يعاني المواطنون يومياً من مشاكل وتعقيدات مستمرة مع المصالح الإدارية التي يلجؤون إليها اضطرارياً لقضاء حاجياتهم، فإذا كانت بعض الإدارات قد عرفت تطوراً ملحوظاً في منهجية تعاملها، ومستوى تجاوبها مع المواطنين، إما مباشرة أو عبر بواباتها الإلكترونية، فإن عدداً لا يستهان به من الإدارات العمومية وفي مقدمتها الإدارة المحلية التي لها إشراف مباشر على الحاجيات الأساسية للمواطنين، ما تزال تتعامل معهم بأسلوب مناف لضوابط سيادة القانون، ودون احترام لأخلاقيات المرفق العمومي، ودون مراعاة لمبادئ حقوق الإنسان وقواعد العدل والإنصاف.في الوقت الذي تتجه فيه الدولة نحو استراتيجية تحديث وإصلاح الإدارة العمومية وجعلها في خدمة المواطنين. فمغامرة الحصول على وثائق إدارية في بعض هذه المؤسسات لا يمكن أن تنتهي دون حصول تذمر أو تسجيل تحفظ عن سوء الاستقبال أو المعاملة أو المماطلة وإثقال الملف بالوثائق الضرورية وغير الضرورية. الأمر لا يقتصر على المدن الكبيرة التي تعرف اكتظاظاً سكانياً فقط، ما يجعل قضاء حاجيات المواطن بسهولة ويسر أمر بعيد المنال، بل أصبحت المشكلة تمس الجماعات القروية أيضاً رغم قلة السكان بها، حيث تلقينا العديد من الرسائل التي تنطوي على الكثير من التذمر لأصحابها. قمنا باستطلاع لإحدى هذه الجماعات القروية "جماعة دار ولد زيدوح ، قبل دخولنا إلى مقر الجماعة، لاحظنا وجود تجمعات لبعض سكان المنطقة وهم يتأبطون بعض الوثائق، حديثهم لا يخلوه التذمر من سوء استقبالهم وكذا التماطل الذي يلقونه من طرفي مسؤولي الجماعة. دخلنا إلى الإدارة التي تحتوي على بضع مكاتب للخدمات العمومية كمكتب تسليم الشواهد المصادقة على الامضاء وشواهد الحالة المدنية بالإضافة إلى مكتب للإرشادات موصد الأبواب بدون إرشاد، وكذا مكتب من شكله الخارجي يظهر أنه "لرئيس الجماعة المحلية" طوابير مكدسة لنساء ورجال تركوا انشغالاتهم وأعمالهم وسخروا يومهم لاستخراج وثيقة إدارية، فمنهم من جاء من مناطق بعيدة عن مقر الجماعة وعانى تعب التنقل، هؤلاء المواطنون لم يجدوا في استقبالهم سوى موظفين لا يستطيعان تلبية كل طلباتهم . سألنا بعض المواطنين المتواجدين هناك عن سبب أصواتهم المرتفعة التي تدل عن نقم شديد على مسؤولي الجماعة، وعبروا عن استيائهم كون بعض الوثائق لا يوجد من يوقعها مشاكل أخرى تواجه المواطنين يومياً مع الإدارة العمومية، كمسألة تصوير نسخ النماذج والمطبوعات الإدارية التي أصبحت من اختصاصهم. فأصبح من المقبول ومن المسلم به أن يطلب منهم عون سلطة أو موظف من مختلف الرتب أن يخرج عند أقرب كشك أو مكتبة ليقوم بنسخ النموذج المطلوب وبيعه له بمقابل مالي، بينما تتوفر الإدارة على المطبوعات اللازمة، وعلى آلات الطبع، كما أن المواطن يؤدي رسوم الوثائق المطلوبة إلا ما نذر منها. علماً أن منح المواطن نسخة من النموذج ليقوم بنسخها خارج الإدارة والتوسل إليه بنسخ المزيد لكون الإدارة لا تتوفر إلا على تلك النسخة الوحيدة. التعامل الإداري غير المسؤول هذا، يدخل في باب البيروقراطية وإبعاد الإدارة من المواطن، ويستدعي تدخلا حازماً من الإدارات المركزية لتحسين دخول المواطن للإدارة وتخفيف الأعباء والإجراءات الإدارية عليه، وما على السلطات المحلية سوى أن تتحرك في اتجاه العمل على تخليق عمل الإدارة وتحسين خدماتها . صور لطابور المواطنين في انتظار الموظفين بجماعة دار ولد زيدوح هذا الصباح