استعدادا لمونديال 2030.. وهبي يوقع ونظيرته البرتغالية إعلان نوايا مشترك    الملك يعين ابنة الحسيمة فاطمة السعدي بلجنة حماية المعطيات    التعاون المغربي الموريتاني يُطلق تهديدات ميليشيات البوليساريو لنواكشوط    ترامب يطلق أكبر عملية طرد جماعي للمهاجرين غير النظاميين    توقيع عقد مع شركة ألمانية لدراسة مشروع النفق القاري بين طنجة وطريفة    كرسي الآداب والفنون الإفريقية يحتفي بسرديات "إفا" في أكاديمية المملكة    الذكاء الاصطناعي.. (ميتا) تعتزم استثمار 65 مليار دولار خلال 2025    على خلفية مساعي ترامب لزيادة حجم الإنتاج...تراجع أسعار النفط    الدرك الملكي يحجز طن من الحشيش نواحي اقليم الحسيمة    "حماس" تنشر أسماء المجندات الإسرائيليات المقرر الإفراج عنهن السبت    دوامة    معرض فني جماعي «متحدون في تنوعنا» بالدار البيضاء    الفنانة المغربية زهراء درير تستعد لإطلاق أغنية « جاني خبر »    رواية "المغاربة".. نفسانيات مُركبة    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    ترامب يرفع السرية عن ملفات اغتيالات كينيدي ولوثر كينغ    مجلس الشيوخ التشيلي يدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء    مهدي بنسعيد يشيد بحصيلة الحكومة ويدعو لتعزيز التواصل لإبراز المنجزات    محاكمة بعيوي في قضية "إسكوبار" تكشف جوانب مثيرة من الصراع الأسري لرئيس جهة الشرق السابق    الصيد البحري : تسليم 415 محركا لقوارب تقليدية لتحسين الإنتاجية والسلامة البحرية    وزارة الشباب تكشف عن "برنامج التخييم 2025" وتستهدف 197 ألف مستفيد    اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس: خطوة أولى نحو السلام أم محطة مؤقتة في طريق الصراع؟    الكعبي يتجاوز مواطنه العرابي … ويدخل التاريخ كأفضل هداف اولمبياكوس في المباريات الاوروبية    إضراب عام يشل حركة جماعات الناظور ليوم كامل احتجاجا على تغييب الحوار    تركيا..طفلان يتناولان حبوب منع الحمل بالخطأ وهذا ما حدث!    السلطات البلجيكية تحبط محاولة استهداف مسجد في مولنبيك خلال صلاة الجمعة    معهد التكنولوجيا التطبيقية المسيرة والمعهد المتخصص في الفندقة والسياحة بالحوزية يحتفيان بالسنة الأمازيغية    العطلة المدرسية تبدأ مع طقس مستقر    تراجع التلقيح ضد "بوحمرون" إلى 60%.. وزارة الصحة في مرمى الانتقادات    "الطرق السيارة" تنبه السائقين مع بدء العطلة المدرسية    عمدة المدينة: جماعة طنجة لن تدخر أي جهد لجعل المدينة في مستوى التظاهرات الدولية وتطلعات المواطنين    اعتقال وحش آدمي تسبب في وفاة ابنة زوجته ذات الثلاث سنوات    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    تعيين الفرنسي رودي غارسيا مدربا جديدا لمنتخب بلجيكا    الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى: مشروع قانون الإضراب غير عادل    بورصة البيضاء تفتتح التداول بارتفاع    الجزائر نحو عزلة داخلية بعدما عزلها العالم    الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة…انتشار حاد لفيروس الحصبة وفقدان أرواح الأطفال    تنفيذا لتعهدات ترامب .. أمريكا ترحل مئات المهاجرين    السكوري: