلية و تمفصلات العلاقات البشرية و... رهان القرآن هو الارض، و ليس ذاته- كما توحي بذلك التأويلات/الهلوسات الرسمية.. وهذه في اعتقادي هي حداثته الجذرية..
يجب أن نفهم جيدا الانقلاب الهائل الذي حصر في قلب الابستمولوجيا الدينية.. عندما جاءت العصابة القريشية الى الحكم مع معاوية، كان أول شيء كان لابد أن تقوم به هو تصفية عدوها الاستراتيجي: الدين المحمدي الثوري الاول.. سارت نحو بناء دين أخر على هامش الدين الاول.. أو في قلبه.. أو فوقه.. لايهم.. نجح الدين الذي تم بناؤه - دين امارة المؤمنين، و "اطيعوا أولي الامر منكم.."، و " تجنبوا التهلكة"، و" قل لن يصيبنا الا ما كتبه الله لنا"، و "تارك الصلاة الى جهنم"......- في نفي/اعدام دين التداولات و العمل و الانتاج و الحرب على التراكم و البذخ.. ان الدين الحالي هو بحذافيره الدين الاموي..
الدين اذن ليس هو المشكل.. ان المشكل الاول، جذر الشر، هو الاستبداد، هو عندما تنقض جماعة مهزوزة نفسيا/أنثروبولوجيا -جماعة لها مشاكل عميقة في فهم وجودها ومهمتها فوق الأرض- على الامة/الدولة/المعنى.. لدينا أمثلة تاريخية مؤلمة جدا.. أولا الانقضاض الأموي على الدولة و لجوء مافيات البيت الأموي إلى صناعة دين هائل جديد على هامش الدين المحمدي الثوري الاول يكون هو غطائها للنهب و القتل.. ثانيا الانقضاض العثماني على مساحات شاسعة وتثبيتهم لدين "بيضة الإسلام"، الدين الذي برر كل الخواء/الخراء العثماني في كل تلك القرون.. ثالثا الانعطاف الفردي في حكم الحسن الثاني وصناعة أسطورة الإمارة و... رابعا استراتيجيا العهد "الجديد" في صناعة إسلام مغربي يلبي شرط "الجنيدية" أي شرط "تهباط السروال" ( الانبطاح) لآلهة الوقت..
تاريخيا، كان من المستحيل للاستبداد تنفيذ برنامج ابتلاع الدولة/الأمة دون دين متحالف.. هذا هو السبب وراء كل التشوهات التي لحقت بالدين و حولته إلى ألة للقهر/الارهابالانتروبولوجي..
بنيتي، اعلمي انه مباشرة بعد وفاة النبي انطلقت حرب شرسة بين الهاشميين وباقي الفرقاء حول من يملك الحق "الديني" في السلطة.. بعد نجاح الثورة المحمدية، الثورة التي هزت لفترة أركان الديانة القريشية، ديانة التحكم و النهب و الاستغلالات الطبقية العنيفة للبشر، تراجع الهاشميون -أصحاب القوة الاقتصادية/التجارية- و تواروا للخلف للمراقبة.. وبعد موت قائد الثورة، عادوا في محاولة لاستعادة المواقع التاريخية..
ناوروا مع أبي بكر و عمر.. ومروا إلى السرعة القياسية مع عثمان.. في تلك الفترة، اخرجوا كل الانياب القريشية.. حاصروا علي و ياسر و ابي ذر.. حاصروا آخر الثوار.. قبل ان يبدؤوا العملية الكبرى: اعادة رجال البيت القريشي الى الواجهات الكبرى.. ومع معاوية، كانوا قد انتهوا من دفن اللحظة المحمدية..اننا لازلنا نعيش سياسيا/وجوديا في ظلال اللحظة الاموية/القريشية.. كما لو أن اللحظة المحمدية كانت سحابة في قلب صيف قريشي أبدى.. رجال معاوية هو أنفسهم الرجال الذين يحكموننا.. انهم نفس الرجال لكن باستراتيجيات ردع/نهب أشد و أخطر..
ثم هناك شيء أخر..
