عن عطاء بن رباح قال : حددتني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز ، أنها دخلت عليه فإذا هو في مصلاه، سائلة دموعه، فقالت : يا أمير المؤمنين، ألشئ حدث ؟ قال : يا فاطمة إني تقلدت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم. ففكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعري المجهود، والمظلوم المقهور، والغريب المأسور، وذي العيال في أقطار الأرض، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم، وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم، فخشيت أن لا تثبت لي حجة عن خصومته، فرحمت نفسي فبكيت. من المسئول ؟ سؤال لطالما تردد على فاه كل واحد منا. لكن الرد عليه كان دائما مبهما. أربعة عقود خلت أو أكثر ونحن نردد نفس السؤال. من المسئول عن استقلالنا الناقص أو الأعرج ؟ منحنا الاستقلال بعد تضحيات وتنازلات ومفاوضات غامضة شارك فيها من عهد فيهم الإخلاص للوطن لكن النتائج كانت سلبية و مخيبة لأمال الشعب وانتظارا ته. قبلنا باستقلال وطن مجزأ، وطن فصل منه جنوبه وشماله وكانت صدمة تاريخية.. وبعد الاستفاقة من الصدمة وضعنا السؤال من المسئول ؟ سال مداد كثير حول ظروف المفاوضات، وشكلها و إشكالاتها، لكن ذاكرة التاريخ لا تنسى، وسجل التاريخ الحقيقي لا يعرف الخظأ، وضمير الامة لايغفل ولا يغفر. ما علينا ! أو ما عليهش بالعامية ! عشنا فرحة الاستقلال، ونشوة الحرية، لكنها لم تدم، مرت وكأنها الحلم في أجواء مشحونة بصراعات داخلية وتصنيفات للهوية (وطني و خائن). وجاءت النكسة بعد موت الملك محمد الخامس، تحولت فيها الصراعات الى صراعات حقيقية (صراعات وتطاحنات حزبية و سلطوية). وتعاقبات الحكومات، وتغيرت السياسات، وكنا دائما عند كل إخفاق نضع نفس السؤال من المسئول ؟ طويت صفحة تاريخية، لم تكن فيها الكلمة للشعب. حقبة خط فيها التاريخ صور معانات البلاد من مرارة السياسة الفردية والمفروضة. ووضعنا السؤال ، من المسئول عن هذه الوضعية. وبعد أعراض السكتة القلبية المعلنة من طرف الملك الحسن الثاني التي جاءت نتيجة الأزمات والصدمات التي مرت منها البلاد. دخلنا الإنعاش، منحنا جرعة الأكسجين،واستفقنا، وعاد نبض القلب من جديد إلى حيويته، ووضعنا السؤال : من المسئول عن السكتة القلبية ؟ وبقي السؤال معلقا إلى حين ! وبعد أن سرى دم جديد في شرايين الوطن طفت الفيروسات، والطفيليات وعاودت الكرة ولطخت الدم الصافي وعكرت الجو النقي. (وكانت النكسة المرضية) ووضعنا السؤال : من المسئول عن تنامي هذه الفيروسات والطفيليات ؟ وقلنا فطن الشعب ! أو ربما فطن. وبدأ يسمي الفيروسات والطفيليات بمسمياتها...... أذناب الاستعمار. جيوب المقاومة. أحفاد الخونة. الوصوليون – الانتهازيون. لوبي الفساد. أعداء الإصلاح والتغيير الأحزاب العائلية. الأحزاب المنسباتية. الأحزاب السلطوية. الأحزاب العقائدية. أحزاب التبعية والجار والمجرور. أحزاب گولوا العم زين. الأحزاب ألا أحزاب. واللائحة طويلة.... واكتشف الشعب الداء وقلنا فطن الشعب ! أو ربما فطن وبدأ يسمي الداء بمسمياته ..... ألا ديمقراطية – الاستبداد. الزابونية – المحسوبية. الرشوة – الفساد. اقتصاد الريع – نهب المال العام. الغناء الفاحش – الفقر المدقع. عدل فيه ظلم. القمع – التنكيل. سلب الحرية – الإذلال ومحو الكرامة. الخ.... وتوالت الحكومات الشبه الوطنية، أو الوطنية المخضرمة، والداء هو نفس الداء. كلما جس نبض الوطن وجدناه يعاني ويتألم. وفرضت حتمية الظروف لعرض الوطن على طبيب الأمة. وبعد تقرير طبي حلله خطاب 9 مارس 2011، تقرر إجراء عملية جراحية لجسم الوطن، قيل عنها أنها تمت في ظروف شبه حسنة وسميت بعملية اقتراع 25 نونبر2011 . قد نقول، أن الوطن نجا من السكتة القلبية واسترد عافيته. لكن حتمية وضع السؤال من جديد لازالت واردة. ونعود فنقول : من المسئول ؟ عن إشعال نار الفتنة والاحتجاجات. عن التشكيك في اختيار الشعب واستحقاقات 25 نونبر 2011 . عن التشكيك في حكومة حظيت بمباركة ملك البلاد، وثقة برلمان الأمة. عن وضع العصا في دواليب الإصلاح والتغيير. عن الهروب من المسائلة والحساب. عن زعزعة الثقة في نفوس المواطنين بمستقل وطنهم. التقرير الطبي الجديد يقول : يجب أن نرجع هذا السؤال إلى حين آخر. ( إلى ما بعد الولاية البرلمانية والحكومية، لأن طبيب الأمة يرعى مريضه عن قرب هو وطاقم شعبه الوفي المعالج بعين يقظة و متبصرة). وإلى كشف طبي سياسي آخر بإذن الله. محمد علي انور الرگيبي في 14 فبراير2012