مناقشة مشروع قانون الإضراب تتم في جو عال من المسؤولية    تداولات الإفتتاح ببورصة البيضاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    لقجع ينفي ما روجه الإعلام الإسباني بخصوص سعي "فيفا" تقليص ملاعب المغرب خلال مونديال 2030    العصبة الوطنية لكرة القدم النسوية تعقد اجتماع مكتبها المديري    مايك وان" يُطلق أغنية "ولاء"بإيقاع حساني    سيفعل كل شيء.. سان جيرمان يريد نجم ليفربول بشدة    رقم قياسي .. أول ناد في العالم تتخطى عائداته المالية مليار أورو في موسم واحد    تضارب في الأرقام حول التسوية الطوعية الضريبية    ما هو سر استمتاع الموظفين بالعمل والحياة معا في الدنمارك؟    تألق نهضة بركان يقلق الجزائر    جوائز "الراتزي": "أوسكار" أسوأ الأفلام    الحكومة تحمل "المعلومات المضللة" مسؤولية انتشار "بوحمرون"    عبد الصادق: مواجهة طنجة للنسيان    تعرف على فيروس داء الحصبة "بوحمرون" الذي ينتشر في المغرب    أخطار صحية بالجملة تتربص بالمشتغلين في الفترة الليلية    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاربة بالكفايات (بيداغوجيا الإدماج
نشر في أزيلال أون لاين يوم 20 - 12 - 2008


تقديم
لقد عرفت المقاربة بالكفايات، كمدخل للمناهج والبرامج، تطورا من حيث المفهوم أو من حيث أجرأته عبر الممارسات التربوية المختلفة. وخلال كل مرحلة من مراحل هذا التطور، تم تدقيق مفهوم الكفاية بهدف صياغتها صياغة وظيفية تساعد على بناء أسس نظرية لهذه المقاربة من جهة، ومن جهة أخرى تجاوز النماذج البيداغوجية التي برزت حدودها.
ومن خلال النقاش الدائر حول المقاربة بالكفايات على المستويين الوطني والدولي، والتجارب المعتمدة ببعض الأنظمة التربوية، يمكن القول بأن المناهج التعليمية المعتمدة تنبني على أساس نموذج يمزج بين الكفايات المستعرضة والكفايات النوعية. ويتم التركيز أكثر فأكثر على الكفايات المستعرضة كلما ارتقينا عبر المراحل والأسلاك التربوية.
وتهتم هذه الوثيقة بتدقيق الجوانب العملية الخاصة بالكفايات النوعية، والتي تعتبر كفايات أساسية بالنسبة للسلكين الابتدائي والثانوي الإعدادي. وتهدف إلى تطوير مهارات للفاعلين التربويين في أفق دعم وتنمية كفاياتهم المهنية الأساسية، من قبيل :
- تخطيط التعلمات في إطار بيداغوجيا الإدماج.
- إعداد وضعية-مشكلة.
- إعداد نشاط لإدماج التعلمات.
- إنجاز نشاط للإدماج.
- تدبير مصوغة للعلاج.
- تقويم تعلمات التلاميذ.
وفي هذا الإطار، تتضمن الوثيقة المحاور التالية :
- مفهوم الكفاية وكيفية صياغتها.
- المفاهيم المرتبطة بالكفاية :
§ الوضعية – المشكلة (الوضعية-المسألة) وتقنية صياغتها.
§ القدرة والهدف التعلمي، وعلاقتهما بالكفاية.
- التعلمات الأساسية وتنظيمها لتنمية كفاية.
- أنشطة إدماج التعلمات.
- تقويم تعلمات التلاميذ.
1 مفهوم الكفاية Compétence
1.1 من بيداغوجيا الأهداف إلى المقاربة بالكفايات
لقد ساهم التدريس بالأهداف في تحقيق عدة مكتسبات هامة، منها :
- وعي الأساتذة بضرورة تحديد هدف كل نشاط تعليمي/تعلمي بشكل دقيق.
- ترجمة محتويات التدريس إلى أهداف ووضع خطط دقيقة لتحقيقها.
- تصنيف الأهداف إلى معارف ومهارات ومواقف.
