الأقدار ... مفهوم غيبي غارق في التجريد، نؤمن بها من حيث وجودها، و من حيث كونها اختصاصا إلهيا حصريا ... هي حسابات دقيقة تتعلق بها سعادة الإنسان و شقاؤه، بما لا تخلو معه السعادة و الشقاء من نسبية...و الغوص العميق في تحليلها أضل الكثير من الفرق الكلامية في زمن " الأنوار" العربي، لذلك نحاول هنا فقط إمعان النظر في مفهوم " الندم" و ارتباطه بالأقدار... فالندم من أكثر الأمور التي تؤلم الناس . أشده مرارة الندم على اختيار قد يبدو لصاحبه خاطئا .مرارة الندم تأتي من استحالة الرجوع إلى الوراء، و من استحالة جبر الكسور و تصحيح الأخطاء أحيانا. فالندم بهذا المعنى غير ذي جدوى مادام لن يغير في معطيات الواقع و الزمان شيئا... في الندم رغبة ، ضمنية ، في ضبط قرارات الماضي بنتيجة الحاضر . و هذا مستحيل استحالة استعادة ما فات من الزمن. قد يبدو حمقا أن نضبط حياتنا بقواعد الرياضيات و لكن لنجرب فحسب: إذا افترضنا أن حياة الإنسان خط مستقيم يبدأ بالولادة و ينتهي بالوفاة، و في جوانب هذا الخط أزقة فرعية هي اختيارات الإنسان. لنعبر عن الزمن المتغير ب t لنعبر عن عمر الإنسان ب a تكون حياة الإنسان دالة على شكل :at=(t)f القرار المتخذ في لحظة t تكون نتيجته مستقبلا هي at=(t)f الساخط إذن على نتيجة aT =(T)f نادم ضمنيا على قرار اتخذه في لحظة سابقة T. هو بالتالي يتمنى نتيجة أفضل ať كانت ستحصل لو اتخذ القرار المناسب في لحظة ť. بتعبير رياضي هو يبحث عن الدالة الأصلية للدالة ťa=(ť) f. بلغة الرياضيات: ∫ b+2ťa1⁄2=(ť) f و نلاحظ حسب قواعد التكامل أنه ظهر عنصر جديد هو b. يعني أن الساخط على نتيجة في الزمن الحالي يحاول بنفس منطق و ظروف الزمن الحالي العودة إلى زمن ماض له خصوصياته و ظروفه، ناسيا العنصر b الذي كان عاملا مؤثرا و محددا أحيانا و ناسيا تغير شكل المعادلة ككل... فحتى الراضيات إذن لا تقبل مفهوم الندم... بتعبير بسيط، مثلا الذي يحن إلى زمن الخلفاء و السلاطين و حريمهم و خدمهم و حشمهم، ما يدريه إن عاش في زمنهم قد يكون سلطانا؟؟؟ فربما يكون عبدا مملوكا لأحدهم . خلاصة القول : لا تندم على قرار اتخذته سابقا لأنه كان أفضل قرار في تلك اللحظة التي اتخذته فيها.... لو تفتح عمل الشيطان ، و ما أصابك ما كان ليخطئك. و شقاء اليوم قد يصبح سعادة غدا...