مباشرة بعد وفاة النبي، دخل اغلب المبشرين بالجنة في حرب طاحنة بينهم/هن على السلطة.. النتيجة: أن قتل البعض البعض الاخر و كفر البعض البعض الاخر و نفى من بقي حيا كل من فلت لالة السحق المترامية.. أنا من الذين يومنون انه من المستحيل التقدم نحو المستقبل دون التفكيك الجذري لأوهام خطيرة لازالت تفعل فعلها في القلب العميق لثقافتنا العفوية.. يجب أن نتوقف فورا عن تقديس افعال بشر كانوا يلعبون لعبة لامقدسة.. يجب فورا أن ننزع القداسة عن أشياء لم تكن أبدا طاهرة.. يجب ان نصدح بها عاليا: هناك فرق شاسع بين النص و التاريخ.. التاريخ اعقد بكثير من النص.. لم نخاف من الهدم؟.. فلربما المبشرون بالجنة أنفسهم لم يكونوا لأن يطلبوا كل هذا التقديس التافه..
بنيتي،
قد يكون هذا المعتقد "الديني" اصل كل اعطابنا: الحياة فوق الأرض ليست سوى ممر، مرحلة زائلة، فانية، ليست هي ما يهم، ما يهم هي الحياة "الأخرى".. لايجب الاكتراث بما يحدث هنا.. يجب الاستعداد إلى ل "هناك".. اتصور ان لا حل لمشكلاتنا السياسية و الوجودية الا باحداث انقلاب "ديني" عميق في رؤيتنا للسماء، للأرض.. نحن ربما "مسلمون"، لكننا مسلمون فوق الارض..
بنيتي، مداخل تجديد الدين كثيرة..
الزكاة التي تبقي على الغني غنيا و الفقير فقيرا ليست بزكاة.. يجب القطع جذريا مع هذا الإسلام الأموي/الطبقي/الفاسي/الفاشي.. الحل هو العدالة الاجتماعية ..
الزكاة هي الالية الدينية لتصريف استراتيجيا قريشية خطيرة.. كان لابد من نحت "شيء ديني" لاعادة انتاج الموقع التاريخي بلا مشاكل.. الزكاة هي الاسلمة الذكية لالية الاستحواذ: الية ندي لمك لكبدة و نعطيك مصاصة.. ( انهب كبدك و أمرر لك حلوى للالهاء)..
بنيتي،
الزكاة التي تبقي على الغني غنيا و الفقير فقيرا ليست بزكاة..
على مدى محاكم البلاد، ملايين المغاربة من الطبقات السفلى للعالم ( مسنون تائهون، مطلقات بلا موارد، مرضى فائضون عن الحاجة، مهددون بالسجن بسبب تفاهات اجتماعية لاتصدق...) في حاجة لمبالغ تافهة لاتتجاوز غالبا 4 أو 5 الاف درهم ليعودوا الى ساحة الحياة..
بنيتي،
الزكاة التي تبقي على الغني غنيا و الفقير فقيرا ليست بزكاة..
من المستحيل تصور الزكاة في الشكل الذي هي عليه الآن.. من المستحيل تصور أن الإسلام جاء ليطلب من مالين لملايريخرجوجوج كيلو ديال الزرع للجيعانينديال العالم ( أن يطلب من "الاغنياء" اخراج حبات زرع تافهة للجوعى) .. من المستحيل تصور ان الاسلام جاء ليحافظ على البنية القريشية للعالم.. لابد وأن هناك شيئا ما ليس على ما يرام..
لابد ان الزكاة الحالية صناعة المافيات القريشية التي صعدت للحكم وكان لابد لها أن تحيد الدين المحمدي الثوري الاول اذا ما أرادت أن تبقى..
أصل الثورة المحمدية هو رفض التراكم.. أصل الثورة المحمدية هو الا شيء يجب أن يبقى في الدولاب.. كل شيء يجب أن يخرج للعالم.. لتحريك الدورة الاقتصادية.. حتى ينتفع الكل.. واذا ما تحقق فائض ما فيجب اعادته فورا الى السوق وخلق دورة اقتصادية أخرى.. أصل الثورة المحمدية هو الحرب على أي شيء قد يؤسس للتراكم جذر التراتبية جذر الاستبداد جذر الشر في العالم..