- ضبط عملية التقويم سواء تعلق الأمر بالتقويم التكويني أو التقويم الإجمالي.
- استثمار أدوات ووسائل جديدة للتقويم.
- طرح إشكالية الجودة والفعالية والمردودية من منظور جديد.
وقد برزت، رغم هذه المكتسبات، بعض النقائص للتيار السلوكي، نذكر منها :
- بروز علاقة ميكانيكية بين المثير واستجابة التلميذ، في إطار البحث الحثيث عن سلوكات قابلة للملاحظة.
- تجزيء وحدا ت التعلم إلى مكونات متعددة، تتمثل في ما يسمى بالأهداف الإجرائية مما أدى إلى تفتيت البنية العقلية للتلميذ.
- انعدام التلاؤم بين المكتسبات المدرسية وما يتطلبه حل المشكلات التي تصادف التلميذ في حياته العامة. مما يحول دون استثمار هذه المكتسبات في سياقات مختلفة.
وانطلاقا من الإكراهات الناجمة عن هذه النقائص، انصب اهتمام الباحثين على طرق جديدة للتفكير والعمل. فظهر مفهوم بيداغوجيا الإدماج، والمقاربة بالكفايات كشكل من أشكاله.
1.2 تعريف الكفاية النوعية
عرف مفهوم الكفاية تطورا مهما ساهم فيه كل من البحث التربوي والتجارب الميدانية في بعض الأنظمة التربوية. ويعرف روغيرس[1] الكفاية كالتالي :
\"الكفاية هي إمكانية التعبئة، بكيفية مستبطنة، لمجموعة مدمجة من الموارد (معك؟ارف ومهارات ومواقف)، بهدف حل فئة من الوضعيات-المشكلة \".
يبرز هذا التعريف العناصر الأساسية للكفاية، ومنها :
• إمكانية التعبئة : وتعني توفر الفرد على الكفاية بشكل دائم، وليس عند ممارستها في وضعية معينة فقط. مما يجعل الكفاية ملازمة للفرد و دائما في خدمته .
• الكيفية المستبطنة : وتعني طابع الاستقرار والملازمة اللذان يميزان الكفاية، مع قابليتها للتطوير والدعم من خلال ممارستها عبر سياقات مختلفة.
• حل فئة من الوضعيات-المشكلة : ويتعلق الأمر بوضعيات متكافئة، تتميز بنفس الخصائص (المعطيات، صعوبة المهام، دقة المعلومات المقدمة، ...).
كما نستنتج من هذا التعريف أن الكفاية تستلزم :
• امتلاك التلميذ معارف علمية ومنهجية وكذا مهارات مرتبطة بمحتوى المادة.
• تبنيه لمواقف واتجاهات، تمكنه من اتباع سلوكات صحيحة تجاه ذاته و محيطه
• تمرنه على ممارسة الكفاية في وضعيات متكافئة مختلفة.
• استعداده الدائم لممارسة الكفاية، وتطويره لها باكتساب تعلمات جديدة.
كما أن هذا التعريف يمكن من تحديد مميزات الكفاية، مما يسهل عملية صياغتها ووضع استراتيجية لتنميتها.
1.3 مميزات الكفاية
تتميز الكفاية بخصائص، أهمها : تعبئة مجموعة موارد، الوظيفية، العلاقة بفئة من الوضعيات، الارتباط بمحتوى دراسي، والقابلية للتقويم.
1. تعبئة مجموعة موارد : إذ التمكن من الكفاية يعني امتلاك معارف ومهارات وخبرات وتقنيات وقدرات، ... تتفاعل فيما بينها ضمن مجموعة مدمجة. ولا يعتبر توفر التلميذ على كل الموارد الخاصة بكفاية ما ضروريا.
2. الوظيفية : إن امتلاك التلميذ معارف ومهارات ومواقف يبقى دون معنى إذا لم تستثمر في نشاط أو إنتاج محفز، أو في حل مشكلة تعترضه في المؤسسة التعليمية أو في حياته العامة. وهكذا تمكنه الكفاية من ربط التعلمات بحاجاته الفعلية، والعمل على تلبية هذه الحاجات باستقلالية تامة، ووفق وتيرة خاصة.
