ماتت عجوز القرية ..ما من أحد يخبئ أسرارنا ..وجهها الضاحك يخلصنا من الجوع والكآبة معا.. متجلدة..كمَعْلم نحت الدهر ملامحه ..ترفرف كعلم كل صباح تعلمنا العطاء والقول الحسن .."الله يعاونك يا ولدي"..نفتقدها عند المصيبة تلملم الجراح..حين يحل الوقت العصيب (...)
يغرق في تفاصيل الحياة كل يوم..بكاهل مثقل يمسح شوارع مدينته..بقفة فارغة يلمحه ''مكاس السوق'' بعين مائلة .يرق لحاله فيمده بيد العون..يفسح له الطريق...يلتقط نفاية الباعة ..أمشاط بالية وأواني مستعملة وأثواب رثة....في المساء يغرب إلى بيته الهرم في طرف (...)
الورقة الأخيرة
من محفظته الجلدية أخرج أوراق موكليه السبعة...قلبها ورقة ورقة..الورقة الأخيرة بدت رثة تحمل ذكرى مؤلمة ..المتهم السابع أنهى حياته بجرعة سُم قبيل المحاكمة بخمس دقائق.
..............................
خربشات
كلما انزويت وحيدا أستمتع (...)
إنتهى معرض الكتب القديمة ..إمتطيت قطارا ليليا .. مزهوا بأمتعتي ..كنوز من الكتب النادرة لا تثير نُهاب الليل ..إنزويت داخل العربة الأخيرة أقرأ وأقرأ.. في الجهة المقابلة لمقعدي لمحتُ رجلا غارقا في أحلامه ..أخذتني موجة فضول فاقتربتْ ..بدأ الشيخ يسيل (...)
1
جاب أطراف المدينة بحثا عن ملجأ يأويه000
احتل حافلة خربانة في الشارع المظلم 000لما أَسدل الليل ستاره الأخير غزته كلاب ظالة حامت حول حماه...تدفّق دم شرايينه ..انسدت مسامات جلده بعرق الخوف .
.............................
2
ارتمى في أحضان السرير (...)
كعادتها
أمي عند مطلع كل يوم...
تَرشُنا بماء الورد لتغسل بقايا خِدر نُعاسنا اللذيذ ،تحتطب عجلة رفقة شعاع شمس الصباح لتؤوب إلى البيت...
.. ثم يبتلعُها "الحوش" تلهو بضروع الشياه تستدرُ حليبا دافئا ، لتنْكبَ حينها وراء شكوتها الثمينة تنقي زبدة لذيذة (...)
بأحد الشوارع المقابلة لبيتنا تمر سيارة المرسديس...شيخ البلدية ومسؤول الحزب وضابط الناحية في جولة تناجٍ حميمة...السيارة كالشبح تجرُ أعينًا مُتلصصة من المارة مُخلفة زجاجات خضراء تبرق يسارع الأطفال لالتقاطها ..في صباح يوم الجمعة يتجه الثلاثة لأداء (...)
على الرصيف المقابل تماما لمستشفى الأمراض العقلية، تقبع امرأة في عقدها الخامس تستنشق هواءا باردا، تنظر بعصبية حادة إلى البوابة ، ينهرها الحارس فتبعث بابتسامة جافة.. ثم تغوص في همومها.. في اليوم الموالي تعاود نفس الكرّة.. قلبُها ينْشَقُ نصفين على (...)
عم صالح ينحدر من فراشه مبكرا..سحابة غضبه فوق رأسه..يردد تعاويذ الفاقة والعوز...زوجته غليظة الطباع تجعد وجهها من النغص العنيد تَؤُم سبعة أفواه جائعة..
عم صالح كعادته يفرغ خزان همومه بعد صلاة العصر لدى جماعة دكان القرية يرقبونه بشغف وحنين يتدفئون (...)
على مر تاريخ الفكر الإنساني ارتبط الإبداع بالمعاناة والعوز والبؤس وظل المبدع ذلك الإنسان المُبعد المُهمش المُقصى وسادت صورة الفقر وقحط الجيب عن كل صاحب موهبة أو قلم، وتزايدت حالات المبدعين المقصيين عن مسرح الحياة الطبيعية إلى دركات الجفاء الاجتماعي (...)
عبد الدايم بسحنته الصفراء يتدفأ بقليل مما جاد به تقاعده الفرنسي القديم ..يشتري اللحم والخضار من الحي المجاور..يهنأ بزوجة وأبناء ويتنعم برفاهية مطلقة جلبت الكثير من الحساد.
أصحاب الحي من رواد مسجد سيدي بوزيد لم ترقهم حالة عبد الدايم الهنيئة جل (...)
عم بدوي يأكل الخبز على قارعة الطريق قبل أن يصل به إلى البيت ..زوجته "الشبار" تتوعده إن هو مشى محدودبا تريده ممشوق الجسم ليهدم فارق السن ..تتلصص من شرفة العمارة لترصد كل شاردة وواردة.
عم بدوي عاد لتوه من سوق "لاندريولي" محملا بجُل بضائع الأرض هامته (...)
نجاح
تأمل حارة ابن المير الشاهقة... الجدران الملساء والبوابة الفارهة المطلية بلون الذهب..تذكر أيام الركض والولائم الإنتخابية ...أيقن أن المير كان يعرف الحساب جيدا ولم يذهب جهده أدراج الرياح.
رسالة تخرج
أكملتْ أطروحة الدكتورا حول " آفة (...)
يوم تعيس
احتل رصيفا وأثثه بجُل بضائع الأرض ..مر يوم نحس عليه لم يبع إلا رزمة من "الشيح" حاصره المكاس بوجه يشع غلظة..بلغ همه حد لايطاق..مد يده في جيبه فأخرج سيجارة مدكوكة دسها في فمه وأخذ يرفع من درجة حنقه ويزفر دخانه ليحتل هواء المكان ويتقاسم (...)
مناسك
هذا ما حدث ياسادة ياكرام ..في رمشة عين امتطيت الحافلة ..جلس إلى جانبي شاب شعره منطلقا نحو الأعلى أذنيه متصلتين بالعالم الآخر ..رجوته بإشارة أن يكلمني عن عالم الأحياء تمتم متبرما وتابع إحرامه متمتعا بمناسك آخر النهار .
أرق وسهاد
حاصره (...)
قصص قصيرة جدا
الصامت
تأبط كتابا وانسل يحتمي بظل شجرة فارا من حر شديد..تابع همساته الخفيفة..قلب صفحات الحقيقة لم يعثر على شيء جديد ..جاب بناظره عالمه الصغير ..استنطق أسرار نفسه الحائرة ..فضل مبدأ الصمت..فتح الكتاب وفضل محاورة (...)