منار البحر يلقي بضوئه كسهم يلف بكل الجهات... يظهر مرة... ومرة يختفي... واخر البحارة، ربان يتلو خطوه على رصيف الميناء،عند الفجر، يقرأ حلم عبور البحر غدا على مركب أحسن... وفي حال أحسن... وهيهات،... اخر خطوات ربان تسمع على الرصيف، اخر مركب وصل، والليل يحتضر، ماسح أحذية في ركن بالمينا،جنب الرصيف، للتو اقتات نصف رغيف، بارد، مرره بالماء وبقطعة سكر... يتلو وقته على ضوء منار البحر... يضاهي النوم ينتظر، ينتظر ألا يأتي الغد إن كان سيصل... يغفو عندما يختفي الضوء، ويصحو عندما يعود... المينا ظلماء، يعود الضوء مرة...، ومرة ويختفي... وهكذا الأيام، نهار وليل... يتوقف الربان وظله من ضوء المنار، هو الاخر يظهر مرة، ومرة ويختفي ... يطلب من ماسح الأحذية التلميع، ويسأله أصاح يا صاح، ويرد عليه، أنا صاح، يا صاح ويسأله، إلى ما ينظر؟...ويرد عليه، أنظر إلى المنار...ويسأله، وماذا ترى فيه؟...ويرد عليه، أرى فيه ماسح أحذية عظيم، أضخم من الفيلجالس على كرسي من قصب وصغير، بزي محترم، وعلبة نحاسية... وممسحة من خيط الحرير، يلمع حذاء ربان عظيم...ويسأله، وماذا أيضا؟...ويرد عليه، وحسناء في المينا على موعد ببرج المناره، ويسأله، حسناء؟...وأين الحسن هل هو هنا؟...ويرد عليه، بائعة الورد بالمينا...ويسأله، ومع من؟...ويرد عليه... مع ريان كبير أوصتني هذا المساء أن أنتظره، هناك على برج المناره... ولن أنام حتى ألمع حذاءه... ويسأله... هل لمعت حذاء قبلي...ويرد عليه... لمعت حذاءك يا ربان.. فناولني من فضلك سيجاره، خلصت شغلي بالصحة والعافية، فخلصني، خلصني سأصعد بعد قليل بل سأطير إلى برج المناره، وأحلق كما النورس... كما يمامة بيضاء رأيتها منذ قليل تحط بالمينا، تركت مكتوبا على \\\"ورق الطير\\\" وطارت، وطارت الرياح بالمكتوب، ولا أعلم بما جاء به المكتوب... فخلصني سأطير إلى المناره... سألمع حذاء من هي على موعد معه. وأنعم بالموعد أنا وضوء المناره... خلصني سأغمض جفني، سأرتل حلمي، قبل أن يعود ضوء المناره... وكل نساء العالم بمناسبة عيد المرأة إن شاء الله العام المقبل أحسن...أما هذا العام...؟. فالعام الذي قبله كان أحسن...؟