3. العلاقة بفئة من الوضعيات : إن ممارسة الكفاية لا يمكن أن يتم إلا في إطار حل فئة من الوضعيات المتكافئة. فالكفاية في مجال ما (مادة أو مواد مدمجة) تعني قدرة التلميذ على حل مشكلات متنوعة باستثمار الأهداف (المعرفية والحس-حركية والوجدانية) المحددة في البرنامج. وتصبح ممارسة الكفاية عبارة عن اختيار الموارد الملائمة للوضعية وترتيبها واستثمارها في اقتراح حل أو حلول متعددة للمشكلة.
4. الارتباط بمحتوى دراسي : ويتجلى في كون الكفاية مرتبطة بفئة من الوضعيات، يتطلب حلها استثمار موارد مكتسبة عبر محتوى دراسي معين. ويمكن أن يندرج هذا المحتوى ضمن مادة دراسية واحدة أو ضمن عدة مواد.
5. القابلية للتقويم : تتمثل قابلية الكفاية للتقويم في إمكانية قياس جودة إنجاز التلميذ (حل وضعية-مشكلة، إنجاز مشروع، ...). ويتم تقويم الكفاية من خلال معايير تحدد سابقا. وقد تتعلق هذه المعايير بنتيجة المهمة (جودة المنتوج، دقة الإجابة، ...)، أو بسيرورة إنجازها (مدة الإنجاز، درجة استقلالية التلميذ، تنظيم المراحل، ...)، أو بهما معا.
4.1 صياغة كفاية
تتم صياغة كفاية باعتبار دقة المصطلحات والطابع الإدماجي للكفاية. وتساهم دقة المصطلحات في توحيد فهم الكفاية من لدن عدة أشخاص. بينما يعمل الطابع الإدماجي على تمييز الكفاية عن هدف تعلمي كالمهارة مثلا. ولتحقيق ذلك، يمكن الأخذ بعين الاعتبار الاقتراحات التالية :
- تحديد ما هو مطلوب من التلميذ :
• نوع المهمة المرتقبة : حل وضعية-مشكلة، إنتاج جديد، إنجاز مهمة عادية، التأثير على البيئة، ...
• ظروف الإنجاز : معاملات الوضعية (سياق، معطيات، موارد خارجية، ...)، سيرورة الإنجاز، الإكراهات، المراجع، ...
- الصياغة التقنية :
• تعبئة مكتسبات مدمجة، وليست مضافة بعضها إلى البعض.
• الإحالة إلى فئة من الوضعيات محددة من خلال معاملات.
• تجسيد الكفاية في وضعيات ذات دلالة (بعد اجتماعي مثلا)، لتصير ذات معنى.
• ضمان إمكانية إعداد وضعية جديدة للتقويم.
• التمركز حول مهمة معقدة.
• القابلية للتقويم.
• الملاءمة للبرنامج الرسمي.
تطبيق 1 :
* اختر مادة (أو جزء من مادة) تدرسها بمستوى معين. اقترح الكفايات (2 أو 3 على الأكثر) التي يمكن أن تغطي مجموع التعلمات الأساسية الواردة في برنامج المادة.
* بين الروابط بين هذه الاقتراحات والكقايات الواردة في الوثيقة الإطار للتوحهات والاختيارات التربوية (الكتاب الأبيض).
2 المفاهيم المرتبطة بالكفاية
انطلاقا من تعريف الكفاية، تبرز أهمية اعتبار القدرة والهدف (معارف ومهارات ومواقف) والوضعية-المشكلة في تنمية وتطوير وتقويم الكفايات. وإذا كانت القدرة تمثل البعد المستعرض للكفاية كما سنرى لاحقا والأهداف تمثل البعد المتعلق بالمادة الدراسية فإن الوضعية-المشكلة تمثل المجال الذي تأخذ فيه التعلمات معنى حقيقيا، يربط بين ما يتم تحصيله من تعلمات، وما يتطلبه حل مشاكل الحياة المهنية أو العامة التي تتسم بالتعقيد. وفيما يلي تقديم لهذه المفاهيم.
