عجيب أمر الرجال في زمكانيتهم ' فمن أمثلتهم ' قول بعضهم "الرجل المناسب في المكان المناسب " و "الرجل الفولاذي" ' الرجل القوي... حتى أضحى الرجال كالمسامير ' يكفي معرفة الامكنة التي يوضعون فيها .الشجاع يبرز في ساحة الوغى ' والسياسي تحت قبة البرلمان ' والمفكر بين السطور أو خلفها ' والرسام في تلاؤم الألوان ' والأستاذ في صنع الأجيال ' والفلاح في استغلال الأرض وكثرة الإنتاج ...أما المسامير ' فقد تبدو منذ الوهلة الأولى متشابهة 'ولا يرى الإنسان العادي أي فرق بينها ' ولكن إن سالت النجار أو الحداد مثلا ' فستجد الفرق بينهما شاسعا ومتباينا ' وخاصة في الأحجام والأشكال' والوزن و الأعداد ... ومن ثمة يصبح إدراك العلاقة بين الرجال والمسامير بارزة ' فالمسمار القوي يستعمل في المكان الصلب ' ويستطيع حمل أثقال و أوزان غير عادية ' وقد يستمر في هذا العمل شهورا وقد يتعدى ذلك إلى سنوات طوال ... يذكرنا هذا النوع من المسامير بالفطاحل والعظام في التاريخ الإنساني أمثال : الرسل والأنبياء ' العباقرة والمفكرين الذي أسدوا خدمات جليلة و رائعة للإنسانية عامة ' وقد يكون هؤلاء ذكرانا أو إناثا . لنأخذ على سبيل المثال وليس الحصر : النبي محمد صلى الله عليه وسلم ' و زوجاته :خديجة ' عائشة ' وابنته :فاطمة الزهراء ' زوجها على بن ابي طالب (كرم الله وجهه) ' باقي الرسل والأنبياء : إبراهيم الخليل ' إسماعيل ' إسحاق ' يعقوب ' عيسى 'موسى 'يوسف ... أما العباقرة والمفكرين ' فحدث ولا حرج كما يقال .أمثال أرسطو 'أفلاطون ' بطاغور' الرازي ' الخوارزمي ' ابن رشد ' جابر بن حيان' المتنبي ' أبو العلاء المعري ' تماد ور بنت عمرو (الخنساء) ' فدوى طوقان ' نازك الملائكة ' طه حسين ' عباس محمود العقاد ' عبد الكريم غلاب ' محمد شكري ' مولود فرعون ' أبو القسم الشابي .... وهناك أيضا نوع من المسامير التي تعرقل الأعمال ' وتسقط القناطر والجسور ' وتغرق البواخر والسفن في أعماق البحار ' ألا وهي المسامير المعوجة والصدئة ' منها الضخمة ومنها القصيرة ' من الضخمة مثلا :المنغمسة في قضبان السكك الحديدية ' والمملوءة بالاسمنت في سطوح العمارات والمباني السكنية ...أما القصيرة – والعياذ بالله – فتكون في الكراسي الخشبية والحديدية القديمة ' والتي تعشق الولوج إلى السراويل الجديدة ' أو الأحذية المتآكلة ... مثل هذا النمط من المسامير' نجده في النساء والرجال ' فكم من أزواج سقطوا في شراك الحبيبات الفاسدات ' وكم من طاهرات غادرن بيوتهن ' جراء كلام معسول لرجال منعدمي الأخلاق والمبادئ الإنسانية . وقد تلاحظ في زاوية غرفة ' مسمارا داكن اللون لم يعره احد أية أهمية ' فانزوى وحيدا في ذاكرة النسيان ' مثله مثل الفتاة العانس أو الأعزب الفخور بنفسه ' فكلاهما تشبث برأيه حتى أضحى وحيدا في هذا الكون 'وقافلة الزمان تسري ' حيث لا يمكن استرجاع ايام الفتوة والشباب ... وعجيب أمر بعض الحكام الطغاة في هذه الأيام الحالية ' فعلا هم يشبهون المسامير القوية ' لكنهم بأفعالهم الدنيئة ' أصبحوا غير صالحين ' فهم إذن مسامير صدئة ' تحتاج إلى مقلاع قوي لإزالتها لأنها لم تعد صالحة الاستعمال ' مثل ما وقع في تونس ومصر ' فان ثبوت بن علي ومبارك في الحكم ' كان قويا دام لدى الأول أكثر من عقدين من الزمن ' والثاني استمر أكثر من ثلاثة عقود ' لكن مقلاع شعوبها كان اقوي واشد منهما. والمضحك في هده المسامير ' هو أننا نجد رهطا منها ' رقيق وقصير جدا ' يستعمل في بعض المناسبات أو بعض الإعلانات ' فتراه –المسمار القصير – متعلق بإطراف الإعلان أو البلاغ ' فرح لقيامه بهده المهمة ' لكن المؤسف له ' أن القراء لهذا الإعلان أو البلاغ لا يعيرونه أي اهتمام ' ومثله في ذلك مثل الموظف الانتهازي الحكومي ' الذي يملا جيبه بدريهمات الفقراء والمحتاجين ' رغبة في التسلق في برج الأغنياء ' ليسقط في الأخير إلى الحضيض ' حين إزالة ورقة الإعلان أو البلاغ . محمد همشة