ذ. بدران محمد/بروكسيل سيدي الرئيس،رئيس الجمهورية الفرنسية ،أضع بين يديكم طلب أناس انقضىت حيلتهم ونفذ صبرهم ،لم يبق لهم في هذه الدنيا الجميلة غير شرب هول الأحزان وكؤوس المآسي الغليلة. سيدي الرئيس،لقد توصّلت برسالة قصيرة عبر الإنترنيت من صديقي "زيّاد ميدحوك" شاعر لا يعرف الخوف وأستاذ لغة فرنسية مرموق ومعروف ..يعيش الآن تحت وابل القنابل ،هذه المرة كذلك ومرة أخرى كذلك،ودائما هذه حالته بقطاع غزّة ينام ويصحا كل صباح من جديد على القنابل. صديقي مغلوق عليه مسالم..وليس له وطن،إلا ما يسكن في قلبه من حب غال لهذا الوطن. سيدي الرئيس،توصّلت هذا المساء منه برسالة عبر الإيميل،رسالة مفزعة،رسالة مخيفة أوصافها مشينة حبكتها أياد غادرة سخيفة. حدّتني بأن العمارة التي يسكنها وسط الحارة.. هبت عليها أمطار القنابل بغزارة.أخبرني أنه لا يبكي أبدا، وبكى اليوم دموع جسمه المنهارة. أخبرني أن في هذه العمارة.. التي تتكوّن من 5 طوابق عالية علوّ صمود قاطنيها كبارا وصغارا،لم تعد لعائلة "دالو" وجود أبدا في هذه العمارة التي صارت غبارا متطايرا،12 شهيدا،12 جثة،12 حالة مرعبة.والرؤية بلا روح لبربرية وحشية وقلوب جزّارة... سيدي الرئيس، ليس عندكم وقت.. أعلم..لا أكلّمكم عن الجرحى بالكيف والكمّ..ولا عن فيض الإحساس بالإهانة والظلم..ولا عن الهموم والأحزان والهم.سأكلّمكم عن الأطفال ،ولا شيء غير الأطفال فقط أولئك الأطفال..سيكون عندكم وقت قليل ،للأطفال،لهؤلاء الأطفال المظلومين المُظْلَمين ،الوالجين عن غفلة في حضن الموت المنهار. إنه مهمّ من جانبكم بأن تفكّروا فيهم، وبالضبط فيهم إذ فات الأوان.بالنسبة إليهم لا يمكنكم فعل شيء كزمان..لكنّه بعد ذلك يمكنكم التفكير في الآخرين،حيث يمكنكم فعل الكثير وخصوصا الآن. سيدي الرئيس،لقد رأيت هؤلاء الأطفال..هؤلاء الأطفال الخارجين من الصوّر..الخارجين من تلك الحفر..ومن ذلك الهدم..ذلك القبر..تذكار كان لعمارة للحياة في بداية رحلة الأعمار.أرى بأمّ عيني ذلك المنقذ..ذلك الجار المعتمد..ذلك الوالد(؟) المخرَّب.. وهو يخرج ذلك الجسم المتلاشي بلا خطيئة أو ذنب.في صورة أخرى ،أرى سرير الإسعاف المتحرّك مهدا..ذلك السرير المسكين الصغير جدا..حيث وُضِعوا ملتصقين الواحد بالآخر بنتا وولدا..هذه الأجسام المتناهية الصغر..كيف ينامون،كيف يمس الواحد الآخر ليطمئن من الهول والخطر..كأنه يريد أن يقول لا شيء في هذه الحياة غير الموت والقضاء المقدّر. سيدي الرئيس،لا تقولوا لي بأنكم لا تقدرون على فعل شيء..وتجدون لي أعذارا،وضننا بكم لا يسيء. سيدي الرئيس،أنا مجبر كذلك أن أكلّمكم عن "ناتان بلون" شاب إسرائيلي،ابن 19 سنة يقطن بحيفا.