1.2 الوضعية-المشكلة Situation-problème
تعتبر الوضعية-المشكلة، في إطار المقاربة بالكفايات، عنصرا مركزيا. وتمثل المجال الملائم الذي تنجز فيه أنشطة تعلمية متعلقة بالكفاية، أو أنشطة تقويم الكفاية نفسها.
1.1.2 مفهوم الوضعية-المشكلة
تتكون الوضعية-المشكلة حسب روغيرس من :
- وضعية (situation) : تحيل إلى الذات (Sujet) في علاقتها بسياق معين(contexte)، أو بحدث (évènement)، مثال : خروج المتعلم إلى نزهة، زيارة مريض، اقتناء منتوجات، عيد الأم، اليوم العالمي للمدرس،...
- مشكلة (problème) : وتتمثل في استثمار معلومات أو إنجاز مهمة أو تخطي حاجز، لتلبية لحاجة ذاتية عبر مسار غير بديهي. (مثال : المشاكل المقترحة في العلوم).
وتحدث الوضعية-المشكلة، في الإطار الدراسي، خلخلة للبنية المعرفية للمتعلم، وتساهم في إعادة بناء التعلم. وتتموضع ضمن سلسلة مخططة من التعلمات.
2.1.2 مميزات الوضعية-المشكلة
تتمثل أهم مميزات الوضعية-المشكلة في كونها :
• تمكن من تعبئة مكتسبات مندمجة وليست مضافة بعضها لبعض.
• توجه التلميذ نحو إنجاز مهمة مستقاة من محيطه، وبذلك تعتبر ذات دلالة تتمثل في بعدها الاجتماعي والثقافي... كما أنها تحمل معنى بالنسبة للمسار التعلمي للتلميذ، أو بالنسبة لحياته اليومية أو المهنية.
• تحيل إلى صنف من المسائل الخاصة بمادة أو بمجموعة مواد.
• تعتبر جديدة بالنسبة للتلميذ عندما يتعلق الأمر بتقويم الكفاية.
وتعمل هذه المميزات على التمييز بين التمرين التطبيقي لقاعدة أو نظرية من جهة، وبين حل المشكلات المتمثل في ممارسة الكفاية من جهة أخرى.
3.1.2 مكونات الوضعية-المشكلة
تتكون الوضعية-المشكلة من عنصرين أساسيين، هما :
1. السند أو الحامل : ويتضمن كل العناصر المادية التي تقدم للتلميذ، والتي تتمثل في :
i. السياق : ويعبر عن المجال الذي تمارس فيه الكفاية، كأن يكون سياقا عائليا أو سوسيوثقافيا أو سوسيومهنيا... ويتم تحديد السياق عند وضع السياسة التربوية (التوجهات والاختيارات التربوية).
ii. المعلومات : التي سيستثمرها التلميذ أثناء الإنجاز. وقد لا يستغل بعضها في الحل فتسمى معلومات مشوشة، تتمثل أهميتها في تنمية القدرة على الاختيار.
iii. الوظيفة : وتتمثل في تحديد الهدف من حل الوضعية، مما يحفز التلميذ على الإنجاز.
2. المهمة : وتتمثل في مجموع التعليمات التي تحدد ما هو مطلوب من المتعلم إنجازه. . ويستحسن أن تتضمن أسئلة مفتوحة، تتيح للتلميذ فرصة إشباع حاجاته الشخصية، كالتعبير عن الرأي، واتخاذ المبادرة، والوعي بالحقوق والواجبات، والمساهمة في الشأن الأسري والمحلي والوطني، الخ.
