المهرجان في ابسط تعريفاته : تظاهرة ترفيهية تقام فيها مختلف الفعاليات والأنشطة السياحية والفنية والرياضية والثقافية والتسويقية خلال فترة زمنية محددة ، ويهدف إلى تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية وثقافية وترويحية، وفق شروط وضوابط محددة. ويتطلب تنظيم اي مهرجان: • متخصصين في مجال تنظيم المهرجانات والمعارض • توفر طاقم عمل إداري وفني مناسب. • تقديم خطه متكاملة لتنظيم المهرجان محدداً فيها ما يلي : • إسم المهرجان ومقر تنظيمه • أهداف المهرجان • شعار المهرجان المكتوب ( slogan ) والذي يجب أن يكون معبراً عن أهداف المهرجان بالإضافة إلى الشعار الفني ( logo ) الذي يجب أن يكون مميزاً. • فترة تنظيم المهرجان و المعارض المصاحبة للمهرجان ( سياحي –/تجاري/حرف تقليدية /فنون تشكيلية .....الخ ). • أنواع الفعاليات الخاصة بالمهرجان وتحديد الفرق المشاركة . • التحديد التفصيلي للخطة الدعائية والإعلامية المصاحبة للمهرجان وتحديد الجهات الراعية بمختلف مستوياتها سواءً كانت محلية اوخارجية . وانطلاقا من هذا التعريف اسمحوا لي أن أقتصر فقط عن طبيعة الأهداف الثاوية وراء تنظيم مهرجان دمنات ؟ وما الذي أضافته المهرجانات السابقة من قيمة مضافة لدمنات ؟ ومن المستفيد منها ؟ وهل جمعية مهرجان دمنات امتداد في عمقها للفلسفة التي جاءت بها جمعيات السهول والهضاب التي شهدتها البلاد في سنوات الثمانينات ام هي ابن شرعي للمجلس البلدي ؟ أم هي جمعية مستقلة أهدافها الحقيقية هي المعبر عنها في قانونها الأساسي ؟ عرف مهرجان دمنات الذي يتولى شؤونه أشخاص مقربون من المجلس البلدي بل وأعضاء كاملي العضوية فيه تراجعا ملحوظا، ذلك أن أصداءه لا تتعدى الرقعة الجغرافية لدمنات بفعل انعدام سياسة دعائية إقليمية وجهوية ووطنية وانعدام الإستشهار وغياب مساهمة القطاع الخاص ..... إن مهرجان دمنات في عمقه وفلسفته استمرار للعمل الذي كان يجب أن يقوم به المجلس البلدي -بدون كل هذا اللف والدوران - معتمدا و معززا بجمعيات المجتمع المدني - وما أكثرها في دمنات- والتي تستفيد (أن لم تكن كلها فجلها ) من كثير من الإمكانيات المادية والرمزية والتي أعتبر أن مهرجان دمنات هو المناسبة السنوية لتقديم أرفع إنتاجاتها وخلاصات اشتغالها وبعبارة أدق هو يوم تقدم فيه حساباتها . إن أحد أدوار ومهام واهداف المهرجان هو السعي إلى ملء الفراغ القاتل الذي تعرفه دمنات في مجال التثقيف والتنشيط والترفيه كما أن من أدواره تفعيل أدوار الجمعيات باعتبارها خزانا للنخب ومجالا خصبا للعطاء والإبداع وليست أداة يتم استدعاؤها لتزكية الميوعة والإنحلال ، إن دور الجمعيات بمختلف أشكالها وأولوانها هو الضبط الثقافي والاجتماعي وتنظيم انشطة اشعاعية هادفة نموذجية تحتدى و محاربة احتكار البعض للثقافة والرياضة والفن و...و....و..و....إلخ . لا يختلف إثنان أن استراتيجية احتواء التغييرات الاجتماعية والمساهمة في إعادة إنتاج الثقافة السائدة بدمنات دفعت المجلس الموقر إلى الاعتماد على بعض أعضائه الأوفياء من \"أبناء الدار \" قصد الاستثمار في تأسيس جمعية يعهد لها بتنظيم مهرجان دمنات \" الثقافي والسياحي والفني والثقافي والتكريمي والرياضي والفني و...و...