اليوم يتواجد بالسجن شتاء وصيفا.ناتان هذا،لا يعرف بشهادة زيّاد صديقي الذي يعيش في المحن،لكنه يعرف ما يحدث في الخفاء والسكن.ناتان له الشجاعة أن يقول كلمة لا في العلن،بثمن السجن ولم يسكت عن هبوب رياح القذارة والعفن. سيدي الرئيس،لا يمكنكم أن تسمحوا في ناتان،هذا الإسرائيلي الصغير المسالم،وفي نفس الحركة استدر بظهرك إلى أصدقائي الإسرائيليين وكم قاسوا وعانوا من قساوة و مظالم ،اليهود مثلي،الذين لهم الشجاعة والقوة والدهاء لمواجهة هذه الحرب الحمقاء .باسم فرنسا بلدي ..باسم هذا البلد الذي جمع أجدادي بالآمال الكبيرة للحرية والكرامة وضمانا لغد ولدي،يمكنكم اتخاذ موقف..واضح وحازم مشرّف.سيدي الرئيس،السلميون الإسرائيليون ينتظرون منكم..المسالمون الفلسطينيون ينتظرون منكم.لا تترك فاقدة الأمل "ليلى شهيد" المعارضة لحائط الاحتلال لوحدها دون التفاتة منكم وفكّ يديها النحيفتين من ظلم الأغلال . بعد العملية المرعبة"البلومب القاسي" الذي خلّف مجزرة في حق مواطن واحد من كل 1000،خمسة في 1000 من الجرحى »جريمة الحرب ضد الإنسانية «ضد شعب غزّة التي لاحت في الأجواء وفي النهاية لا شيء لا صرامة في تحقيق ولا عزّة،تمّ الصمت وبعد ذلك لا محاكمة ولا وزّة.إذن تعاد الكرّة من جديد ويبدأ البدء، رقصة الموت هذه بأحياء بلا أدنى وعي،أو كرامة،أو إنسانية ومروءة. سيدي الرئيس،الصمت،والإهمال،يطلقان الحيوانات المتوحشة من الخلاء والأدغال، سيدي الرئيس،الصمت جريمة التهاون ،يمكنكم أن تتذكّروا فقط بأن التوبيخ الشفوي يعدّ صمتا،وتهرّبا من المسؤولية وتعاون. سيدي الرئيس، يمكنكم فعلا وضع نهاية لهذا الرعب.يمكنكم التصريح بأن فرنسا لا يمكن أن تسكت أبدا عن مثل هذا الموقف الصعب، كفى من الصمت والإهمال.يمكنكم تأكيد فرنسا بتطبيق القانون الدولي والالتزام، بدون ضعف أو اختلال،حتى تدخل فلسطين إلى الأممالمتحدة،ليتمّ الاعتراف بالحدود الكاملة لأراضي 67 ويعمّ الحقّ وتفرض الكرامة والاحترام . يمكنكم سيدي الرئيس،أن تطلبوا من المحكمة الدولية ،أنه على كل من يرتكب مثل هذه المجازر يجب أن يجيب عن ما اقترفت يداه ويتحمل سوء المخاطر. سيدي الرئيس،السلم يتطلّب الشجاعة،السلم يتطلّب التحديد.السلم يتطلّب القانون والوداعة. وأنتم سيدي الرئيس ،يشرّفكم تطبيق هذا القانون المبتور لتنقذوا حياة شعب وأرواح أطفال كالزهور، ستحملون المكانة والتاريخ لبلدنا وستحكي عنكم أجيال وأزمان كل العصور.فتقبّلوا رسالتي والتفتوا إلى جهة النور فوراء صرختي هدم وخراب..غمّ وعذاب..ودهاليز تعذيب وجثت فاقت ضيقة القبور.. فمتى يزول الحلم وتشرق عيون السلم والسلام؟ وفي الختام السلام.