واعتبارا لهذه المكونات، تأخذ الوضعية-المشكلة دلالة بالنسبة للتلميذ حيث إنها :
• تتيح له فرصة تعبئة مكتسباته في مجالات حياته، التي تعتبر مراكز اهتمامه.
• تشكل تحديا بالنسبة التلميذ، ومحفزا على التعلم الذاتي.
• تتيح له فرصة الاستفادة من مكتسباته، بنقلها بين سياقات مختلفة.
• تفتح له آفاق تطبيق مكتسباته.
• تحثه على التساؤل عن كيفية بناء وصقل المعرفة، وعن مبادئ وأهداف وسيرورات تعلمه.
• تمكنه من الربط بين النظري والتطبيقي، وبين مساهمات مختلف المواد الدراسية.
• تمكنه من تحديد حاجاته في التعلم، من خلال الفرق بين ما اكتسبه، وما يتطلبه حل الوضعية-المشكلة.
4.1.2 وظائف الوضعية-المشكلة
للوضعية-المسألة وظائف عديدة، منها ما يرتبط بالمادة المدرسة، ومنها ما له علاقة بتنشئة المتعلم بصفة عامة. فالنسبة للمادة المدرسة، يمكن للوضعية-المشكلة أن تؤدي :
- وظيفة ديدكتيكية : وتتمثل في تقديم إشكالية لا يفترض حلها منذ البداية، وإنما تعمل على تحفيز التلميذ لانخراطه الفاعل في بناء التعلم.
- وظيفة تعلم الإدماج : ويتعلق الأمر بتعلم إدماج الموارد (التعلمات المكتسبة) في سياق خارج سياق المدرسة.
- وظيفة تقويمية : وتتحقق هذه الوظيفة عندما تقترح وضعية-مسألة جديدة، بهدف تقويم قدرة التلميذ على إدماج التعلمات في سياقات مختلفة، ووفق معايير محددة. ويعتبر النجاح في حل هذه الوضعية-المشكلة دليلا على التمكن من الكفاية[2] .
كما أن للوضعية-المشكلة وظائف أخرى، منها يناء وتحويل وتنمية القيم والاتجاهات، ودعم التفاعل بين المواد، وتنمية القدرة على الخلق والإبداع من خلال الأسئلة المفتوحة.
5.1.2 صياغة وضعية- مشكلة
يتم اكتساب الكفاية من خلال التمكن من الموارد الممثلة في الأهداف التعلمية، والتمرن على إدماج هذه الموارد باعتماد وضعية-مسألة مرتبطة بالكفاية. وتحدد فئة الوضعيات المسائل، أو الوضعيات-المشكلة المتكافئة، الخاصة بكفاية بواسطة وسائط (برامترات paramètres) تدقق نوع وعدد وطبيعة مكونات الوضعية كالسياق أو المعلومات (المكتسبة من خلال التعلم أو المقترحة في شكل وثائق) أو المهمة أو ظروف إنجازها والمعايير التي ستعتمد في تقويم إنتاج التلاميذ. وغالبا ما تتم الإشارة لهذه الوسائط أو لبعضها عند صياغة الكفاية، وذلك لإتاحة الفرصة للفاعلين التربويين لإعداد وضعيات-مسائل مرتبطة بكفاية ما.
تطبيق 2 :
اختر كفاية من بين الكفايات التي اقترحتها في التطبيق 1،
* انطلاقا من التوجهات التربوية العامة (الكتاب الأبيض)، استخرج أهم المعاملات التي تمكن من تحديد فئة الوضعيات-المشكلة المرتبطة بهذه الكفاية.
* صغ مثالين لوضعيات-مشكلة يتعلقان بهذه الكفاية.
2.2 القدرة Capacité
1.2.2 مفهوم القدرة :
يعرف ميريو القدرة كالتالي : \" ... نشاط دهني مستقر وقابل للتطبيق في مجالات مختلفة؛ وتستعمل لفظة القدرة كمرادف للمهارة. ولا توجد أي قدرة في الحالة المطلقة، كما أن القدرة لا تتمظهر إلا من خلال تطبيقها على محتوى\".