و...و لأن فيه من كل هذا الفنون والمجالات شي بركة ... !!! ومن نفس المنطلق وبنفس الأهداف نجد مجموعة من أعضاء المجلس تتولى تدبير مهرجان ومواسم دمنات عيساوة...... واحمادشة ........ والدقة .....والتبيضة ...... وهو ما سنفرد لها مقالا خاصا في مناسبة لا حقة بحول الله . ولا داعي لذكر أسماء الأعضاء المحترمين الذين يسهرون ....ويضحون ..... والذين ، وبيني/ شخصيا وبين اغلبهم علاقة مودة وصداقة متينة أقول هذا لأنه لا أريد أن يفهم من كلامي بأنني استهدف الاشخاص لذاتهم أو أهدف إلى تصفية حسابات أو أعمل لفائدة أجندة معينة ،بقدر ما أتغيا تناول ظاهرة مهرجان دمنات حبا في هذه المدينة المقهورة المهمشة والمنسية والتي تعاني أكثر ما تعاني من ظلم وجور بعض أبنائها ...... الملاحظ - مع الأسف الشديد -أن مهرجان دمنات لم يستطع تطوير نفسه ولم يحسن الاستفادة من الإمكانيات المادية من جهة والرمزية التي خولتها إياها مواقعها داخل مركز القرار/ المجلس من جهة اخرى ، حيث لم يلعب الدور الإيجابي المنتظر منه في إنعاش المنطقة على مستويات متعددة وإخراجها من العزلة التي تعيش فيها ولم تملء الفراغ الثقافي الملاحظ بها ، وذلك لعجز القائمين على المهرجان على القيام بمبادرات تتطلب مجهودات كبيرة : إما لعدم اقتناعهم بأهمية العامل الثقافي في عملية التأطير والتعبئة وهذا واضح وجلي في النسخ السابقة من المهرجان التي تفتقر إلى البعد الثقافي و التنموي....وإما لكثرة انشغالاتهم ومسؤولياتهم وإما لرفض الجمعيات والفعاليات الثقافية بالمدينة الإشتغال والتعاون معهم .....وإما لثقتهم الزائدة في أنفسهم وقدرتهم بمفردهم على التفكير والإبداع والتطبيق والتنفيذ والتحقيق . . إن ضبابية أهداف هذا المهرجان في نسخه السابقة تتجلى في الفرق الشاسع بين الشعار المعلن والفقرات المقدمة والتي لا تعكس نهائيا الأهداف المعلنة وهذا هو منبع الريبة التي لاحظت أثرها شخصيا في تعليقات المهتمين والمتتبعين وأغلب الدمناتيين الذين كانت لي فرصة مطارحة موضع المهرجان معهم، الجميع يجمع على أن هذا المهرجان يجري وراء أهداف غير واضحة المعالم؛ كما يعتبره البعض مناسبة لهدرا للمال العام الذي يؤديه أبناء الشعب المغربي من الضرائب التي يسددها، لانه مهرجان ينظم وفق مقاسات ليست بالأساس من أجل سواد عيون الجمهور الدمناتي المسكين ، والتواق إلى مهرجان متطور يحكي همومه ومشاكله، ويرفه عنه بطريقة محترمة ليس فيها ميوعة أو ارتجال. غير أن هذه النظرة القاتمة لم تكن نفسها لدى بعض الناس الذين يعتبرون بأن هذا المهرجان بعلاته صورة مضيئة باعتباره أداة من الأدوات التنشيطية التواصلية التي يمكنها أن تساهم في الترويح عن نفس سكان دمنات والمنطقة والترفيه عنهم في غياب متنفسات أخرى، كما يعتبره البعض الآخر محطة فنية وثقافية وجمالية مهمة ودالة تعرف بدمنات والمنطقة ويتمنى هؤلاء تطويره في اتجاه أفضل خصوصا حينما يتم تخليصه من كل ما من شأنه أن يعكر صفوه وأن يُستغَل في اتجاهات غير الاتجاهات الثقافية والفنية والسياحية المسطرة له . أتفق مطلقاً مع من يقول بعدم نجاح المهرجان في نسخه السابقة ، وأعتقد ان الدلائل والمؤشرات سواء فيما يتعلق بحجم السياح الاجانب والمغاربة الذين