لذلك فأنا أشك كثيرا في الزكاة كما هي مطروحة الآن.. انها تتعارض جذريا مع النضالات المحمدية.. انها النقيض المطلق ل "ان الذين يكنزون الذهب والفضة فبشرهم بعذاب اليم"... مثلا..
لايمكنني أن اسمي منظر صاحب فيلا واضعا صباح العيد خنشةديال الزرع أمام بابه منتظرا حلول رباعة تاعالجيعانين... دينا.. لايمكنني أن أسمي دينا توزيع الخنشةديال الزرع قبل العودة إلى الصالون الفسيح للفيلا لالتهام صحون الكافيار و البيتزاباعشاب البراري الآسيوية..
بنيتي،
ان الزكاة التي تبقي على الغني غنيا و الفقير فقيرا هي أي شيء إلا زكاة..
الرهان ليس أن نوزع التخربيق على الجوعى.. الرهان هو ان نعيد النظر جذريا في نظام لايتوقف عن إنتاج الجوعى..
هناك الزكاة القريشية/الوهابية/الفاسية.. و هناك الزكاة الجذرية..
الأولى هي الأسلمة الحرفية لاستراتيجيا قريشية معروفة: استراتيجيا نهب الدولة/الامة تم توزيع بعض التخربيق على ملايين الجوعى/ضحايا نظام النهب و الابتلاع.. – حتى يبقوا واقفين من أجل ابتلاع أخر..
اننا نوزع جوج كيلو ديال الطحين لنعوض بها ضحايا نظام النهب/التحويل التاريخي/"الديني" للموارد على ما نخلفهم فيهم من أعطاب كبرى..- لنمنحهم بعض الاوكسيجين المصنع..
الزكاة الجذرية شيء اخر تماما.. انها حرب على المنظومة كلها.. حرب على جذر الشر في العالم: مبدأ التراكم.. هي إيجاد نظام يمنع التراكم من الجذر.. حيث ما هناك تراكم هناك كل الأوساخ السياسية و الوجودية.. عندما تراكم الثروة فإنك تبحث على كل الوسائل لادامتها.. التراكم باختصار هو الجذر العميق للتخريبات الجديدة/القديمة..
وحتى نخرج من ديانة التراكم، يجب ان نحول عميقا في الأهداف التي يجب أن تحركنا.. من يجري وراء التراكم هو شخص مهتز نفسيا – وخطير سياسيا.. الشخص الذي يبحث عن التراكم شخص فارغ نفسيا و مستعد لفعل أي شيء حتى يحس بأي شيء.. الشخص المهووس بالمال هو مشروع الإرهابي/المفترس الكامل.. يجب تربية اطفالنا على أمور أخرى.. ان نربيهم ( وهذا هو اللامفكر فيه حاليا في الاستراتيجيات التربوية، في العائلة و في المدرسة) على أهداف احترام الأرض وسكانها.. هنا، وهنا فقط، نصنع اجيالا تقوم ب" الزكاة" على مدى الساعة، على مدى الحياة.. الزكاة باعتبارها دينا dette تجاه/من أجل كل ما يتحرك فوق كوكبنا..
بنيتي،
القرآن الرسمي ليس هو القرآن المحمدي.. عندما صعد الاميون الى الحكم كان لابد لهم حتى يستمروا في الحكم، اي في الاستئثار بالسلطة و الثروة، أن يصفوا عدوهم الاول، العدو الوحيد و الاوحد: الدين المحمدي الثوري، دين الجماعة و العيش المشترك و الاقتسام و كره التحكم و الحرب على التراكم و الاستغلالات الطبقية للبشر.. نجح الامويون في بناء دين جديد تماما على هامش دين المؤمنين الاوائل.. نجحوا في وأد دين "الايمان هو أن تقول كلمة حق في مجلس حاكم جائر" لصالح دين "الايمان هو أن تومن بالله و ملائكته و..".. استبدلوا دين "الحرب على المنكر عماد الدين" بدين "الصلاة عماد الدين".. رفعوا قضايا النفاس و المضمضمة و الحجاب الى مرتبة الرهانات الكبرى.. أقاموا دين "ان الله يحب أن يرى اثر نعمته عليكم" على أنقاض دين "لا يومن أحدكم ما لم يحب لاخيه ما يحب نفسه حتى و ان صام و صلى و حج"..