ومن الأمثلة على القدرات: التصنيف والتحليل والتركيب والتمثيل,,,, فقدرة التحليل مثلا، لا تتجسد إلا من خلال تطبيقها على محتوى دراسي، كتحليل قياسات، أو تحليل تمثيل مبياني، أو تحليل نص، أو تحليل صورة، أو تحليل خريطة....
وإذا كانت جل القدرات التي تتم تنميتها في التعليم قدرات عقلية، فإن ذلك لا يجب أن ينسينا قدرات أخرى كالقدرات الحس- حركية والقدرات السوسيو وجدانية. وفيما يلي أمثلة لبعض القدرات المتداولة حسب المجالات الثلاثة للشخصية :
• قراءة، تلخيص، تصنيف، مقارنة، جمع، نقد، تركيب (أفكار)، ... وهي قدرات معرفية. وقد وضعت لهذه القدرات عدة صنافات، من أهمها صنافة بلوم وصنافة داينو.
• تمثيل، تلوين، مزج، تركيب (عدة تجريبية)، ... وهي قدرات حس – حركية. ومن الصنافات الخاصة بهذا المجال من القدرات، نذكر صنافة سيمبسون وصنافة هارو.
• إنصات، تعبير، ربط علاقة، ... وهي قدرات سوسيووجدانية. وتعتبر صنافة كراثوول أو صنافة داينو من أهم الصنافات المتعلقة بهذه القدرات.
2.2.2 مميزات القدرة :
إن القدرة بهذا المفهوم، تكتسب وتتطور من خلال ممارستها على محتويات ومضامين مواد مختلفة. فهي إذن :
• مستعرضة : إذ تكتسب من خلال عدة مواد، بدرجات مختلفة.
• قابلة للتطوير : لا تقتصر تنميتها على التعلم النظامي فقط، وإنما تتم خلال الحياة ككل. فقدرة الملاحظة تبدأ عند الرضيع، وتتطور خلال الحياة، لتصبح أكثر دقة وأكثر سرعة.
• قابلة للتحويل : يتم تطوير القدرة من خلال وضعيات، فتتفاعل هذه القدرة مع قدرات أخرى، وينتج عن ذلك التفاعل قدرات جديدة. فالقراءة والكتابة والتصنيف مثلا، قدرات تتفاعل فيما بينها فتفرز قدرات أخرى كالتمييز وأخذ النقط والحوار وتنظيم العمل...
• غير قابلة للتقويم : يتم تقويم ممارستها على محتويات معينة، وفي وضعيات خاصة.
وكما تمت الإشارة إلى ذلك سابقا، تعتبر الكفاية المستعرضة قدرة عامة. فاتباع النهج العلمي مثلا، قدرة يمكن تنميتها من خلال قدرات أخرى قابلة للتطوير عبر مراحل تعليمية متعددة، ومن خلال كل المواد الدراسية.
ويقترح داينو على سبيل المثال خمس قدرات أساسية لاتباع النهج العلمي :
• وضع تساؤلات، تنمية الفضول (poser des questions, être curieux).
• البحث عن المعلومات(chercher des informations).
• معالجة المعلومات(traiter des informations).
• الإخبار بالمعلومات(communiquer des informations).
• القيام بفعل معين، إنجاز مشروع (agir, réaliser un projet) .
تطبيق 3 :
انطلاقا من الكفاية والوضعيتين-المشكلة المتعلقتين بهما ضمن التطبيق 2، وباعتبار برنامج المادة (أو جزء البرنامج) المتعلق بالكفاية، اجرد أهم القدرات التي يمكن اعتبارها ضرورية لتنمية الكفاية.