يتفاعلون مع ذلك المهرجان أو حتى العوائد الاقتصادية لها تؤكد هذا القول؛ وهذا عائد في رايي إلى جانب انعدام الخبرة بل واضمحلالها من مهرجان لآخر، فالمهرجانات السابقة لم تستطع أن تستفيد من تجاربها وتطور نفسها من سنة لأخرى، وهي لا تزال تحتاج إلى التعرف على طرق أكثر فعالية لتحقيق الهدف من تنظيمها، والملاحظ في مهرجان دمنات هو النمطية التي مردها في رايي إلى الإفتقار إلى الأفكار المبدعة؛ لأن الذين يقومون على أمر المهرجان هم في الأغلب نفس الاشخاص ، وليسوا مبدعين. يوجد فرق بين المبدع و....، لهذا السبب فإن مهرجان دمنات يفتقر إلى الإبهار المبدع. إن نجاح المهرجانات يعتمد إلى حد كبير على على نوعية ومستوى الفعاليات المصاحبة لها، سواء كانت ترفيهية أو ثقافية أو اقتصادية أو فنية.. إلخ، وتسبق بداية المهرجان عادة حملةإعلانية ودعائية قوية لجذب الزوار إلى المواقع التي تقام فيها فقرات المهرجان. ما يحدث عندنا في دمنات هو أن السكان المحليين أنفسهم يجهلون تاريخ المهرجان وفقراته ؛حتى يفاجؤوا ذات صباح بالسيد العامل أو من ينوب عنه حاضرا لافتتاح المهرجان بالحلوى والمشروبات والشاي المنعنع وغالبا ما تكون فقرات هذا الإفتتاح غنيية بأنشطة مميزة وما عداها في باقي ايام المهرجان فالأنشطة رتيبة ومملة. يجب على منظمي هذا المهرجان تفهم التغيير الكبير الذي طرأ على رغبات المواطن الدمناتي والزائر ، ولعل هذا التفهم سيقود إلى إعادة النظر في شكل هذا المهرجان وفعالياته وتوقيته، وبالتالي نجاحه في تحقيق أهدافه. إن مهرجان دمنات في حاجة ماسة إلى التجديد لكسر طوق التكرار الممل وعدم التركيز الدائم على نفس البرامج ، والتركيز على شمولية تقديم هذه البرامج بشكل يجعلها أكثر إقبالاً من طرف الجمهور. ان استطلاعات رأي الموطنين يساعد على إحداث التحسينات والتطوير لهذا المهرجان عاماً بعد عام. لأن الملاحظ هو أن مضامين المهرجانات السابقة تائهة، و شعاراتها أكبر مما هو مشاهد، ولا يستطيع أن يفهم أي متتبع من أجل ماذا ينظم هذا المهرجان ، وما هي الغايات الثقافية التي وضعها المشرفون كأهداف يرمون الوصول إليها، ولا اراه - انا شخصيا - إلا مهرجانا فيها خليط غير متجانس من المواد والفقرات ......... وفي الختام ، فمن الأجدر بجمعية مهرجان دمنات ، ويجب أن يجدُر بها، أن تنظم مهرجانها في إطار من مراعاة واحترام للقيم الفنية والثقافية للذاكرة الدمناتية وتعمل – الجمعية- من خلال هذه المهرجان على تحسيس الشباب بالدور المنوط بهم بل وإشراكهم وإقحامهم من أجل الحفاظ على الموروث الثقافي و القيم السامية لدمنات والمنطقة و التي تقترب من الانقراض بسبب الإهمال والتهميش والنسيان ، لقد أكدت السنوات الماضية بأن العدد الكبير من مهرجانات الربيع والصيف تهدر فيها الأموال لا لشيء سوى لمشاهدة بعض الأشكال التي يمجها الذوق ، وحتى لا تبقى هذه الأسطوانة مكررة كل سنة، يلزم على المكلفين بتنظيم مهرجان دمنات أن يقلصوا قليلا من الشطيح والرديح ، وأن يوجهوا نفسهم لخدمة كلمة سامية عظيمة، إسمها الثقافة لأن الهدف بحد ذاته من المهرجان هو الاخذ من من الماضي والحاضر بيد، لنعطي المستقبل باليد الأخرى. والسلام مولاي نصر الله البوعيشي عيون الساقية الحمراء