دمنات هذه المدينة التي لم تعد يكفي فيها نعث ~هامشية~ فكلمة هامشي لم تعد تعني البعد الجغرافي أو البعد الطبوغرافي لأن المدينة اتسع قطرها واستوعبت كل ما كان في الهوامش والضواحي من أحياء بسبب ظهور تجزئات وأحياء جديدة ، وظهور أحياء عشوائية في هامشها فقد عرفت دمنات نموا ديموغرافيا مرتفعا، في غياب برامج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التربوية قادرة على استيعاب الحاجيات المتزايدة للساكنة وتحسين مستوى عيشها. فعلى الرغم من مرور أكثر من خمس سنوات على دستور وانتخابات 2011 ونحن على أبواب انتخابات أخرى إلا أن دمنات لم تعرف أي تغيير إن على مستوى البنيات التحتية أو التنمية البشرية . على مستوى الحق في الصحة: استبشر السكان خيرا عندما بوشر بمشروع بناء مستشفى متعدد الاختصاصات في حي إمليل لكن توقف بعد مرور شهور على انطلاقه ، و أدرك الدمناتيون الذين لا تخطيء فراستهم أبدا وهم متأكدون أن هذا المشروع لن يرى النور ، وفعلا كان حدسهم في محله، فقد توقف المشروع لأسباب لم ابحث عنها شخصيا، لإيماني العميق بان هذه المنطقة المحكورة مغضوب عليها ومحكوم على سكانها ان يعيشوا حياة القرون الوسطى وعلى الراغبين في الاستشفاء المتوفرين على الإمكانيات السفر الى المدن البعيدة ، اما الفقراء الذين يشكلون النسبة الكبيرة من الساكنة فعليهم بالشيح وازوكني وترهلة الموجودة بوفرة في هذه المنطقة . لا بد للمرء ان يتساءل ونحن على ابواب الانتخابات ، عن دور أعضاء المجالس المنتخبة والبرلمانيين المحترمين ، لماذا لم يسمع لهم لا حس ولا خبرا حول اسباب توقف هذا المشروع ؟؟؟ فلم نسمع ان هذا الامر طرح في البرلمان لا كتابيا ولا شفهيا ؟؟ إن أهالي دمنات يعبرون عن سخطهم الشديد واليومي جراء تكبدهم عناء السفر ذهابا وإيابا للوصول إلى أقرب مركز صحي في المدن المجاورة. اليس من حق أهل دمنات الاستفادة ولو من جزء بسيط من حقهم الدستوري في الصحة . فبعد 60 سنة من الاستقلال لا تتوفردمنات الا على مركز صحي صغير من مخلفات المستعمر الفرنسي غير مجهز ويفتقر الى الاطر الكافية . على صعيد التجاري والاقتصادي/ السوق الاسبوعي نموذجا سوق الاحد الأسبوعي الذي يدر على البلدية مداخيل مهمة في السنة يشهد فوضى و سوء تدبير، فوضى عارمة داخل السوق، مجازر في الهواء لا تتوفر على ابسط الشروط الضرورية للصحة بنيات تحتية مهترئة رغم انها ابتلعت ملايين الدراهم ، حفر متناثرة هنا وهناك....الأزبال المتراكمة قرب الطاولات الخشبية التي تباع عليها مختلف انواع اللحوم . لا أريد أن أعطي وصفا لهذه المزبلة حتى لا أعكر صفو القارئ الكريم. ناهيك عن تطاير الغبار داخل السوق و البرك المائية التي تطفو على السطح والأوحال عند كل تساقط مطري. بإمكان هذا السوق أن يعطي دخلا اكبر لهذه الجماعة و ينمي مدخولها السنوي لو كانت هناك إرادة حقيقية لدى المسؤولين و توفر لديهم روح المصلحة العامة و التخطيط المحكم و النظرة الاستشرافية لمستقبل السوق و التنظيم الجيد و المراقبة المستمرة الصارمة حيث كان من الممكن أن تكون النتائج جد مرضية. على مستوى الثقافة والرياضة والفن اما بالنسبة للوضع الثقافي والرياضي والفني فتكتنفه مجموعة من المعوقات في مقدمتها انعدام البنية التحتية التي تساعد في تطوير هذا العمل من قاعات العروض، أو مركب ثقافي متعدد الوظائف يكون بمثابة فضاء يستوعب الطاقات لدى أبناء المدينة (مسرح، معارض، ندوات، موسيقى....) غياب المرافق و فضاءا ترفيهية للخدمات الثقافية والتربوية المخصصة للشباب حيث لا تتوفر المدينة إلا على دار شباب صغيرة جدا تحتوي على قاعة عروض صغيرة مقابل حوالي 30 الف نسمة فلا تتوفر دمنات على قاعة للحفلات قادرة على استيعاب حفلات وعروض كبيرة . غياب ملاعب القرب تمكن الشباب من ممارسة هواياتهم الرياضية وحتى ملعب كرة القدم الوحيد المتوفر يتحول الى ما يشبه الاراضي المحروثة في فصل الأمطار رغم التاريخ المشرف لفرق هذه المدينة في لعبة كرة القدم باختصار فإن دمنات تعاني من العديد من المشاكل و الإكراهات ، بدءا بعطالة شبابها من حاملي الشهادات وغيرهم مرورا باهمال ارثها الحضاري والثقافي والبيئي. وانتهاء بلامبالاة السلطات محليا و مركزيا ووطنيا و تلكؤ المنتخبين في البحث عن المبادرات التنموية الكفيلة برفع حالة الإحباط و التذمر التي تعانيها ساكنة المنطقة التواقة إلى التنمية في مختلف ابعادها أسوة بمناطق عديدة من المملكة . ان دمنات تعيش بالفعل وضعا مأسويا على جميع الأصعدة... وما ذكرته في هذا المقام مجرد نقطة من بحر... غير أنه كاف لكشف واقع يعد إدانة صريحة لسنين عديدة تعاقب فيها على تسيير شؤونها جهات بينها وبين المواطنة بون بعيد بعد السماء عن الأرض . دمنات مدينة زاخرة بالثروات التي حباها بها الخالق و خزان متدفق بالطاقات الحية الواعدة، تتوفر على مقومات التنمية في جميع المجالات ، غير أنها ابتليت بمن يفتقدون للحس و الضمير همهم النفخ في أرصدتهم البنكية على حساب هذه المدينة... سعوا ولا يزالون بكل الوسائل لتدمير كل مخطط قد يساهم في تقدم دمنات و تنميتها ،وستظل دمنات تعاني من هذه السلوكات ومن تسلط هذه اللوبيات ما لم تشمر الساكنة وخصوصا الشباب على سواعدهم لأجل تغيير واقعهم المعيشي المر. إن بزوغ فجر جديد يحمل معه رياح التغيير و التطور والمشاريع المساهمة في التنمية البشرية لن يتأتى بالبكاء والنواح على واقع دمنات المؤلم والنقد الجارح وتناول اعراض الناس والتعرض لخصوصياتهم على صفحات الفايسبوك وفي المواقع المنتديات الالكترونية وفي دردشات المقاهي بل ان المطلوب هو الحضور المكثف و العمل المشترك و استنهاض كل الطاقات لدعم النزاهة والاستقامة و الشفافية. وما الانتخابات الجماعية المقبلة إلا فرصة سانحة لن تعوض لسكان دمنات ولشبابها المتذمر بالخصوص لاقتلاع جذور الفساد و التلاعبات المالية و الاستغلال البشع لمقدرات هذه المنطقة.