3.2 الهدف التعلمي Objectif d'apprentissage
الهدف التعلمي هو ممارسة قدرة على محتوى معين، يعتبر موضوع تعلم. فقدرة الكتابة مثلا وقانون ما كموضوع تعلم يمكنان من الحصول على الهدف التالي : كتابة قانون كذا. ويوافق هذا التعبير مرقى الهدف الخاص المعتمد في إطار التدريس بالأهداف. ويبقى من مهمة الأستاذ العمل على أجرأته، لضبط وتقويم وتوجيه كل من أنشطته، باعتباره منشطا ووسيطا، وأنشطة التلاميذ باعتبارهم فاعلين أساسيين في العملية التعليمة-التعلمية.
ويتم تصنيف الأهداف الخاصة إلى معارف ومهارات ومواقف، تبعا لطبيعة القدرة :
1. المعارف(savoirs) : وتتمثل بالنسبة لمادة ما، في ممارسة القدرات المعرفية على موضوع ما للتعلم.
2. المهارات (savoir-faire): وتتمثل في تطبيق قدرة حس – حركية على موضوع للتعلم. ويتم تطويرها من خلال التمرن على تنمية مراحلها في مواضيع تعلم مختلفة. وتتمثل أهمية تنويع مواضيع التعلم في تمييز المهارة عن المعرفة.
3. المواقف والاتجاهات/حسن التواجد (savoir-être): ويمكن الحصول عليها بتطبيق قدرة سوسيووجدانية على موضوع تعلم، كالإنصات إلى اقتراحات النظراء، والتعود على تصفح المنجد للبحث عن معنى كلمة.
3 تنمية وتطوير الكفايات
يمكن تنمية كفاية وتطويرها وفق مسارين: مسار يعتبر مراحل الكفاية وهي عبارة عن مستويات متدرجة. ومسار يعتمد جدول التخصيص.
1.3 مفهوم مرحلة كفاية palier d'une compétence
تتحدد مرحلة للكفاية من خلال المستويات البينية للمضامين، وللأنشطة، وللوضعيات التي تمارس فيها الكفاية. ولتوضيح ذلك، يمكن تقديم المثال التالي :
الكفاية المستهدفة : اقتراح حلول ناجعة لمشاكل بيئية، انطلاقا من وضعية معيشة أو من وثائق تبرز خطورة تلوث الهواء.
• المرحلة 1 : اقتراح حلول ناجعة لمشاكل بيئية، انطلاقا من وثائق تبرز خطورة تلوث الهواء. (تم الاقتصار على نوع محدد من المعطيات التي ستتضمنها الوضعية-المشكلة. ويمكن تحديد عدد وطبيعة هذه الوثائق : نصوص، صور، معطيات إحصائية، الخ...).
• المرحلة 2 : اقتراح خطة عمل للتحسيس بمشكل بيئي، انطلاقا من وضعية معيشة أو من وثائق تبرز خطورة تلوث الهواء. (تم الاقتصار بالنسبة للمهمة، على اقتراح حل واحد).
و يقتصر في صياغة مراحل كفاية على تغيير مكونات الوضعيات المرتبطة بها، وتعقيد المهام المطلوبة تدريجيا. ويتم ذلك من خلال الزيادة في عدد العمليات، أو عدد أو نوع المعطيات، أو مجال المهام المطلوبة، أو حجم الإنتاج المرتقب، الخ...
2.3 جدول التخصيص
يتكون جدول التخصيص (table de spécification) من مدخلين :
• مدخل القدرات الضرورية لتنمية الكفاية. ويتضمن الكتاب الأبيض (الجزء 1) القدرات الضرورية لتنمية مختلف الكفايات المستهدفة (ذات الطابع التواصلي أو المنهجي أو الاستراتيجي...).
• مدخل مضامين المادة الدراسية، والتي ستمارس عليها هذه القدرات.
وبما أن الهدف يتمثل في تطبيق قدرة ما على محتوى معين، فإن خانات جدول التخصيص تتضمن مختلف الأهداف التي توجه الممارسات البيداغوجية، وتشكل الموارد الضرورية التي يتم إدماجها في إطار تنمية الكفاية أو تقويمها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.