من الامور التي لعب فيها الامويون الحج..
في القرأن الحج مفتوح لكل الناس: "و لله على الناس حج البيت"، و " و أذن في الناس بالحج"، و "ان أول بيت وضع للناس ..".. لكن الاستراتيجيا الاموية كانت لها كلمة أخرى.. كم كان الامر سيكون خطيرا على العصابة الاموية ( التي هي ما يحكم العالم المسمى اسلامي الان) أن يأتي الناس من "ديانات/ثقافات/اذواق" مختلفة للحج.. فهم الامويون أن خطر الاخطار أن يخرج الدين من قبضة لاهوت العائلة/القبيلة و يختلط ب"لاهوت" أخر.. في فتح الحج على البشرية خطر أن تدخل "هويات/شرعيات" وتزاحم "الكاميلة"، تزاحم احتكار انتاج/ادارة "الارواح" و بالتالي انتاج/ادارة الارزاق و الاعناق..
الاستراتجيا الثانية لقتل الحج: تذويب الحج في الفكرة القريشية للحج، الفكرة التجارية: الحج هو ارضاء لله في سبيل مقعد في الجنة.. وذلك حتى لاتتفجر فكرته الاخرى.. الفكرة الابراهيمية الثورية.. بالنسبة لي، الحج لا علاقة له بهذه التلاعبات المركانتيلية.. نحن لانذهب الى الحج لشراء تذكرة الى الجنة.. نحن نذهب الى الحج للالتحام بالفكرة الابراهيمية و العودة الى الدار/البلد لاشاعتها بين الناس.. والفكرة الابراهيمية تعني أساسا أننا فوق الارض لاقتسام فرحة العيش معا.. في الافق الابراهيمي ( لا القريشي) نحن نذهب الى الحج لنلتقي اناسا و نتداول في شأن ما يجب أن يجمعنا فوق الارض.. الحج اذن كأكبر برلمان فوق الارض.. أو هكذا يفترض أن يكون.. بطبيعة الحال لم يكن من الممكن للمافيا القريشية أن تترك هذه الفكرة تتسرب.. فالضحية الاولى ستكون هنا هي هذه المافيا نفسها كمافيا ماقبل ابراهيمية، كافرة، عنصرية، دموية، استغلالية..
هذا مثال فقط عن الالغام المزروعة في قلب الدين.. هناك ألغام أخرى تتعلق بحد الكفر، و بالزواج، و بالإرثو.. مهمتنا اعادة بناء البنيات الكلية.. تحريرها من قبضة رجال أداروا أكبر مذبحة دينية/ذهنية في التاريخ الاسلامي..
بنيتي،
لامفر – للمرة المليون- من تفكيك جذور الدين الرسمي..
عند عودتها هذا الصباح من "مصلى" حي الدار الحمراء، انفجرت مي عيشة انتقادا للحالة الكارثية للفضاء الذي أقيمت عليه الصلاة.. حكت لي مي عيشة عن الازبال المتفرقة هنا وهناك وعن الأتربة الخانقة المترامية.. قبل أن تعرج على ملاحظة هي ما يهمنا هنا..
وهي تستعد لإطلاق سجادتها، بادرتها سيدة من الدرب قائلة: "تبارك الله لالة عيشة على هاذ النظام.. شوفي كيفاشجابوالطراكس وقادو الشغل...".. فكانت أن ردت مي عيشة: " واش ماكاتشوفيش الوسخ لي حنا فوق منو.. شوفي غير إلا عفطت التراب يطلع يخنقك..".. قبل أن تعلق السيدة: " تانتيا ختي عيشة كلشيدايز.. مصاب غير الصحة والسلامة..."..
