إنَّ للمرأة مكانة عظيمة في المجتمع و دور أساسي في صنعِ الأمّةِ و بناء أمجادها ، و لمّا لم يجد هؤلاء الأعداء أيَّ ثغرة للدخول إلى الإسلام و عجزوا عن مواجهته بالسلاح ، فَطِنُوا للمكانة التي تحتلها المرأة في الإسلام فأشاعوا و نشروا حول مكانة المرأة في الإسلام الأباطيل و الشبهات و واجهوه بالغزو الفكري و الثقافي الممسوخ و أيقنوا أنّهم متى ما أفسدوا و ضلّلوا المرأة نجحوا و دخلوا إليه من أيّ الأبواب شاؤوا و شوّهوا صورته عند غير المسلمين و شكّكوا المسلمين في دينهم . و ليسَ لنا بُدٌّ سوى أن نبقى نمورُ معهم حولَ هذه الدّوّامةِ موراً ، و ننتفضُ حول هذه الشّمّاعة انتفاضاً في كلِّ سنةٍ مثلَ هذا اليوم (8 مارس). فالمرأةُ قبلَ الإسلامِ كانت سلعة تباع و تُشترى ، يُتشاءمُ منها و تزدرى ، تباعُ كالبهيمة و المتاع ، و تورثُ و لا ترث ، حتى قالوا : لا يرثنا إلا من يحمل السيف و يحمي البيضة. و كان العرب إذا مات الرجل منهم و له زوجة و أولاد من غيرها كان الولد الأكبر أحقُّ بزوجة أبيه من غيره ، و يعتبرها إرثا كبقية أموال أبيه ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان الرجل إذا مات أبوه أو حموه ، فهو أحق بامرأته إن شاء أمسكها ، أو يحبسها حتى تفتدي بصداقها أو تموت فيذهب بمالها. حتى جاءت المنحوتات القديمة في بلاد الرافدين مصورة للمرأة على أنها جسد جنسي تبرز فيه الأعضاء الجنسية كالثديين و الرحم وعضو الأنوثة دون سائر الأعضاء. و ظلت هذه الصورة تتواتر حتى وصلت لوقتنا الراهن الذي أصبحت فيه المرأة المعاصرة في الفن الحديث و الإشهارات و المجلات و السينما عبارة عن جسد شبقي ليس له أيّ وظيفة سوى إثارة الرجل و إغرائه و عرض هذا الجسد على الأزقة و الجرائد للتسويق و التبضيع ، حتى هيمنت في مجتمعنا الذكوري فكرة "تسليع النسّاء" و غلغلت في النساء حتى جعلتهن يتقبلن و يرتضين بهذه الصور الجسدية عنهن. و ما يعضد قولي على أنّ مجتمعنا الحالي مجتمع ذكوري بامتياز - رغم وجود هذه الجمعيات و الهيئات النسوية- هو الخطاب المستعمل في المجال الوظيفي فهي تخاطب بصيغة المذكر " عضو ، مدير ، رئيس..." و قد قرر هذا مجمع اللغة العربية في القاهرة في دورته الرابعة و الأربعين على أنه يجوز "أن يوصف المؤنث بالتذكير فيقال : فلانة أستاذ أو عضو أو رئيس" و استندوا في ذلك إلى عدة نحاة كابن جنيّ و غيره ، حتى الفلسفة الإغريقية ولدت في مجتمع ذكوري و لا تنفك أن تكون ذكورية فنجد سيد الفلاسفة أفلاطون كان يأسف أنه ابن امرأة و ظل يزدري أمّه لأنها أنثى ، و كان يرى أن الحب الحقيقي هو ما كان بين الرجل و الرجل ، و يرى الجمال المبهج في الشبان ، و للمجتمع أن يكافئ الرجال المحاربين بأن يمنحهم النساء جائزة لهم على شجاعتهم. إنَّ جميع الديانات الجبلية طرّاً أكرمت المرأة أيما تكريم و أكمل و أوفى إكرام لها كان آخره من الإسلام حيث جعلها جوهرة مصونة و درّة مكنونة و عرضا يصان و مخلوقا يُرحم ، و لكن الثقافة التي صنعها البشر هي التي أبخست المرأة حقوقها و استحوذت عليها فجعلتها آلة صماء تحركها كيفما شاءت و تفعل بها ما تشاء ، و أن هؤلاء الظلمة الأقزام المستبدين الذين يطربون لسماع الهمس النسائي و الذين ينددون بحقوق المرأة جهارا نهارا و بالمناصفة بينها و بين الرجل بكل حقارة " لا يريدون حريّتها بل يريدون حرية الوصول إليها " كما قال أحد المشايخ . كما أنهم يريدون تذويب الأمة المحمدية حتى تصبح ممسوخة ثم يضعونها في قالب نسخة طبق الأصل للغرب. فموضوع المرأة موضوع ساخنٌ و حيويٌّ لذا أقول لكِ أخيّتي أنَّ حقوقك حدّدها القرآن و قررتها لكِ السنة الشريفة و أنّهم يخدعونكِ بقولهم : أنتِ حرّة..أنتِ مستقلّة..أنتِ أنتِ أنتِ...فما يفعلون هذا إلا لشهواتهم و أهوائهم ، و ما يستغلون جمالك إلا لمصالحهم .