قال شوقي قديما " قم للمعلم وفيه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا،فبات اليوم رسولا( بضم الراء) بالمعنى الوظيفي ،وكلنا يعلم ما تقتضيه لفظة الرسول من دلالة رمزية ،فالمعلم،أو الأستاذ أو المربي... بمعناه العام هو كل من ينقلنا من حالة اللاتوازن الناتجة عن جهل ما الى حالة التوازن الناتجة عن إدراك أو فهم ما . ففي يوم كرامة الأستاذ تكريم خاص ،ولست بهذه المناسبة بصدد نقاش عقيم لمسألة الحق والباطل ولا لمسألة الحلال والحرام( بالمعنى الفقهي ) ما دام في وعينا الجمعي اصطلاح ما يسمى " بالمشتبهات ما بينهما " ما يدع لمنطقة الإرتياب مجالا واسعا مرنا، ما يبرر لبعض المسلمات أن تفقد خصوصيتها جوهرها متى ارتبطت بسياقات معينة. ،وبصريح القول من العبث أن نكون قوما ، تحكمنا قوانين ترتبط كليا بمزاجية منفذيها،فمطالب الإستاذ مشروعة ولها ما يبررها في غياب نظام أساسي واضح وصريح للوظيفة العمومية ،يسعى إلى تجاوز أزمات التعليم ،وفي حضور لمفاهيم من قبيل:الإستعجال ،التعيين المباشر .... إن ما حز في نفسي و أثار استغرابي وحسرتي، هو تلك الطريقة التي كرمت بها قوى القمع المحسوبة على حكومة بنكيران الأستاذ يومه 26 من مارس 2012م بالعاصمة الرباط :فكما جرت العادة ،ووجه الأساتذة المناضلون بآلة العنف المخزنية بعد مسيرتهم السلمية...، ما جعلني أتساءل: لماذا تبخيس الإنسان في مجتمعنا؟ ،لماذا يتم إعتبار الإنسان حيوانا ذا قوائم أربعة؟ ، تحفيزه أو ثنيهه عن فعل ما متوقف على تعنيفه تعنيفا ماديا – مستحضرا بالمناسبة الكيفية التي من خلالها يعمل راكب الدابة على دفع دابته إلى الهرولة عن طريق وخزها بعصى أو بآلة حادة – ربما أضحت الأمورمختلطة ، إنه ومنذ الأزل تحفظ لنا الفلسفة الرواقية كيف أن " إبكتيت " رفض الإنصياع لسيده حتى عندما بالغ في تأليمه الى أن كسرت ذراع " إبكتيت " دون أن تنكسر عزيمته على الصبر،وعلى المراهنة على ما كان يعتقده ، إن الله من فوق سبع سماوات يقول :" ولقد كرمنا بني آدم وحملناه في البر والبحر ،وفضلناه على كثير ممن خلقنا تفضيلا " مبرر تكريمه وتفضيله تخصيص الله له بعقل دون سواه من المخلوقات ،إن تكريم الإنسان يقتضي التعامل معه بمنطق العقل واستبعاد " العصى" إن سر إزدهار وتقدم عدد من الأمم المعاصرة لما يسمى بدول الجنوب ، هو اهتمامها بالإنسان بإعتباره ثروة لا تضاهيها أي ثروة طبيعية، إذ يقتضي الإهتمام بالإنسان رد الإعتبار له كإنسان ،ولعل كل المقاربات التي اهتمت بالإنسان تلتقي في أن له أبعاد سيكولوجية وسوسيولوجية مسؤولة عما تكون عليه أفكاره ،سلوكاته ،ومواقفه وتفاعلاته مع محيطه، ما يؤثر بقوة وبشكل غير مباشر وصعب الإدراك على الأمة التي ينتمي إليها برمتها ، وللحجة على ما أقول بإمكان القارئ العودة الى ما كتب عن محددات السلوك الإنساني عند عدد من المفكرين من مشارب مختلفة أمثال:" مونتسكيو،فرويد،بيير بورديو،مشيل كروزيه،فريدنبورك،فريدرك تايلور،أبرهام ماسلو،إبتن مايو،بياجي ...وغيرهم من الذين استكنهوا خصوصية الإنسان ،ولم ير أحد من هؤلاء أنه من الضروري تكريم الإنسان بالعصى لتقويم سلوكه وجعله إيجابيا استبشرت خيرا بحكومة السيد بنكيران،ليس لأحكام مسبقة صدرت عن تفكيري و لا لشئ آخر، لكن لأني كنت تواقا إلى التغيير لكونه كمفهوم دال على الدينامية ،على الحياة والحركية ،أو كما قال الإمام الشافعي رحمه الله : والماء يفسده إن سال طاب وإن لم يجر لم يطب ....إلا أن سلوكات من هذا القبيل تكشف أننا لازلنا تحت رحمة "بيروقراطية " بمعناها القدحي المبتذل ولنا كشعب ولحكومتنا كجهاز أن نتأسى ببعض الدول الديموقراطية في تعاملها مع الإنسان،وليس هذا تبجيلا أوتمجيدا مني لها ولا انسلاخا عن هويتي العربية الأمازيغية الإسلامية ،ولكن سياق هذا القول كما قال عمر هوأن :الحكمة ضالة المؤمن ،يأخدها أينما وجدها . إن إعتماد العنف المادي وحتى الرمزي لن يجدي نفعا ،ليبقى الرهان على الحلول العملية الجادة والمسؤلة التي تحقق التحفيز الى جانب الرضى ومن تمة الرقي والإزدهار على كافة المستويات. مراكش في :07/10/2012م