اريدكم أن تتخيلوا معي المشهد.. آلاف المصلين فوق فضاء أشبه بمزبلة لاينظرون إلا نحو الديبليكس الموعودين به في الجنة.. لاشيء يهم هنا: القاذورات، الاتربة، مافيات الجماعة التي تفوتر بعض الأشغال التافهة حتى لا اقول الوهمية بالمصلى بعشرات ملايين السنتيمات.. ما يهم هو ما يؤمنه المؤمن لنفسه وهو يجلس فوق الوسخ العام: " هانتا اسيدي ربي عقل.. ها أنا جيت لصلاة العيد لي هي كاتساوي دار مضخمة فالجنة..".. ما يهم هنا هو الركض النفسي وراء "الربحة"، الفوز العظيم.. أما العالم، أما الخراب، أما الفضاء المشوه، أما سياسات النهب.. فكلها أمور لاتزن شيئا أمام الجاكبوط( الربحة الكبرى)..
بنيتي، انتبهي جيدا الى هذا التدين التجاري، و هو التدين الذي يرجو منه صاحبه – في الوعي أو في اللاوعي لايهم- الفوز بالجائزة الكبرى.. هذا التدين التجاري هو في عمقه استراتيجيا أنانية، رأسمالية، جرثومية: "هانتا شوفني اسيدي ربي، راني كاندير معاك مزيان.. كاندير لي بغيتي و كتار.. كانصلي بأفخم الحوايجو كانفطر المساكين لي كايدقو بابي و كانعتق أي واحد حاصل.. عنداك تقولبنيو ديني لجهنم.. أو تسبق شي واحد ما كايصليش"..
في العمق، التدين التجاري استنبات لالياتانتروبولوجية داخل العلاقة الدينية.. فكما أن المال هو ما كان يبني أو يهدم العلاقة بالبشر، باعتباره هو العامل الحاسم في تشكيل حدود/نوعية هذه العلاقة، فان العلاقة بالله لم يكن من الممكن أن تكون الا على منوال العلاقة التجارية.. لم يقدر الانسان القريشي/القبلي/المركانتيلي تصور علاقته بالمتعالي خارج ما يعيشه في المجال الانتروبولوجي.. هكذا بنت الامة "الاسلامية" القريشية/القبلية في عمقها "دينا" كاملا على صورة رؤيتها الانتروبولوجية..
الثورة الدينية هي الحل.. اننا نفعل الخير لا لكي نربح الجائزة الكبرى.. اذا فعلنا خيرا فليس لكي نكون من ضمن لائحة من يفوزون بالحور.. اذا فعلنا خيرا فلكي نرفع ألما عن شخص مرمي في احد الهوامش المترامية لجهنمنا الارضية.. يهم الله عباده لا عبادته.. مثلما قاله الجبران..
سنبدأ أولى خطوات ولوج العالم عندما نفهم أن الدين ليس هو الدين.. عندما نصل إلى المصلى ثم ننسحب احتجاجا على سياسات الهاوية.. سنلج العالم عندما سنفرض مصلى يحترم شروط التحضر le civisme.. ومع ذلك فهذا في حد ذاته غير كاف.. سنستحق لقب المؤمنين عندما سوف ننسحب اذا ما بدأ الإمام يتقيا خرافاته حول الجنة و الحور و... سنلج التاريخ عندما سنفرض عودة المسجد إلى وظيفته السياسية الاولى: وظيفة احتضان/نقاش ألام الناس و أحلامهم..
عندما وقع الرئيس جفرسون نص استقلال امريكا جاءته سيدة و سألته: " ما هو نوع الحكم الذي سوف تتركونه لنا سيد طوماس؟". كان جواب أول رئيس أمريكي: " انه نظام الجمهورية.. و عليكم أنتم أن تدافعوا عن هذا النظام"..
بنيتي، كوني دوما انسانية.. المعادلة هي هذه: انت انسانية اذن أنت صالحة و ليس العكس..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.